قناة السويس الجديدة ذراع مصر في الحضن الأفريقي

قناة السويس الجديدة

إذا تتبعنا مسار السياسة المصرية بعد ثورتى 25 يناير و 30 يونيو سنجد أنها تسير وفق منهج إستراتيجى يعتمد على حسابات عقلانية دقيقة تكييف الغايات مع الوسائل المتاحة ، و قواعد سياسية محددة الملامح شديدة الوضوح تعتمد على عصارة العلوم السياسية التى عرفتها البشرية منذ أرسطو وحتى وقتنا هذا ، والتى تؤكد أنه لا يمكن لسلطة أن تجد صفحة سياسية بيضاء تخط فيها ما تشاء و إنما يتحكم فيها عدة عوامل منها صراع مصالح فئات إجتماعية معينة أو ما يعرف بالدولة العميقة ، و صراع مبررات عقلانية مقبولة تصاحب كل قرار سيادى يتبناها رجال الرأى والسياسة وأحياناً العامة ، وكذلك صراع التطلعات الذى لا يمكن أن يتلاقى من تلقاء نفسه ليرضى العامة من الناس ، ونضيف على ذلك أعباء الماضى وسياسته الموروثه والتى لا يمكن لأى نظام فى الواقع السيطرة عليها السيطرة الكاملة ، بل يتم إتخاذها كنقطة إنطلاق جديدة ، وبتطبيق ذلك على فترة الرئاسة الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسي نجد أنها بدأت بحفر قناة السويس الجديدة ، وفترته الثانية بدأت بتولى رئاسة الإتحاد الأفريقي ، فى تسلسل منطقى واضح لمن يجيد القراءة ، فقناة السويس التى تم إفتتاحها فى عام 1869 م ، غيرت الجغرافية المصرية و الأفريقية حيث جعلت من مصر يابستين و بحر ، بعد أن كانت بحرين وييابسة ، وكذلك حولت القارة الأفريقية من شبة جزيرة إلى جزيرة بالمعنى الحرفى ، ولم يدرك من فكر ، ومن حفر ، ومن أحتفل ، بأن هذه القناة ستكون شريان التاريخ لمصر والقارة الأفريقية وأنها ستكون مسرح لصراعات كبرى كما تنبأ الكاتب الفرنسي " أرنست رينان" عندما قال لـ "دى ليسبس" وقت حفر القناة (أنك تحدد موقع معركة كبرى فى المستقبل ) ، و لم تتأخر نبؤة "رينان" حيث فطن ملك بليجكا " لوبيلد الثانى" لأفريقيا فعقد مؤتمر جمع فيه جغرافيى العالم بغرض إستكشاف القارة السمراء و نشر الحضارة فيها وإيقاف تجارة الرقيق المنتشرة فى ذلك الوقت ، وأفضى هذا المؤتمر إلى إنشاء الجمعية الدولية لإستكشاف أفريقيا و نشر الحضارة فيها ، وبدأ الإستعمار الأوربى لأفريقيا من بوابة الكونغو الغنية بالمعادن كالماس والنحاس ، بعدها تكالبت الدول الأوربية على الكعكة الأفريقية بعد مؤتمر برلين عام 1884 م ، عابرين قناة السويس التى كانت ملك لهم ، فالقناة كانت ممر أجنبى على أرض مصرية ، حتى جاء الرئيس جمال عبد الناصر ليستعيد القناة ، ويواجه الشعب المصرى العدوان الثلاثى فى القناة التى تحولت من بوابة إستعمارية إلى مقبرة للإستعمار و توالى بعدها تحرير الدول الأفريقية دولة تلو الأخرى .

صاحب إستعادة القناة فى الخمسينات وصول العلاقات المصرية الأفريقية إلى أعلى مستوياتها ، ثم عادت إلى أدناها بعد إحتلال إسرائيل لسيناء البديل الإستعمارى فى القناة ، وبعد إستعادت مصر للقناة مرة أخرى عادة العلاقات المصرية الأفريقية فى التنامى ، فخطط لمواجهة القناة بطريقة إقتصادية لا عسكرية حيث تم شق خطوط أنابيب لنقل البترول و السعى إلى البحث عن طرق أخرى منافسة لقناة السويس ، حتى تلمست و أفطنت الدولة المصرية وضع القناة الذى أصبح محور رئيسي لا محور أوحد ، وفاعل مسيطر لا فاعل مطلق ، فأعلن الرئيس السيسي عن قناة السويس الجديدة وتعمد عند إفتتاحها أن يركب المحروسة الحضارية مرتدياً الزى العسكرى وفوقه تحلق طائرات الرافال و أسفل قدمه الغواصات ليرسل برسالة للعالم أجمع و أفريقيا خاصة أن مصر تمتلك قناة السويس بعد إستعادة مكانتها السياسية قبل دورها الملاحى ، رسالة فهما الأفارقة فألتفوا حوله و أختاروا مصر لقيادتهم مرة أخرى بأغلبية أقرب للتذكية منها إلى الإنتخاب ، فمن يمتلك قناة السويس يمتلك أفريقيا ، فكانت قناة السويس وبحق رقبة مصر الجغرافية و ذراع مصر فى الحضن الأفريقي

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً