رئيس المخابرات السعودية في حواره مع "الإندبندنت": 200 مليون دولار من الملك عبدالله لبشار الأسد لوقف الثورة بلا فائدة.. والتدخل الروسي والإيراني في سوريا جاء بعد ضمانة أن واشنطن لن تتحرك

رئيس للاستخبارات السعودية بندر بن سلطان
كتب : سها صلاح

عقب توليه رئيساً للاستخبارات السعودية تحدث "بندر بن سلطان" عن كافة ما دار من حروب و صراعات على العروش وكواليس أزمات الدول العربية مع بعضها البعض ومع امريكا وإسرائيل من جهة أخرى، وجاء ذلك من خلال سلسلة حوارات مع صحيفة "الاندبندنت" اجرتها في 14 ساعة.

وفي الحلقة الحالية،يتحدث "بندر بن سلطان" عن 200 مليون دولار من الملك عبدالله لبشار الأسد، حيث بدأت الاحداث في سوريا بدرعا بعد أن قام بعض الأطفال في سن 12-13 عاما بكتابة بعض العبارات ضد الدولة على بعض الجدران، فقامت الأجهزة الأمنية في سوريا باعتقالهم وتعذيبهم وقلع أظافر هؤلاء الأطفال وأدى التعذيب لوفاة أحدهم واستدعي أهالي الأطفال وتعذيب بعض منهم، بل إن أحد الآباء قيل له : "إذا مَنت قادر تربي أولادك احنا نجيب من أمهم أولاد ونربيهم"، وهذه كانت شرارة المظاهرات التي خرجت لتطالب ليس بتغيير النظام، بل احتجاجاً على ما قامت به الأجهزة التابعة للأسد، والتي قامت بدورها بقمع تلك التظاهرات، التي بدأت تظاهرات تضامنية مع أهالي درعا في المناطق الأخرى وهي أيضاً لم تطالب بتغيير النظام بل باتخاذ إجراءات لكبح جماح الأجهزة الأمنية.

ووفقاً لحديث "بندر" فإن السعودية لم تعلن حينها أي موقف بل أرسلت مندوبين للأسد تطلب منه إنقاذ الوضع ووعده "بشار" بذلك، ولم ينفذ وعده فأرسل الملك عبد الله مندوباً ثانياً يحذر الرئيس بشار من تطور الوضع، وجاء الرد بأنه سيتخذ إجراءات إصلاحية عاجلة، ولكن هذا يتطلب إصلاحات اقتصادية ورفع مرتبات الجيش، فارسلت السعودية له 200 مليون دولار كمساعدة ولكن "بشار" أخذ الأموال دون فعل شيء، ثم انشق رياض حجاب رئيس الوزراء الأسبق، وسمعنا منه العجائب عما كان يحصل داخل النظام، ومن بين تلك الأمور أزمات "دير الزور" فأجاب بشار على "حجاب" أنه يعرف ما يدور في "دير الزور" وهو تحت السيطرة، لذا استقال حجاب.

تراخي أوباما وتدخل الروس في سوريا

كشف الأمير بندر عن معلومات خلاصتها أن التدخل الروسي والإيراني في سوريا جاء بشكل سريع، جاء بعد ضمانة أن واشنطن لن تتحرك، وفي الوقت الذي كانت إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما تتفاوض مع إيران بشأن الاتفاق النووي، كانت الخطوط الحمراء التي رسمها البيت الأبيض أكثر من مرة لرئيس النظام السوري بشار الأسد مجرد فرقعات إعلامية.

ويقول "بندر" عن انطباعه من زيارته الثانية إلى روسيا، بعد الأولى التي قال له بوتين فيها إن بشار سيأتي إلى موسكو زحفاً: "السبب في تدهور الأوضاع في سوريا، وتدخل الروس وغيرهم هو الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وكان الروس يتوقعون جدية من أوباما، وأن الأميركيين ومعهم البريطانيون والألمان والفرنسيون، والدول العربية الرئيسية كمصر والسعودية والإمارات والأردن، وتركيا كدولة إقليمية سيوقفون تجاوزات الأسد، ولم يكن الروس يريدون اتخاذ موقف يخالف هؤلاء جميعا، لكن الروس حين شعروا أن لا جدية من أوباما تحركوا".

4 مكالمات بين أوباما والملك عبدالله عن الأزمة السورية

4 مكالمات عن الأزمة السورية بين الملك عبدالله والرئيس أوباما، يسردها الأمير بندر كالتالي: "المواقف السابقة والمكالمات كانت: المرة الأولى عبر وزير الخارجية جون كيري لتأكيد الموقف الثابت من سوريا، والمرة الثانية عبر وزير الدفاع تشاك هيغل والمرة الثالثة عبر رئيس الاستخبارات ديفيد بتريوس، ولم يحدث أي شيء. والمكالمة الأخيرة والرابعة هي التي قال فيها الملك عبدالله لأوباما إنني لم أتوقع أن أعيش لأرى اليوم الذي يكذب فيها علي رئيس الولايات المتحدة. وكان الملك مذهولاً من خداع أوباما، وكانت مكالمة من الرئيس أوباما تسبق دائماً هذه المواقف ليؤكد موقف واشنطن الثابت من الأزمة السورية، وتحجيم النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط".

ينفي الأمير بندر أنه كان يتجاهل الالتقاء بأوباما، ويقول أن الظروف هي من تسبب بذلك، ويرى أنه ليس نادماً على أنه لم يلتق به، حيث سألته عن معلومات تقول إن الأمير اعتذر أكثر من مرة حين تمت دعوته لاستقبالات أوباما.

بعد حديثه عن أوباما، وقبل أن ينهيه، قال الأمير بندر إن أوباما أعاد المنطقة عشرين عاماً للوراء، وإنه ترك رئاسة الولايات المتحدة الأميركية ومنطقة الشرق الأوسط في أسوأ حالاتها، ثم يسرد عمله مع رؤساء الولايات المتحدة الأميركية ويقول : "عملت مع الرئيس الأميركي جيمي كارتر قبل أن أصبح ملحقاً عسكريا لبلادي في واشنطن، والتقيت به حين كنا في السعودية نعمل على صفقة الـ F15 وعرفَني وأخبرته بأنني قادم للحصول على دورة أركان في إحدى الكليات العسكرية في الولايات المتحدة".

وعن بداية علاقته بكارتر قبل أن يصبح الأمير سفيراً يقول بندر : "اتصل الرئيس كارتر بالكلية العسكرية حين بدأت الدراسة، وتفاجأ قائدها بالرئيس الأميركي يتصل ويطلب أحد الطلاب، وهو أنا.. كلّمته هاتفياً وقال: بندر ، كلمني من هاتف مؤمّن، قلت له: فخامة الرئيس أنا طالب عسكري في الكلية ولا أملك هاتفاً مؤمناً. قال صلني بالجنرال، وتم تأمين هاتف لي. قال كارتر لي "أنا في ورطة" وقتها كان جعفر النميري هو رئيس السودان، قلت ما هي؟ تم الاتفاق بين كارتر والملك فهد – أميراً في ذلك الوقت - والرئيس السوداني على شراء طائرات (F5) للسودان، على أن تدفع السعودية قيمتها ويستفيد منها السودان. الملك فهد كان أميراً وولياً للعهد، وأخذ موافقة الملك خالد، ولم يكن الأمير فهد وقتها مرتاحاً للصفقة، وقال بما أن الملك وافق أبلغوا الإخوة في السودان، وأبلغوا الأميركيين أن السودانيين سيأخذون طائراتهم، ونحن ندفع لهم ثمنها".

ويكمل الأمير بندر : "جاء الرئيس السوداني (جعفر) النميري إلى السعودية والتقى بالملك خالد، واشتكى له من أن الأميركيين يعتقدون بأنكم لا تثقون بنا، لو تعطونا المال ونحن ندفع. رد عليه الملك: هل تريد الطائرات أم ثمنها؟ فكان رد النميري بأن المسألة متعلّقة بالكرامة أمام الناس. وفعلاً، أرسلت السعودية 500 مليون دولار للنميري، ووصلت الطائرات إلى السودان دون سداد قيمتها،وعندما سأل الجانب الأميركي عن ثمن الصفقة ولمَ لم يتم سدادها؟ طالبهم السودانيون بالتوجه إلى السعودية لأخذ المال، وقالوا بأن السودان لا يملك المال".

وهذه هي القصة، حين تواصلت بالرئيس كارتر من هاتف مؤمن، قال إنه يجب عليه تقديم وثيقة البيع للكونغرس، ولا يمكن فعل ذلك دون وصول مبلغ الصفقة وأن الجانب السوداني لم يدفع شيئاً على الرغم من وصول الطائرات للأراضي السودانية. أبلغت كارتر أنني سأذهب للسعودية فوراً وأخبر الملك فهد - ولي العهد آنذاك - وفعلاً ذهبت وأخبرت الملك فهد بالقصة، ونظر إلي وقال بالعامية : "كنت متوقع". اتصل الملك فهد بوزير المالية وقتها محمد أبا الخيل ووجهه بسداد قيمة الصفقة. بعد هذه القصة أصبح هناك تقدير لي ومكانة عند الرئيس كارتر". ونفس الموقع حدث مع الفرنسيين، بشأن منظومة دفاع جوي يمنية تكفلنا بها وأعطينا المبلغ للرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح ولم يقم بالسداد، وسددنا نحن ذلك".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً