ظهرت فى الآونة الأخيرة بعض التقنيات والآليات الحديثة والتى تعمل على تقديم منتج جديد فى الأسواق، ما أدى إلى إبتعاد بعض الحرف اليدوية عن المشهد العام، ترتب على ذلك معاناة لأصحاب هذه الحرف، الذين قضوا فيها عمرا ليس بالقليل، هؤلاء الحرفيين قد غلبوا على أمرهم بالإستمرار فى حرفتهم؛ نتيجة تقدم العمر بهم، فلا قبل لهم بتعلم حرفة جديدة تواكب التقنيات الحديثة، إحدى هذه الحرف "صناعة المنتجات الجريدية".
حكاية "عم ضاهر"
ويقول عم أحمد ضاهر صاحب ال٦٠ عاما من محافظ الفيوم، وهو رجل يعمل فى هذه المهنة منذ الثانية عشر من عمره: تعلمت هذه الحرفة على يدى بعض الصناع الحرفيين المنتشرين فى محافظة الفيوم، والذين يقومون بتمرير المنهة للأطفال الصغار، مضيفا أن "الحرفة منتشرة أيضا بإحدى القرى المجاورة لقرية عرب الغديرى التابعة لمركز طوخ محافظة القليوبية، والتى يوجد بها الورشة التى يعمل بها".
ويتابع "هناك الكثيرون ممن تركوا الحرفة نتيجة دخلها المتواضع والذى لايكفى لسد الإحتياجات اليومية، وأتيت للعمل بهذه الورشة منذ ١٥ عاما، وليس لدى مصدر للدخل سوى ما يأتينى من تصنيع الأقفاص، ومنتجات "الجريد" ولم أستطع توفير شئ يعيننى على الزمن، وإضطررت لترك قريتى سعيا وراء الرزق، فقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك".
"البرانيك"
وأشار محمود عبد الحميد صاحب ورشة لصناعة منتجات الجريد من أبناء محافظة الفيوم إلى أن ظهور ما يسمى ب "البرانيك" أثر عليهم تأثيرا بالغا، وقال:فيما مضى كانت هذه الحرفة مصدر رزق لهم فى بعض المحافظات مثل محافظة الإسماعيلية، حيث كان الطلب على منتجاتهم من "الأقفاص" كبير جدا خلال موسم جمع فاكهة المانجو، ولكن الآن لجأ المزارعون والتجار إلى إستخدام الصناديق البلاستيكية" البرانيك".
وتابع "نحن الآن أسرى هذه المهنة بسبب تقدمنا فى العمر، فلا يمكن لأحدنا تعلم مهنة أخرى فى مثل هذا السن؛ لذلك إضطررنا إلى الإستمرار فى مزاولتها، وما نتحصل عليه الآن لا يتعدى الأربعين جنيها، ولا يكفى هذا لمن يعول أسرة كاملة، وعلق" العيل فهم عن أبوه"، وأردف لدى تسعة أبناء، لم ينجذب إلى مهنتى أحدا مهنم.
وأكد"سابقا كنا لا نستطيع مجاراة متطلبات السوق من الكميات المطلوبة، ولكن الآن معظم ما نخرجه من هذه المنتجات مكدس الى جانب الورشة، وسعر" القفص"لا يتخطى الأربعة جنيهات، والآن فترة عملنا هى أولى شهور طرح الثمار فى الشتاء، وإرتفعت علينا أسعار شراء الجريد وأصبحنا مجبرين على شرائه بالخسارة".
( مبقاش لها لازمة )
وأضاف أحمد حسن أحمد عبد الحميد هو رجل في الخمسين من عمره من محافظة الفيوم، ويعمل بهذه الحرفة منذ 42 عاما حيث بدأ تعلم هذه الحرفة منذ الصغر ولم يتعلم غيرها طوال حياته ويتنقل من مكان الي أخر بحثا عن عمل بهذه الحرفة.
وتابع كلامه قائلا :أنه فيما مضي كانت هذه الحرفة مزدهرة ومربحة، حيث كان الطلب عليها كثيرا وبالتحديد في هذه المنطقة التي تشتهر بزراعة وتعبئة الفراولة، مضيفا أنه يقوم بتصنيع أقفاص يتم تعبئة الفراولة بها إلا أنه قد قل الطلب عليها، بسبب إعتماد المزارعين والتجار في الوقت الحالي علي الأقفاص البلاستيكية.
وأشار أن الأقفاص المصنوعة من (الجريد) أفضل من الأقفاص البلاستيكية بالنسبة للفراولة حيث يتم تهوية الفراولة في الأقفاص الجريد في الصيف علي عكس الأقفاص البلاستيكية التي تقل بها التهوية لعدم وجود فتحات كثيرة بها، وفي الوقت الحالي يقومون بتصنيع المنتجات بالطلب بسبب قلة الطلب علي منتجاتهم.
وقال عم أحمد أن جلد يداه قد مات بسبب ضربه علي الجريد مظهرا يداه الخشنة جدا و المشققة نتيجة الجهد الذي يبذله و أضاف قائلا ،ن هذه الحرفة (مبقاش ليها لازمة) لانها لم تعد مربحة كما كان من قبل و إبتعد الكثير من الحرفيين الممتهنين لها عنها بسبب قلة المال الذين يكسبونه منها و لكنه لم يستطع فعل ذلك بسبب كبر سنه و لانه لم يعمل طوال حياته سوي هذه الحرفة.
تضامن وكرامة
وأبدي عم أحمد حزنه الشديد من تجاهل الدولة لهم قائلا أنا مريض بالربو وفيما قبل كنت اتقاضي معاش من الدولة علي هيئة مساعدات ولكنهم قاموا بإقتطاع هذا المعاش بحجة ،نني تخطيت خط الفقر وأنا رجل مسن أسكن في غرفتين وصاله ولدي ثمانية أولاد منهم من تزوج ومنهم من لم يتزوج وكان هذا المعاش يساعدني علي تلبية إحتياجات منزلي ومحاولة تجهيز بناتي المقبلات علي الزواج وشراء العلاج لي ولكن بعد إقتطاع هذا المعاش أصبحت أدبر أموري كما يقال (بالعافية) وقدمت طلب لإعادة المساعدات ولكنها قوبلت بالرفض وكذلك قدمت طلب للعلاج علي نفقة الدولة وطلب مني أن أنتظر في القائمة مضيفا أن مدير إدارة التضامن الإجتماعي في المنطقة التابع له يبدي تعنت شديد له حيث يرفض إعادة المعاش له بكل الطرق وقام عم إحمد بإرسال الأوراق التي توضح ظروف مرضه الذي يجبره على عدم العمل لأيام بسبب الإلم الشديد الذي يشعر به إلاأان المدير أبدي تجاهله لتوسلاته وعدم تفهمه لحالته الاجتماعية الصعبة.