رحلة معاناة مرضى الإسكندرية مع كيس الدم.. محام: الإتجار جريمة لا يعاقب عليها القانون

وجوه شاحبة يغلب عليها الشقاء، وحسرة مع كل جنيه يدفع، وتوسلات لموظفي شباك الصرف، وغرباء يعرضون عليك التبرع مقابل حفنة أموال، وصوتًا مزعجًا ينادى لجمع التبرعات، هذا هو المشهد أمام بنوك الدم بمصر.

رصدت "أهل مصر" معاناة ذوي المرضى من أجل الحصول على أكياس الدم أو مشتقاتها من البنوك والمستشفيات، لإنقاذ ذوويهم من الموت المحتوم جراء حادث أليم أو مرض لعين طرحهم على أسرة المستشفيات.

◄ زيادة أسعار الدم حكم بالإعدام

أصدر مجلس إدارة المستشفيات الجامعية بالإسكندرية، يناير الماضي، قرارًا بزيادة أسعار الدم ومشتقاته، للحالات الخاصة بنظام علاج الأجر الكامل، ولتوضيح ملابسات هذا القرار صرح الدكتور أحمد عثمان رئيس مجلس إدارة المستشفيات، أن القرار لن يمس مرضى العلاج المجانى والاقتصادى.

من جانبه، أضاف الدكتور وائل نبيل، رئيس الإدارة المركزية للمستشفيات الجامعية، أن مرضى العلاج المجاني يدفعون فقط 20 جنيهًا، نظير جهاز النقل دون تكلفة الكيس والعمليات الأخرى لتجهيزه.

يقف محمود الصاوي أحد ذوي المرضى أمام باب بنك دم الإسعاف، فيقول أن رفع السعر هو دليل على تجاهل الحكومة للفقراء ورغبتها في قتل المزيد من المواطنين نتيجة لعجزهم عن دفع هذه المبالغ الطائلة لإنقاذ ذويهم.

وتوضح شيماء شقيقة مريض، أن عائلتها لا تستطيع تحمل تكلفة ثلاثة أكياس دم يوميًا لشقيقها الذي يرقد في العناية المركزة بأحد المستشفيات الخاصة بعد عدم وجود أماكن بالمشتفيات الحكومية، منشادة المسؤلين لصرف الدم بسعر مدعم للجميع لحين توفير الامكانيات وغرفة العناية المركزة والانعاش، معلله ذلك بأن "من يذهب لمستشفى مصاريفها تقطم الضهر- كما وصفتها"، هو مجبر بعد رفض المستشفيات الحكومية قبول حالاتهم.

◄ نقص عدد المتبرعين.. وسيارات التبرع بالدم محل لنقل المرض

"حملة للتبرع بالدم من أجل المستشفيات" هكذا تقف الفتاة العشرينية ذات بالطو ملطخ بقطرات الدماء، خارج سيارات التبرع المنتشرة أمام الجامعات وفى الميادين العامة والشوارع الرئيسية.

تقول الدكتورة نهال، مسؤلة صرف الدم ببنك هيئة الإسعاف بالإسكندرية، إن عدد المتبرعين فى تراجع مستمر ما يُحدث عجز في كمية الدم التي يحصلون عليها، وبالتالي تؤثر على المريض الذى لايستطيع الحصول على عدد أكياس الدم المطلوبة، وتشير إلى ضرورة وجود حملات توعية بالتبرع بالدم لأنه أمر فى غاية الخطورة، فهو يساهم في إنقاذ حياة أسرة بأكملها.

ويقول مصطفى م. طالب، إنه يخشى التبرع بالدم لمثل هذه السيارات التي تقف أمام الجامعة بشكل مستمر، فالسيارة متسخة والقائمين عليها أيضًا، ولا يضمن سلامته بعد التبرع، فهو يخشى أن ينتقل له عدوي بأي مرض بعد التبرع.

وتقول كريمة، عاملة بأحد مصانع برج العرب، أنها لم تتبرع من قبل خلال السيارات غير المضمونة، بعد أن نقل لأحدى صديقاتها فيروس الكبد الوبائي، مضيفة، "ما الضامن أن دمي لم يتم الاتجار به، وسيذهب لمستحقيه؟"

وبهذا الصدد أجابت نهال، قائلة، إن السيارات التي تخرج لجمع التبرعات من هيئة الإسعاف تكون تحت رعايتها وإشرافها من حيث نظافة السيارة والأدوات المستخدمة وملابس العاملين، كما أنها تستلم عدد الأكياس وفقًا لاستمارات معدودة تخرج من الإدارة، والتي يتم من خلالها حصر عدد الأكياس المُسلمة، لضمان عدم سرقتها أو الإتجار بها، أما عن الجهات الأخرى فهى مسؤلة من الجهة التي أخرجتها.

ويقول جورج نسيم، تاجر بأحد ميادين الإسكندرية، أن عادة ماتقف سيارة للتبرع، ولكنه يرى أنها بدون رقابه، وحتما سيسرق الدم ويذهب للمستشفيات الخاصة، أوسيتم بيعه في السوق السوداء.

◄ لغز أكياس الدم في المستشفيات الخاصة

يروى إبراهيم عبد القادر، ماحدث لزوجته مريضة السرطان حينما احتُجِزت في إحدى المستشفيات الخاصة والتى وفرت لها أكياس الدم بمنتهى السهولة طوال فترة احتجازها، ويتساءل من أين تحصل هذه المستشفيات على الدم فى حين أنه لايوجد أى سيارة تبرع تحمل اسم مستشفى خاص؟، مضيفا أنه يريد إجابة من أحد المسؤلين وبالرغم من أهمية الأمر الذي يحتاج لتفسير واضح وصريح من المسؤلين، فيما تنازل الدكتور مجدى حجازى وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية عن حقه فى الرد بعد محاولات التواصل معه للحصول على إجابة واضحة.

◄ مصر لا تتمتع بنظام الأمان للحفاظ على أكياس الدم

وعلى الجانب الآخر، اعتبرت منظمة الصحة العالمية مصر من ضمن 120 دولة لا تتمتع بوجود نظام الأمان للحفاظ على أكياس الدم، مما يعني أن هناك كميات دم كبيرة يتم إهدارها نتيجة للأهمال وعدم وجود أنظمة حديثة وفعالة من أجل الحفاظ عليه.

ومن جانبه قال الدكتور عبد الحميد الشريف، مدير فرع بنك الدم بالمستشفى الجامعى، إن هناك كميات دم كبير يتم أهدارها نتيجة لعدم تحديد الأطباء لعدد الأكياس التى تحتاجها الحالة بشكل دقيق ما يضيع فرصة حصول الآخرين عليه.

◄ إعدام الكيس..كلمة السر في دفاتر الحكومة

إعدام كيس الدم الذي قمت بالتبرع به هى كلمة السر في دفاتر الحكومة، هذه الكلمات التي عبر بها محمود م.، عما حدث معه في أحدى بنوك الدم، حينما ذهب للتبرع لإنقاذ حياة أحد أقاربه، مضيفا أنه خالٍ من كل الأمراض المعدية ولم يجد إجابة كافية من الموظف المسؤل سوى أن الدم غير مطابق للمواصفات وقد تم إعدام الكيس دون توضيح سبب عدم المطابقة أوحتى ذكر المعايير التى يبنى عليها قبول التبرع أو رفضه، مشككا فى صحة إعدامه حيث يتساءل ما الضامن أن هذا التبرع تم إعدامه بالفعل وليس الاتجار به مثلا؟

◄ مافيا الإتجار بالدم تنتشر أمام البنوك

أفراد تدور حولهم علامات الاستفهام، ويظهر على وجههم الخطر والعنف ما أن تذهب لأحد بنوك الدم كمتبرع إلا وتجد أحدهم يسألك بحده "تبيع الشيك بكام" نعم هؤلاء أفراد يتصيدوا المتبرعين لشراء إيصالات التبرع بالدمـ وإعادة بيعها مرة أخرى بمبالغ طائله لأهالي المرضى.

تقول ميادة منتصر شقيقة لأحد المصابين إن أخيها يحتاج لثلاثة أكياس دم يوميًا وأحيانًا لا يجدوا مايكفي في بنوك الدم مما يضطرهم إلى اللجوء لهولاء التجار المجرمين من أجل التحصل على المطلوب لإبقاء أخيها على قيد الحياة.

◄ 200 جنيه عقد اتفاق قبل التبرع.. وعلبة عصير بعد الانتهاء

"قبل التبرع نتفق" هكذا قالت عجوز فى الخمسينات، قد كتب الشقاء على وجهها فى صورة تجاعيد واضحة أمام بنك دم مستشفي الميري الجامعي كأحد الباحثين عن متبرع فلهذه الجملة وقع الصاعقة فهي تبيع دمائها مقابل مبلغ مالي وعلبة عصير.

وما يثير الدهشة حقا فهو حديث سيدة فى الأربعينات على يدها أثار التبرع بالدم إلى هذه المرأة فسألتها بمنتهى البساطة "اتفقتي ولا بتفاصل؟"، وكأنهما معتاداتنا على بيع دمائهما.

◄ متبرع مقابل كيس الدم

تروى رحاب محمد واحدة ضمن طابور المصطفين أمام بنك دم مستشفى الشاطبي، أن البنك يطلب متبرعين مقابل أكياس الدم الذى يتم صرفها لنا وإلا لن نأخذ شئ، وأضافت أن كل أقاربها تبرعوا لشقيقها بل وجيرانها في الحي التي تسكن به، حيث تقوم بترك ورقة في المساجد تطلب فيها متبرعين، مضيفة أنها تلجأ لهذه الطريقة لأنها لا تستطيع دفع المبالغ التي يطلبها المتبرعين أمام المستشفيات حيث تناشد المسؤلين بسرعة حل هذه المشكلة، وتقول أن الغير قادر على توفير متبرع متطوع أو مقابل المال فحالته حتما ستموت.

◄ الإتجار بالدم ليس جريمة ولايعاقب عليه القانون

يقول ياسر عبداللا المحامى بالنقض، لا عقوبة بدون نص والقانون المصري لايحتوى على نص يحرم ويجرم الاتجار بالدم وبناء عليه فأنه لايعد جريمة إنما هو فعل مرفوض إنسانيا وليس قانونيا.

وفي سياق متصل، قال النائب حسني حافظ أن لجنة الصحة بمجلس النواب قد ناقشت هذه القضية وتم التوصل لعدة حلول للقضاء على هذه المشكلة دون أن يفصح عن أحد هذه الحلول.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
أسعار الدولار اليوم الإثنين 25 نوفمبر 2024.. اعرف بكام؟