مر اليوم 87 عام على عرض أول فيلم عربي ناطق وهو "أولاد الذوات" الذي فتح باب جديد من أنواع السينما على المجتمع العربي وذلك في يوم 14 مارس 1932، فكان الجمهور قد اعتاد على مشاهدة السينما الصامتة مع تطورها، وكان من سيناريو وحوار يوسف وهبي ومحمد كريم الذي قام بإخراجه أيضًا ومن بطولة يوسف وهبي، أمينة رزق، دولت أبيض، سراج منير، كوليه دو ارفيي، أنور وجدي، وتقدم "أهل مصر" رحلة الفيلم منذ بدايته وحتى الهجوم عليه.
لمحة عن السينما الصامتة
بدأ الجمهور بمتابعة الأفلام عام 1902 من خلال السينما الصامتة والتي ظلت مستمرة في عرض أعمالها لمدة تقرب من ربع قرن، وحققت السينما الصامتة نجاحات في العالم رغم عدم وجود تقنية دمج الصوت مع الصورة في هذا الوقت، وبدأت السينما الصامتة في التطور في الفترة من 1911 وحتى 1926 فكانت هذه الفترة مليئة بالتجريب ومونتاج الأفلام ولم تصبح صامتة بالكامل بدل دخلت عليها بعض المؤثرات الصوتية وكان يوجد بها بعض الحوارات بين الممثلين وهكذا اختلف شكل الفيلم الصامتة عن بداية ظهورها في 1902 ومن ضمن أشهر أعمال السينما الصامتة المتطورة في هذه الفترة هي أفلام تشارلي شابلن.
رفض يوسف وهبي للتمثيل في السينما الصامتة
تشجع المخرج محمد كريم بعد الإيرادات الكبيرة التي حصدها من فيلمه الصامت "زينب" أن يقدم أول فيلم عربي ناطق، وحاول المخرج أن يقنع الفنان يوسف وهبي بالعمل معه في السينما ولكن بدون جدوى إذ أنه رفض لأنه يرى العمل في السينما خيانة للمسرح، وكان يوسف وهبي يعتبر السينما مجرد مشاهد صامتة تتحرك على شاشة وهو يحب أن يصل صوته الجهوري إلى الجمهور.
أولاد الذوات أول فيلم عربي ناطق
استطاع محمد كريم بأن يُقنع يوسف وهبي بالدخول إلى مجال السينما بعد ظهور السينما الناطقة، ومن هنا قدم المخرج محمد كريم على يوسف وهبي العرض مرة ثانية وترك له حرية اختيار قصة الفيلم وأبطاله، ووافق وهبي على إنتاج وتمثيل رواية أولاد الذوات، وبدءا في التحضير لتصوير الفيلم ساعيان بأن يحققا نجاح تقديم أول فيلم ناطق وذلك بعد أن علما بأن جورج أبيض تعاقد مع إدموند وجبريل نحاس على تمثيل فيلم أنشودة الفؤاد مع المطربة نادرة.
مسرح سينما رويال شعلة البداية لـ "أولاد الذوات"
عرض الفيلم للمرة الأولى يوم 14 مارس 1932 على مسرح سينما رويال، وحضر وقتها حفل الافتتاح مجموعة كبيرة من نجوم الفن وأشاد به عدد كبير من النقاد الفانين.
الفيلم يتسبب في أزمة بين الجاليات الأجنبية
تسبب نجاح قصة فيلم "أولاد الذوات" في أزمة كبيرة وسط الجاليات الأجنيبة التي وجدت في قصة الفيلم إهانة غير مبررة لكل ما هو أجنبي خاصًة المرأة الأجنبية، وذلك لأن قصة الفيلم تدور حول الشاب الذي هجر زوجته الطيبة وابنه وسافر إلى فرنسا ليتزوج من امرأة فرنسية يكتشف بعد ذلك أنها خائنة، وهذا ما رفضه المجتمع الغربي وبدأت الصحف الأجنبية تشن حملات غاضبة على صناع الفيلم وطالبوا بوقف عرضه، وتدخلت وزارة الداخلية وطلبت الملحق الثقافي الفرنسي برفقة لجنة من النقاد والصحفيين لمشاهدة الفيلم وتقديم تقرير عن الاتهامات الموجهة إليه، وتم إيقاف عرض الحفلة الصباحية للفيلم في سينما كوزمو، ولكن أمام غضب الجمهور الذي حضر لمشاهدة الفيلم اضطرت وزارة الداخلية التراجع عن قرارها، وكل هذا ذكرته راوية راشد في كتابها "يوسف وهبي: سنوات المجد والدموع".
رد يوسف وهبي على هجوم الصحف الأجنبية
ونشر أيمن عثمان في كتابه ثراث مصري رد يوسف وهبي على هجوم الصحف الأجنبية على فيلمه "أولاد الذوات"، وقال أن شخصية جوليا التي ظهرت في الفيلم لها شخصيات مماثلة في جميع الأفلام التي تخرجها فرنسا وباقي الدول الأوربية والأمريكية، مشيرًا إلى أن شخصية جوليا العشيقة الأجنبية في الرواية لم تكن من الأسر الفرنسية الراقية بل كانت من نساء صالات الرقص والملاهي الليلية، وفي سياق قصة الفيلم أنها عادت إلى باريس مع عشيقها حمدي بجواز سفر مزور وأنها كانت تدعو حثالة اللاعبية والطامعين لسرقة وابتزاز أموال عشيقها.