تظهر الاحتجاجات في الجزائر وردود الفعل عليها، على أن الانتقال إلى فترة ما بعد الحكم الطويل للرئيس عبد العزيز بوتفليقة سيصاحبها عدة تقلبات، وذلك لأن الحراك الشعبي يتوسع ضد ولاية خامسة لبوتفليقة، الذي يجلس على كرسي متحرك وبالكاد يستجيب مع محيطه. وكان رئيس الحكومة الجزائرية، أحمد أويحيى، قد حذر، أمس الخميس من الاحتجاجات الحالية في بلاده، مقارناً إياها بأحداث بداية الحرب الأهلية في سوريا. في حين قامت حكومته بحظر التغطية الإعلامية للاحتجاجات، الاحتجاجات المتواصلة، توضح أيضاً تراجع الدعم الداخلي لنظام بوتفليقة، الذي تم انتخابه لأول مرة في عام 1999 كمرشح يرغب فيه الجيش. وقد تم نقل الرئيس، يوم الأربعاء الماضي، جواً إلى جنيف لتلقي العلاج الطبي. رسامو الكاريكاتير العرب، يصورون الرئيس، الذي تحول إلى رمز للسلطة المتهالكة في الجزائر، بوجهٍ تختفي منه ملامح الحياة وهو جالس بداخل تابوت مفتوح.
هل يستولي الجيش على السلطة؟
أحد السيناريوهات المحتملة هو أن ينهي الجيش الاحتجاجات، في حالة خروجها عن السيطرة، ويستولي مباشرة على السلطة، كما حدث في مصر بعد عامين من سقوط مبارك، لكن قبل خمسة أعوام من الآن، وذلك وقت إعادة انتخابه رئيساً للبلاد بشكل رسمي، كان قد بدأ بشكل فعلي صراع بوتفليقة مع التشبث بكرسي الحكم. إذ رفضت دائرة الاستعلام والأمن الجزائري (DRS) وأجزاء من الجيش، دعم بوتفليقة آنذاك مطالبين ببداية جديدة للبلاد. وبما أن الجيش والأجهزة الأمنية والشركات المملوكة للدولة، التي تقسم عائدات تصدير الغاز فيما بينها، لم تستطع تكوين رأي موحد حول خلف معين للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، عاد الرئيس، المصاب بجلطة دماغية، من جديد إلى السلطة.
ويقف الجنرالات بشكل خاص وراء تحريك كرسي بوتفليقة. ومن بين صفوف الجيش، يتحكم في المشهد السياسي، القوميون العرب، ممن تربطهم علاقة وثيقة مع فرنسا، وكل من يعمل على الحفاظ على منصب بوتفليقة. لكن على أرض الواقع، يمارس، سعيد بوتفليقة، الذي يقف على رأس حكم الأقلية في الجزائر، السلطة، بدل أخيه، الذي يكبره بعشرين عاماً، و يسعى الآن لخلفه.
من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية في الـ 18 أبريل/ نيسان المقبل. وما يوسع دائرة الاستياء بين الشباب، الذين يشكلون أكثر من 40 في المائة من سكان الجزائر، البالغ عددهم 41 مليون، أنهم لم يعايشوا رئيساً آخر غير بوتفليقة، لأن أكثرهم أصغر من 25 عاماً. هؤلاء الشباب يريدون التغيير، وهم ضد إعادة انتخاب نفس الرئيس. وبدو أن الاحتجاجات في الأيام القليلة الماضية كانت مجرد بداية.