يُعد معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الجديدة الـ24 والتي دشنها الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني وزير الإعلام، بمركز عمان للمؤتمرات والمعارض، عُرساً ثقافياً يتجدد باستمرار لينهل منه المُتعطشين إلى الفكر والثقافة والأدب والفن، وسط مناخ من الحرية المسئولة والفكر المستنير البعيد عن المصادرة.
وبات المعرض واحدا من المعارض المهمة على المستويين الخليجي والعربي، إذ يعتبره المثقفون إطلالة حضارية وثقافية عُمانية متجددة على العالم، يعرضون خلاله إبداعاتهم الأدبية والثقافية دون حظر أو تقييد، وتشهد هذه الدورة مشاركة 882 دار نشر من 30 دولة يقدمون أكثر من 523 ألف عنوان.
تهدف سلطنة عُمان من تطوير مناشط وفعاليات معرض مسقط للكتاب عاماً تلو الآخر إلى بناء وصياغة عقلية الانسان بما يتواكب مع التقنيات الحديثة والتدفق المعلوماتي في عصر أصبح فيه العالم عبارة عن "قرية كونية" من خلال شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت" والتي صاحبها التطور غير المسبوق في الإعلام الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي من تويتر وفيس بوك وغيرها من الأدوات العصرية الجديدة.
وتحرص سلطنة عُمان على إتاحة مختلف المعارف في العلوم الاجتماعية لجذب جميع المواطنين من الشباب والكبار إلى حضرة الكتب والثقافات بصورة مثلى من أجل صقل مواهب وقدرات وثقافات مواطنيها بحرية وشفافية، باعتبار أن عُمان بوتقة للجميع بتنوع أفكارهم التي لا تصادر على فكر ورأي الآخرين.
السلطان قابوس: " نحن لن نسمح بمصادرة الفكر. أبدا".
فحرية الرأي وعدم مصادرة الفكر نهج أصيل اعتمده السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان، حينما قال" نحن لن نسمح بمصادرة الفكر. أبدا".وأكد على هذا المبدأ لدى افتتاحه الدورة الخامسة لمجلس عمان عام 2013، حيث قال:" نحن نؤمن دائما بأهمية تعدد الآراء والأفكار، وعدم مصادرة الفكر، لأن في ذلك دليلا على قوة المجتمع، غير أن حرية التعبير لا تعني قيام أي طرف باحتكار الرأي، ومصادرة حرية الآخرين في التعبير عن آرائهم، فذلك ليس من الديمقراطية ولا الشرع في شيء، كما لا يمكن السماح بالتطرف والغلو من جانب أي فكر كان". وأضاف السلطان قابوس قائلاً:" كما أن الفكر متى ما كان متعددا ومنفتحا لا يشوبه التعصب، كان أقدر على أن يكون الأرضية الصحيحة والسليمة لبناء الأجيال، ورقي الأوطان، وتقدم المجتمعات، فإن التشدد والتطرف والغلو على النقيض من ذلك، والمجتمعات التي تتبنى فكرا يتصف بهذه الصفات إنما تحمل في داخلها معاول هدمها ولو بعد حين".ودعا سلطان عُمان في كلمته جميع العمانيين إلى التوعية في ذلك لتكون كما قال: "سياجا يحميهم من التردي في مهاوي الأفكار الدخيلة التي تدعو إلى العنف والتشدد والكراهية والتعصب والاستبداد بالرأي، وعدم قبول الآخر، وغيرها من الأفكار والآراء المتطرفة التي تؤدي إلى تمزيق المجتمع، واستنزاف قواه الحيوية، وإيراده موارد الهلاك والعياذ بالله".
النظام الأساسي العماني كفل حق حرية الرأي والتعبير عنه " حرية مسئولة".
كما أقر النظام الأساسي العماني حق حرية الرأي والتعبير عنه، وأوجد له من الضمانات التي تعينه، وذلك كله وفق القانون. فقد حرص النظام الأساسي على ضمان حرية الرأي والتعبير عنه، وكفل لكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة وسائر وسائل التعبير كالتصوير مثلا. وهذا ما أكدته المادة (29) منه بالقول "حرية الرأي والتعبير عنه بالقول أو الكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون."
وأكد النظام الأساسي على بعض الوسائل وخصها بذلك باعتبارها أقدم وأقدرها على التعبير عن الرأي (الصحافة والنشر) بدلالة ما صرحت به المادة (31) من النظام الأساسي للدولة "حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون ويحظر ما يؤدي إلى الفتنة أو يمس أمن الدولة أو يسئ إلى كرامة الإنسان."وعلى هذا فإن حرية التعبير عن الرأي لا تتم بشكل مطلق وإنما تخضع لقيود قانونية تستهدف حماية وحرية الآخرين والصالح العام، ولذلك فإن النظام الأساسي أوجب على السلطات العامة في الدولة ضمان وكفالة ممارسة هذه الحرية في حدود القانون، ليكون كما أراد هذا النظام " حرية مسئولة".
حماية الملكية الفكرية
ولتحقيق التكامل والتنسيق لكل ما يدفع نحو الحرية الفكرية المسئولة، اهتمت عُمان بموضوع الملكية الفكرية وبراءات الاختراع وكافة الحقوق في هذا الإطار، باعتبار أن هذا المجال يساهم بحد كبير، ليس فقط في تنمية الاقتصاد الوطني والعمل على دفع التطور القائم على تقدير الجهود وحفظ حقوق كافة الأطراف التي تشارك في ابتكار أو إنجاز عمل أو مشروع معين، وإنما في تنمية الوعي الثقافي والمعرفي.
وتؤكد دائرة الملكية الفكرية بوزارة التجارة والصناعة أن السلطنة تضع في الاعتبار مسألة نشر ثقافة الملكية الفكرية على الجميع، بحيث يكون كل فرد في المجتمع تقريبا على إلمام ووعي بأهمية الملكية الفكرية بشكل عام وبراءات الاختراع وغيرها من المسائل التفصيلية بحسب الاهتمام ودرجته لكل فرد أو مؤسسة أو جهة معينة.
ولاشك أن هذا الاهتمام يأتي ضمن منظومة متكاملة من التشريعات والقيم التي تؤكد على بناء منظومة الحياة الحديثة والدولة العصرية، بما يتماشى مع المعاني السامية لحفظ حقوق المبدعين والمبتكرين وكافة المنتجين والمطورين، كذلك بما يواكب القوانين والاتفاقيات الدولية في هذا الإطار، في عالم بات مفتوحا ومترابطا في هذه المجالات.