يشهد القطاع الدوائي في مصر كارثة بكل المقاييس، تتمثل في وجود أنواع من المخدرات غير مدرجة بجداول الصرف بالروشتة، وهو ما يعني أنه يمكن للمدمنين تعاطي المخدرات والعقاقير التي تنافس «الترامادول» ومشتقاتها، دون الحاجة إلى التحايل على القانون أو اللجوء إلى تجار «السموم».
وأكد الخبير الدوائي والحقوقي هاني سامح أن عددًا من الأدوية المخدرة بالفعل منتشر في الصيدليات المختلفة؛ ما يشكل جريمة بشعة تُرتكَب باسم الصيدلة والصحة، موضحًا أن العالم كله لا يشكو من هذه المشكلة؛ لأنه في الدول الأخرى لا يتم صرف الأدوية إلا بروشتات طبية وحديثة وصادرة من طبيب موقع عليها وبها أختام ودمغات، أي هناك ضوابط مشددة.
وأضاف «سامح» لـ«أهل مصر» أن الصيدليات أغلب من يقف بها دخلاء على المهنة وغير متخصصين، ولا يفقهون التعامل مع هؤلاء المرضى أو المدمنين وهم بلا معرفة للضوابط الأخلاقية الصيدلانية، وهناك شق آخر مهم، حيث يقف «مافيا الشركات» وراء هذه الجريمة، فهناك شركات دواء تربحت بشكل كبير من وراء نزول الأدوية التي تُسبِّب الإدمان للأسواق ومن خلال انتهاك حقوق الشباب، فمبيعات هذه الشركات تكشف أن طفرة الأرقام تحققت من خلال بيع هذه الأدوية المخدرة بالصيدليات.
وأوضح الخبير الدوائي والحقوقي أن شركات التوزيع تتواطأ مع شركات الأدوية، وتتعمد إغراق الأسواق بمستحضراتها، مثل «البريجابالين» الذي يُستخدَم لعلاج الصرع، أو «ليروين» التابع لشركة أجنبية، وفوجئنا بنزول المستحضر للصيدليات دون طلب؛ لأنها تعرف أن هناك إقبالاً من المدمنين عليه، وبالتالي فهي تريد زيادة الأرباح من خلال الأدوية التي يُساء استخدامها، فمجلس النواب ووزارة الصحة يحاولان إيقاف استخدام هذه الأدوية ووضعها تحت جداول الأدوية المؤثرة على الحالة النفسية أو المخدرة، ولكن الضابط الحقيقي لمنع إساءة استخدامها وإدمانها هو وضع ضوابط في صرفها، أي لا تُصرَف إلا بروشتات طبية.
من جهته قال مصدر بوزارة الصحة إن الوزارة تعمل بشكل دائم على مكافحة انتشار هذا النوع من الأدوية، معترفًا بأن الأمر خرج عن السيطرة في الآونة الأخيرة، لكن المسئولين في الوزارة يقفون بالمرصاد، بمجرد اكتشاف نوع من العقاقير يمكن أن يسبب إدمانًا.
وأضاف المصدر لـ«أهل مصر» أنه في إطار سعي الوزارة لضبط الأدوية التي تسبب الإدمان، شكلت الدكتورة رشا زيادة رئيس الإدارة المركزية لشئون الصيدلة بالوزارة لجنة لفحص عدد من العقاقير ودراستها، وأبرز هذه العقاقير «بريجابلين»، وبالفعل ثبت ضرورة إدراجه ضمن أدوية الجدول، وسيُتَّخذ قرار بشأنه قريبًا.
وأوضح الدكتور أحمد رمزي، المسئول عن عيادات الإدمان بالأمانة العامة للصحة النفسية، أن الإدمان هو مرض، ولا يقتصر على مجرد مادة يتم تناولها، ولكن يرجع للشخصية والسلوك، وبدأ عدد كبير من الأفراد اللجوء للمراكز الطبية؛ للتخلص من الإدمان، سواء المتعلق بالأدوية أو المخدرات والتدخين، وحتى إدمان الإنترنت. فجزء كبير من الإدمان يرجع إلى أن الشخص يريد معالجة بعض الأمور الخاصة لديه، حيث تبدأ مشكلات القلق وقلة النوم والسهر للهروب من مشكلات الحياة، وهذا ما يكفله بعض أدوية الكحة والمسكنات القوية، التي تساعد على النوم، وهناك الكثير من الشباب الذين يستخدمون الأدوية للهروب والبعد عما يحدث حولهم، مثل فكرة الخمور، وهناك أدوية كثيرة في الأسواق تؤيد هذه الفكرة، وتسبب النعاس وخمول الجسم، وتوصِّل إلى نفس شعور المدمن، وبعد ذلك يبدأ الإدمان الفعلي لها.
وأضاف «رمزي» في تصريح خاص لـ«أهل مصر» أنه في حالة وجود أدوية كثيرة، مثل «بريجالين»، «ليريكا»، «ليروين»، وهو للصرع والتهاب الأعصاب وكذلك المسكنات القوية، والأدوية المهدئة، والأدوية التي تساعد على النوم، والأدوية المسببة للسعادة، وهناك أدوية أخرى كثيرة غير مدرجة بجداول المخدرات، ومع استخدامها بشكل متكرر وظهور آثارها الصحية والنفسية مع مرور الوقت؛ يبدأ دخولها في الجدول، مؤكدًا أن أي دواء أو عقار طبي جديد لا يمكن معرفة كل أضراره وتأثيراته الصحية إلا بعد استخدامه على نطاق واسع، فالدواء يتم إنتاجه لهدف معين. وطالما لم يظهر له أي آثار جانبية، فلا مشكلة، ولكن نبدأ التعامل معه نتيجة تأثيرات أخرى تظهر مع الممارسة.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
