السفر حلم كثير من الشباب، سواء للدراسة أو العمل وتحقيق مستوى مادي جيد، وفي كل الأحوال فالسفر له ثمن باهظ وهو الغربة والبعد عن الوطن والأهل، وهو ما يشعر به كل مغترب، خاصة أثناء رحلة المعاناة مع ليالي الغربة العصيبة.
"أهل مصر" يطرح بعض النماذج الحية لمعاناة المغتربين..
"علي الأصفر" من اإسكندرية يبلغ من العمر 24 عاما، خريج كلية التجارة، سافر إلى السعودية لإيجاد فرصة عمل مناسبة له كمحاسب، ولكن لأن الواقع مرير فقد اضطر للعمل عامل نظافة مع جنسيات غير عربية من الهند، وبنغلاديش.
علي، شعر بإحباط واستياء، وخوفا على مستقبله قرر العودة إلى الإسكندرية آسفًا على حلمه الذي لم يكتمل، ولكن بعد مرور الوقت، لم ييأس وقرر التقدم للحصول على تأشيرة إلى أوربا بعد تشجيع صديق له على السفر لأسبانيا.
قال علي: "أخذت بنصيحة هذا الرجل ولم أفقه أي شيء في اللغة الاسبانية ولكن ما فرقش معايا وقررت ارمي حمولى على الله وسافرت أسبانيا بالفعل واشتغلت هناك مع راجل مصري كان ونعم الرجولة اشتغلت في توزيع الإعلانات في الشوارع كدعاية وإعلان لشركات معينة وبعد كدة اشتغلت فى مدريد في الاماكن الاسلامية اشتغلت في مول وبعد فترة سافرت الي مدينة (بنبلونة) في شمال اسبانيا، ومن هنا باب السماء اتفتح لي والرزق بدأ يكتر معايا وعملت أحلى شغل وجمعت فلوس كتير وبعدين رجعت مدريد اجرت محل واشتغلت في ملابس الرقص الشرقي المصري والآن امتلك 3 محلات واصبحت من أهم تجار مدريد".
وأضاف قائلا: "ولكن دايما الفرحة ما بتكملش حسيت انى آلة بشتغل علشان انتج من غير مشاعر من غير أهل بدأت اسأل نفسي فين اللمة والصحبة وبحر اسكندرية".. صمت لبضعة ثوان ثم أكمل: "أتمني أرجع مصر لان مهما اتغربت واشتغلت ولفيت وشوفت وكسبت من التجارة حيفضل عندي حنين لمصر وللاسكندرية وشارعنا واهلي وبتمني بجد مصر يتصلح حالها.. الغربة مرة".
الحاجة أم سمير، تبلغ من العمر 41 عاما، من القاهرة تعمل خادمة في منزل "سفير عربي".. قرر السفير السفر إلى أمريكا هو وأسرته، ونتيجة لإخلاص واحترام أم سمير وحب أسرة السفير لها قرروا ان يأخذوها معهم أين وجدوا.
قالت أم سمير: "السفير وأسرته كانوا محترمين معايا جدا وبيحبوني لما قرروا يسافرو اخدوني معاهم واتكفلوا بكل حاجة وبعد 4 سنوات عملولى الإقامة وبعد كدة رجعوا على السعودية وطبعا رجعت معاهم وبعد فترة قالولى هنسافر أفريقيا تعالي معانا، بصراحة انا فكرت لاقيت ان حياتي فى افريقيا صعبة وفلوسها ضعيفة ومش هعرف انجح ولا اعمل مستقبل اعتذرت لهم وسافرت انا أمريكا أكمل مشوارى وكان معايا مبلغ صغير سافرت نيوجيرسي أدور على شغل، وقابلت راجل فلسطيني فاتح مطعم وقالي ايه رأيك تشتغلي معايا هنا تفتحي ركن أكلات مصرية وافقت واشتغلت معاه وشغلي كبر وبقي معايا فلوس كويسة جدا، الشغل خدني ونسيت اني عايشة لوحدي في الغربة من غير أهل ولا زوج، بصراحة خوفت مهما كنت انا غريبة على أرض مش أرضي ولان معايا فلوس وإقامة كان سهل اتجوز أى حد لكن انا كنت بتمني راجل محترم ونزلت مصر ادور على عريس واتجوزت شخص محترم جدا وسافرنا أمريكا وعملت له الإقامة ودلوقتي معايا سمير ومبسوطة للى وصلت له الحمدلله".
"هبة أسامة" تبلغ من العمر 27 عاما، من مواليد الإسكندرية، تخرجت من كلية الهندسة، جامعة الإسكندرية، متزوجة من مهندس معمارى صاحب مكتب هندسي ولديها بنت "ألماس" بعمر السنتين، بعد أحداث 25 يناير وما حدث من شغب تم اقتحام مكتب زوجها وحطم بالكامل وحال البلد فى وقتها كان صعبا للغاية لذلك قرر زوجها إيجاد فرصة عمل بالخارج ومع البحث المستمر وجد عملا بالسعودية وسافر فورا بحثًا عن حياة مستقرة.
قالت هبة: "اول ماسافرت مع زوجي طبعا كنت في معاناة علشان بعيدة عن أهلي وعلشان بعيدة عن بلدي وسافرت بلد غريبة عني ولكن حاولت اتأقلم على الحياة هناك وبعد 9 شهور من سفري تعبت من الملل واشتقت لأهلى وقولت لزوجي أنا لازم اسافر وتركني اسافر اجازة ازور اهلى وارجعله".
واضافت: "من كتر اشتياقي للبلد كان هاين عليا اول مانزلت من سلم الطيارة ابوس الأرض قد ايه كانت وحشانى وروحت لاهلي بس حسيت بخنقة ما تخيلتهاش بقيت مستغربة الشوارع والناس واسكندرية اللى كنت بقول انا زى السمك لو خرجت برة اسكندرية اموت.. لكن بصراحة بعد ماشوفت جمال ونظافة السعودية ورقيهم في التعامل حزنت على بلدي اوووى بدأت اقارن، وللاسف الشديد مصر خسرت في المقارنة، قطعت أجازتي وسافرت لزوجي وقولتله انا عايزة اربي بنتي في بيئة نضيفة وتعليم راقي ومعاملة محترمة".
وأكملت قائلة: "اتمني القوانين فى بلدنا تكون صارمة والتعليم ياخد حقه احنا عندنا طلبة لو ركزنا عليهم يوصلوا لنوبل بجد ونفسي في معاملة محترمة علشان مصر تستاهل تكون بلد عظيمة".
"دعاء محمد سليم" تبلغ من العمر 33 عاما، ولدت بالسعودية وتقيم بالقاهرة، تخرجت من كلية الآداب جامعة عين شمس، متزوجة من "محامي" يملك محل تليفونات، لديها ولد عاشت طيلت حياتها بالسعودية مع والدها ووالدتها وإخوتها.. "والدي مازال هناك ووالدتي من هنا لهناك واخواتي منقسمين نصف بمصر متزوج والنصف الاخر مازال بالسعودية، درست بمدارس السعودية لمرحلة الثانوية.. كنت بواجه مشاكل فى فترة تعليميى في السعودية لان بالنسبة للمجتمع السعودي المنغلق انا مصرية متفتحة او زي مانقلهم التلفزيون المصري والافلام انى متحررة، وطبعا كانوا دايما قاصدين يبعدوا عني، بس بعد فترة بدأنا نقرب من بعض ونتعرف على بعض اكتر وعرفو شخصيتي وحبوني وحبيتهم جدا واصبحوا من أعز اصحابي".
أضافت: "وقت ما قررت انزل مصر علشان ادخل الجامعة واتقدملي زميلي للزواج ويوم فرحي لاخر لحظة كنت مستنية بابا واخويا ولكن علشان فيه مشكلة في الاقامة ماعرفوش ينزلوا حسيت وقتها بغربة بجد ان اهلى مش معايا ومن وقتها وفرحتنا دايما ناقصة من 12 سنة وماتجمعناش كلنا دايما في شخص ناقص لان نصهم هناك ونصنا هنا".
وأكملت: "مستحيل أفكر فى السفر تاني وإن فكرت فى الرجوع هيكون للحج وعلشان ازور بابا واصحابي اللي وحشوني وبس لكن هفضل مستقرة هنا في مصر، اينعم اول رجوعي لمصر كنت متوترة وخايفة ومش عارفة اتعامل لكن كنت مستنية يوم رجوعي بفارغ الصبر لانها كانت وحشاني اوى، ايا كان عشت هناك قد ايه واتولد وكبرت هناك بس في الاخر اسمي كنت غريبة على ارض مش ارضي مع ان بعتبرها بلدي التانية وبحبها والله، بس مصر ماقدرش استغني عنها لانها بلدي وبحبها وانا فخورة انى بنت البلد دي".
"أيمن المصري" يبلغ من العمر 43 عاما، من مواليد الإسكندرية يعمل تاجر قطع غيار سيارات، ظل يبحث عن فرص عمل فى مصر، وسافر إلى الغردقة وهناك تعرف على فتاة أوكرانية وشجعته على السفر إلى أوكرانيا وبالفعل سافر ولكن هناك لم يكمل معها مشواره وانفصلا لأسباب خاصة، وقرر أن يكمل المسيرة بمفرده ولكن لصعوبة الطقس البارد فى أوكرانيا قرر العودة إلى مصر.
قال المصري: "طيب هتعمل لى ايه الفلوس لو مت فى الغربة لوحدي ماعرفش حد ولا حد يعرفني، قولت اخدها من قصيرها وارجع بلدي اسكندرية وأعيش بكرامتي وسط أهلى والبحر اللي بيحبني وبحبه، والله مافي احسن من مصر ياما نفسي الناس تفهم كدة، واهو لافيت وجربت واخدت فكرة عن الدنيا بس القعدة على بحر اسكندرية بالدنيا ومافيها".