الأسر تنتهج سياسة «إعادة التدوير» لمواجهة جشع التجار وارتفاع الأسعار
ملابس المصريين «البركة فى القديم»: «اللى فى الدولاب أحسن من الجديد»
تجار: «الحالة نايمة.. واللى تعوزه مصر يحرم على البيت»
إذا كنت تعول أسرة فإنك مطالب بتلبية احتياجاتها، سواء ما يريد الأبناء أو تريده الزوجة، ولأن رجال مصر معروفون بـ«الكرم» و«الشهامة»، فإنهم لا يتوانون لحظة فى تلبية احتياجات أبنائهم حتى ولو كان على حساب أنفسهم، فى الفترة الأخيرة أصبح الآباء أنفسهم فى حالة يرثى لها، فكثير من الأحيان لا يستطيعون شراء ما يريده أسرهم من مستلزمات يسميها البعض «رفاهية» ويسميها آخرون «أساسيات حياة».
محاولات من الدولة لضبط الأسعار، وإقامة «أوكازيونات» مخفضة للتخفيف عن كاهل المواطنين، لكن دون جدوى فالحالة الاقتصادية للأسر وللمواطنين أصبحت صعبة للغاية، ولا يقوون حتى على بعض أساسيات الحياة من ملبس ومشرب.
رب أسرة: «الحكاية بقت على الحديدة»
«الحكاية بقت على الحديدة»، بهذه الجملة بدأ محمد عبد النعيم، رب أسرة، كلامه عن أحواله المعيشية، قائلا إنه أصبح يعمل عملين فى اليوم لكى يستطيع أن يجيب متطلبات أولاده الصغار.
وأضاف عبد النعيم، أنه يعمل «عامل» فى مدرسة حكومية نهارا، وبعد الظهر يعمل «أرزقى» على باب الله، لكى يستطيع أن يكفى متطلبات أسرته وبيته.
وبوجه شاحب وصوت يملؤه الحسرة، يقول عبد النعيم، «الولاد بيكبروا كل يوم عن اللى قبله، وعينهم بتتفتح على الدنيا، ولازم يكون فيه دخل إضافى، لأننا هنتسأل عن ولادنا دول».
صاحب محل أحذية: «عاوز أقفل المحل بس مش بفهم فى حاجة غير الجزم»
وعن حالة البيع والشراء، يقول على حسن، صاحب محل أحذية بوسط البلد، إن حالة البيع والشراء أصابها الركود فى الفترة الأخيرة، وأصبح الناس غير مقبلين على الشراء مثل السابق، وهذه للظروف المعيشية والرواتب المتدنية التى يتقاضاها البعض.
ويضيف حسن، «الأول كان الأب يجى يشترى لأولاده بدل الجزمة اتنين وتلاتة دلوقتى بياخد واحدة كل سنة مرة وبيقول لابنه أنت عندك جزمة فى البيت ابقى البسها»، لافتا إلى أنه يفكر أكثر من مرة فى تغيير مجاله وغلق المحل: «بس هروح فين مش بفهم فى حاجة غير الجزم».
شعبة الأحذية باتحاد الغرف التجارية: «ملناش ذنب.. وأسعار الخامات غالية»
فى السياق ذاته، قال يحيى أبو حلقة، نائب رئيس شعبة الأحذية الرجالى باتحاد الغرف التجارية، إن هناك عدة مشكلات يعانى منها سوق الأحذية بمصر وهى قلة واختفاء بعض المستلزمات الخاصة بالتصنيع والإنتاج وذلك بسب صعوبة ومشاكل الاستيراد.
وأضاف أبو حلقة، أن ارتفاع الأسعار فى السوق المصرى حاليا بسب ارتفاع سعر الخامات وهذه المشكلة ليس لها علاقة بالتجار أو بالمصانع، وسعر التكلفة أصبح الضعف بارتفاع سعر الخامات وندرتها، وعلى الرغم من هذا ما زال الحذاء المصرى ينافس أحذية العالم وهو الأرخص بينهم، ولكن المصريين لا يقبلون على الشراء مثل السابق لظروف معيشية.
مجلس تصديرى الجلود: سوق الأحذية غير مبشر.. وهناك حالة كبيرة من الركود
وقال شريف يحيى، نائب مجلس تصديرى الجلود، إن الوضع الحالى فى سوق الأحذية غير مبشر على الإطلاق وهناك حالة كبيرة من الركود بسب الأحوال الاقتصادية العامة.
وأضاف يحيى، أن هناك عدة مصاعب تواجه سوق الأحذية أهمها ارتفاع أسعار الخامات الأولية الخاصة بالتصنيع علاوة على ذلك ارتفاع أسعار الجمارك، وهذه من المشاكل الذى يصعب حلها.
وأوضح، أنه يظن بعدم وجود حلول مباشرة فى الوقت الحالى ولكن كل ما على الجميع فعله هو التفكير فى المصلحة العامة وليست المصلحة الخاصة حتى تدور عجلة الإنتاج مرة أخرى ويعم الخير على الجميع مع أخذ المواطن فى الاعتبار أولا.
محاولات لتخفيض أسعار الأحذية خلال الفترة المقبلة
وأكد يحيى، أن مصر معتمدة بشكل كبير على استيراد المواد والخامات الإنتاجية من الخارج وهناك اعتماد ضئيل على المواد الداخلية التى أصبحت بأسعار مضاعفة نتيجة لقلة الاستيراد.
وأردف، أن هناك مبادرة تقوم بها الشعبة فى الأيام المقبلة تستهدف فيها توصيل الحذاء بسعر مناسب للمواطن المصرى وسيتم عمل مكان مخصص للبيع وذلك بالاشتراك مع عدد من التجار والمصانع.
تجار «شنط»: «الناس بتكفى نفسها بالعافية»
علاء على، صاحب محل «شنط حريمى»، فى منطقة المهندسين، يشتكى حاله أيضا من تراجع أسعار البيع والشراء رغم التخفيضات التى يقدمها من فترة لأخرى: «مفيش فايدة.. الناس بتكفى نفسها بالعافية، واللى معاه قرش دلوقتى بيشترى بيه أكل أو بيحوشه لوقت زنقة».
يستكمل علاء: «طب أعمل إيه، الأسعار غالية على وعلى الزبون، وأنا مليش ذنب فى حاجة، لكن زى ما بيقولوا السيئة بتعم والحسنة بتخص»، متمنيا أن تعود حركة البيع والشراء كما كانت فى السابق.
وقال خليفة هاشم عبد الهادى، عضو مصنع كليوباترا للشنط، إن هناك حالة من الركود غير مسبوقة تعم الآن على سوق الأحذية والشنط وذلك بسب تراجع المواطن عن الشراء.
وأضاف هاشم لـ«أهل مصر»، أن المواطن امتنع عن الشراء بسب زيادة الأسعار والمتسبب بها هم التجار الذين أصبحوا يضيفون نسبة ربح تصل إلى 110% وهذه نسبه مبالغ فيها للغاية ولن تشهدها الأسواق من قبل حيث كانت أعلى نسبة ربح فى الأوقات السابقة لا تتعدى 29%.
وأوضح، أن الحال فى الأسواق لن ينصلح إلا بفرض رقابة صارمة على التجار وتحديد لهم نسبة الربح التى تناسب دخل المواطن، كما أن جميع المصانع اضطرت إلى البيع بنفس أسعار السنة الماضية هذا العام وذلك بسب الركود المستمر، ولا بد من وقفة من الدولة على رقابة أسعار التجار ومواجهة جشعهم وإلزامهم بالسعر المحدد من قبل المصنع.
تاجر ملابس: «الله يكون فى عون الناس.. والزبون بيفاصل لحد ما يلغى المكسب»
أسواق الملابس ومحلاتها لم تكن بمنأى عن الركود الذى أصاب الأسواق فى الفترة الأخيرة، فيقول سليمان متولى، تاجر ملابس، وصاحب محلات فى منطقة الهرم: «مبقتش أجيب بضاعة زى الأول، كل حاجة نار، وحتى الراجل اللى كان بيشترى لبس لمراته عشان تحبه مبقاش موجود دلوقتي»، مؤكدا أن الملابس كانت تباع فى موسمها دون تأخير، أما الآن صار الشتوى بنتظر فترة كبيرة حتى يباع ومن الممكن أن يبقى للموسم التالى.
وأضاف متولي، أنه لكى يستطيع التغلب على حالة الركو العام لجأ إلى البيع بالتقسيط لكى يخفف عن الزبائن: «هما هيعملوا إيه بس، الله يكون فى عونهم».
أما فى منطقة العتبة «مول الغلابة»، لم يختلف الحال كثيرا، فباعة الملابس الجائلين، يصيحون بأعلى صوتهم لجلب الزبون، ولكن الزبون أصبح «بيفاصل لحد ما يلغى مكسبنا» على حد وصف محمود أحد الباعة هناك.
جمعية منتجى الملابس: التجار والمصانع يعانون من ارتفاع أسعار القماش
فى هذا الصدد، قال يحيى زنانيرى، رئيس جمعية منتجى الملابس الجاهزة، ورئيس لجنة الجمارك باتحاد الغرف التجارية، إن ضعف القوة الشرائية وزيادة الأسعار هما المتسبب الأول فى حالة الركود التى تشهدها الأسواق المصرية الآن، كمان أن الوضع أصبح مستنفذ جميع الخطط والبرامج المستهدفة لتحسين حركة البيع والشراء.
وأضاف زنانيري، أن التجار والمصانع يعانون أيضا من ارتفاع أسعار القماش والخيوط والجمارك التى تعود عليهم بنتائج سلبية، كما أن المواطن المصرى لديه أساسيات حياة مولى وجهه عليها بشكل منتظم مثل المأكل والمشرب والعلاج، فكل من المنتج والمستهلك لديه عذره.
وأوضح زنانيزى، أن حال سوق الملابس الجاهزة لن يتحسن إلا ف حالة انتعاش الاقتصاد المصرى ككل، لأن سوق الملابس جزء لا يتجزأ من الاقتصاد المصرى الذى يؤثر ويتأثر بالاقتصاد العالمى والجمارك وحركة التصدير والاستيراد، وهذا ما نراه الآن.
وكانت وزارة التموين والتجارة الداخلية، أعلنت عن الأوكازيون الشتوى اعتبارا من 14 يناير الماضى، ولمدة شهر فى مختلف المحافظات، ولكن بسبب ضعف الشراء تم مده شهرا آخر بقرار من وزير التموين على المصيلحى، على أن يقوم المحل الراغب فى الاشتراك بالحصول على موافقة مديرية التموين والتجارة الداخلية التابع لها، والواقع فى دائرتها المحل التجارى للمشاركة فى الأوكازيون الشتوى.
نقلا عن العدد الورقي