اعلان

دين الحاكمية .. بين الأعراف والنساء: هل وقع سيد قطب في شرك أخفى من دبيب النمل (الحلقة الخامسة

كتب :

بين سورة الأعراف وبين سورة النساء يظهر الخطأ الشرعي الكبير الذي ارتكبه سيد قطب بإقحامه لكلمة ليس لها أصل عربي معجمي في اللغة العربية على تفسير آيات القرآن الكريم، فعندما نقل سيد قطب كلمة الحاكمية عن أبو الأعلى المودودي اقترف ما حرص المودودي نفسه على أن يجتبنه طوال الوقت فأقحم سيد قطب كلمة الحاكمية ضمن السياق العام لتفسير العديد من آيات القرآن الكريم بينما ظل المودودي على الدوام مبتعدا باللفظ الإنجليزي للكلمة  

GOVERNCE 

لتظل الكلمة عند المودودي قاصرة فقط على الجدال السياسي بينه وبينه الساسة الهندوك العلمانيين ، بينما ارتكب سيد قطب ما يمكن أن يرقى لمقام الأثم الأعظم بأن تقول على الله سبحانه وتعالى وأقحم الترجمة غير الدقيقة لمفردة  

GOVERNCE 

في سياق تفسير آيات القرآن الكريم بدون أن يكون لهذا السياق الجديد الذي اصطنعه سيد قطب دليل لا من حيث أسباب نزول الأيات ولا من حيث التفسير النبوي لها، ولا حتى من حيث التفسير اللغوي لها.

فماذا فعل سيد قطب عندما فسر الاية الخامسة والستين من سورة النساء وقوله تعالي :   

فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

هذه الأية نزلت فيما قال عنه الإمام الزبير ما غلب عليه ظنه أنها واقعة احتكامه ضد الأنصاري للنبي صلى الله عليه وسلم ثم حكم النبي للزبير وقول الأنصاري قولا أغضب النبي بأنه حكم للزبير بسقيا الماء لقرابته، وحول هذه الواقعة فقد صرح بها الإمام أحمد بالإرسال، وإن كان الإمام أحمد يقول فيها بإنقطاع الرواية بين عروة وبين أبيه الزبير وفي إسناد النسائي فإن عن الزهري يذكر عبد الله بن الزبير ، غير ابن أخيه ، وهو عنه ضعيف

واقعة غير مؤكد علاقتها بسبب نزول الآية 

وفي هذه الواقعة بأكملها فإن صاحب الواقعة وأحد أطرافها وهو الزبير، وهو أيضا الذي قضى له النبى صلى الله عليه وسلم يقول إنه يحسب أن واقعته مع الأنصاري هي سبب نزول الأية، ولكن هو نفسه لم يقطع بصحة هذا السبب، ولم يقل أحد من الثقات من الصحابة أو غيرهم بأن هذا السبب الذي لم يقطع به الزبير بل غلب على ظنه أنه سبب نزول هذه الأية، فهذه الواقعة بأكملها ليست سببا أكيدا لنزل هذه الأية،  وفي كل الأحوال فإن الواقعة كلها تتعلق بقضاء قضى فيه النبى صلى الله عليه وسلم، مع الأخذ في الاعتبار أنه لا يوجد دليل شرعي لا من حديث نبوي ولا من قول مثبت حتي لأحد أطراف هذه الواقعة بأنها هى سبب نزول الأية، وحتى إن صحت الواقعة فهي تتعلق بشأن من شئون القضاء في مصالح المسلمين المرسلة ولا تخص حدا من الحدود الشرعية، ولا حكما نزل من السماء ، فكيف ارتكن سيد قطب إلى هذه الواقعة وعلاقة السبب غير المؤكدة بينها وبين الآية ليخلص سيد قطب في تفسيره لها أن هذه الآية هي المؤسسة لما يقول عنه أنها الحاكمية، وأن من يكفر بالحاكمية فقد كفر بالله، وكأن سيد قطب قد حاول مستخدما مهارته اللغوية والصياغة في أن ينزل الحاكمية التي صكها بغير سند من اللغة ولا من الدين منزلة الدين الذي يوجب الخروج عليه خروجا من الإسلام، وهو الدين الذي أقرنه بعقيدة الحاكمية 

لكن كيف وقع سيد قطب في شرك أخفى من دبيب النمل 

يقول المولى عز وجل في الآية 33 من  سورة الأعراف :  قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ

وفي هذه الأية قرن المولى عز وجل بين الفواحش الظاهرة والفواحش الباطنة والأثم والبغى والشرك بالله تعالي وبين التقول على الله بما لا يعلمه إنسان ، وهذا ما يطرح سؤال آخر عما إذا كان سيد قطب بهذا قد وقع بدون قصد في فخ الشرك بالله وهو الشرك الذي قال عنه رسول الله ﷺ: الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل. 

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً