في مشهد تقشعر له الجلود والأبدان، مع نشوب حريق مفاجئ بمحطة قطار مصر، صباح اليوم، وكل ناجٍ من النار المستعرة بأعجوبة ينفد بجلده، ظهر أحدهم بإناءٍ مملوء بالماء، يبحث عن كل شخص غارق في حريقه، طالب للنجدة، يرش عليه ما يكفيه من الماء ليهدئ وحش نارٍ تأكل في جسده، أخذ يصب هذا الشخص المجهول بالماء على المحروقين بإنسانية لم نعهدها كثيرًا في زماننا هذا، زمان الأنانية والخوف والجبن.
حادث قطار رمسيس
وفي مشهد آخر جعل العقل يندهش من شدة ما رأته العين، يظهر رجل مُغطّى بنيران تأكل في جسده، يطلب النجدة من مُنقذ السماء الذي بعثه الله للمنكوبين والمحروقين في حادث قطار محطة مصر، أخذ الرجل يجري بنيرانه على صاحب الماء المنقذ له من الهلاك، وكأنه يقول له "انجدني.. روحي تحترق.. أشعر وكأني في الجحيم بعد الحساب"، فأخذ يصب عليه قليلًا من الماء الذي شعر حامل الماء أنه كفاه وهدّأ من روع حريقه، ليذهب لنجدة غيره بصب الماء لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح التي تحترق.
حادث قطار محطة مصر
لكن ما زالت النيران تشتعل في جسده، حتى ذهب يحتضن صاحب الماء من الخلف، أثناء إطفائه حريق أشخاص آخرين ليصب عليه دفعة أخرى من الماء ليهدئ شعوره باحتراق جلده ولحمه، احتنضنه حضنا لم يفهم أحد معناه إلا ذلك الشخص المحروق، ماذا كان يقصد من حضنه هذا؟ "انجدني يا أخي.. مازال في جسدي بعض النار.. لحمي يحترق.. صب القليل من الماء"، لا أحد يدري ولا يشعر مدى الألم وغليان الجسد المحترق حتى إذابة الجلد في اللحم.
ضحايا حريق قطار رمسيس
ولفت نظر الجميع مشهد المحروقين حيث لم يستطعوا التركيز على غيرهم من قسوة المنظر وفظاعته، لكن لم يلحظ أحد بطلًا ذهب بالماء للمحروقين في لفتة إنسانية لا تُقدّر بأموال العالم.