التطور ثمة العصر، وضرورة كونية باتت أصلا ثابتا فى حياتنا اليومية، وعلى الرغم من الاستقادات العظيمة التى يحققها هذا التطور، إلا أنه ترك لنا على الحانب الآخر وجها دميما، فدمر مهنا، وأضاع موروثا.
مهنة "الفخاريين"، مهنة قديمة، احترفها أهلها منذ سنوات طويلة، وورثوها لأبنائهم جيلا بعد جيل، حتى أصبح من يعمل بها لا يستطيع أن يمتهن غيرها، وكأنهم يرثون الذهب والفضة، دون توقع لما سيحدث لهم بالمستقبل وما سيكون لهم من عناء، وأشهر القرى التي مازالت تبدع في تلك المهنة الشاقة، «عزبه الناموس» بسمنود، والتي أصبحت قلعة صناعة الفخار بمحافظة الغربية.
وينتشر إنتاجها من الأوانى الفخارية في جميع محافظات مصر، بالإضافة إلى التصدير إلى الخارج حيث تنتج " قلل، أزيار، مساقى، إبريق، قطاطير، بلاليص، قطع خزفية " وغيرها من الأشكال المختلفة للصناعة.
مهنة الفخارين مراحل ومعاناة
مهنة "الفخاريين" مما لاشك فيه، مرهقة ومكلفه، أصبح وعائدها قليلا، وحتى يتم صناعة الفخار، تمر بست مراحل رئيسية تشمل جمع طمى النيل، وهزه ووضعه في البله، ثم الحصول على الكميات بعد التخمر، ووضعها على الدولاب وتشكيلها، ثم وضعها في الهواء 5 ساعات، إلى إن يصل إلى مرحلة الترويس، ويتم عمل مجموعه من الروس ولصقها في القلة وزخرفتها عن طريق السباجا وتركها من يومين الى 5 أيام لتصل إلى مرحلة الحرق وفيها يتم وضع القلة أو الزير في كوشة الفرن بطريقة معينه ويتم إشعال النار باستخدام النشارة والحطب في جزء من الفرن يسمى بيت النار، ويستغرق من 5 ساعات حتى يصل يومين، وبعدها يتم استخراجه لتسويقه، على اختلاف الأشكال التي تتم صناعتها ما بين " قلة ، زير ، مسقى ، خزف ، أشكال متنوعة " وغيرها من الأشكال التى يتم صناعتها.
نظرة من الواقع
«أهل مصر»، انتقلت للقرية لتعيش يوما ميدانيا في صناعة الفخار، وتنقل استغاثة وطلبات شيوخ المهنة لمن يهمه الأمر، فى ساحه هى الأغرب على الإطلاق تجولت الكاميرا، لترصد أحواضا عملاقه من الطمي والمياه، وعلى الجهة الأخرى فرن عملاق، جلس مسن أمامه يطعم ناره من الحطب وبقايا القش.
أبناء المهنة
يستمر الرجل فى أشعال الفرن لأكثر من يوم كامل، ولابد من المحافظة على درجه حرارته، كى يصمد الطين داخله، لان الفخار المهنه الطاهره، يدخل الطمى لين يخرج صلبا على عكس كل شئ، "يصبح رمادا" بتلك الكلمات بدء الحاج "على الشاذلى، كلماته، حبى لهذه المهنة كبير، علمت أولادى الـ3 ، ويعملون بها، فمنهم منيحمى الفرن والأخر يشكل الفواخير والأخر ينشرها، ويستمر عملنا طوال الأسبوع فى الصناعه والتشكيل، أما يوم الجمعه يشعل الفرن لوضع ما تم صنعه منذ 40 يوم.
وتابع "الشاذلى" القطعه الواحده تحتاج لأكثر من 45 يوم كى تستخدم، فبعد تشكيلها ترص لتجف من المياه، لتدخل الفرن أسبوع كامل، ومن ثم تزخرف وتلون بالطفله البيضاء من جبال العريش، والتى تصنع منها "الزلع"، وبعد كل هذا الجهد لا يتخطى سعر القله الواحدة الجنيهات أو أقل، وعلى الرغم من أرتفاع أسعار الوقود، والايجارات، إلى جانب محاضر البيئه التى لا تنتهى ، ولكننا راضون بما يقسمه الله لنا.
وتناول أطراف الحديث "محمد الشاذلى" : لا تستطيع غش مهنتنا ،فأن زادت الرمله بالطمى لا تتماسك القطعه، وأن غيرنا تركيب الطفله تحرق بالفرن، أما إذا لم تشكل جيداً "تمرض"، فالقطعه المثقوبه أو المشروخه تسمى مريضه، أما بالنسبه لميزه الفخار فى حفظ المياه فمن الداخل مدرج وليس أملس بحيث تتجمع الرواسب على تلك الدرجات ولا تختطلت بالماء مره أخرى، لذلك فهو صحى.
وأضاف، أما بالنسبه لأنواع القلل فهى كثيره ولكل محافظة نوع مميز لها، ففى الصعيد تطلب "القلل بقاعده" والتى تتميز بالضخامه والطول، أما محافظات الدلتا تطلب "القله بودان، الفلاحى"، أما محافظات وجه بحرى تطلب " الكرش" وهو نوع يتميز بدائريه الجسم، ولا يقتصر عملنا على المحلى فقط، ولكن نصدر للدول العربية كالإمارات وقطر والسعوديه وغيرها، وخاصه "أزيا" أبراج الحمام، ومأزر الدجاج، لكن بطبيعه الحال لا يساعدنا العاملين بالموانىئ، أما بالنسبه للفواخير السوداء والأباريق، فتستخدم لغسل الميت، ومازال لكثيرين يستعملونها بقرى سمنود.
يستغيثون بالرئيس
وتابع "محمد الشاذلى" كل ما نطلبه الحفاظ على التراث وعلى مهنه الأجداد، ونستغيث بالرئيس السيسى لإنقاذنا وتركيب خطوط غاز طبيعى وذلك لان البيئه أهلكتنا بالمحاضر، ونعانى أعباء كبيرة الرسوم الجمركية، ونريد تخفيضها كى نستطيع الأستمرار.