اكتشفت مؤخراً شركة "إكسون موبيل" حقل غاز كبير بالقرب من سواحل قبرص، وكان اكتشاف حقل غاز تمار العملاق بالقرب من سواحل تل أبيب عام 2009 بداية حقبة جديدة لمنطقة شرق المتوسط باعتبارها مركزاً للطاقة.
عقب تلك الاكتشافات علمت شركة "إيني" الإيطالية عن المزيد من مخزونات الطاقة بالقرب من سواحل مصر، تضم منطقة شرق المتوسط 2100 مليار متر مكعب من الغاز، مقارنةً باستهلاك الاتحاد الأوروبي الذي بلغ 410 مليارات متر مكعب عام 2017.
ويقول موقع "أويل بريس" الأمريكي المتخصص في شؤون الطاقة، إنه على الرغم من الاكتشافات الكبيرة، فإن الصعوبات التكنولوجية قد تضع عقباتٍ أمام مشروعات البنية التحتية، التي من شأنها ربط المنتجين بالمستهلكين، بالإضافة إلى ذلك تنظر الدول الساحلية مصر وقبرص وإسرائيل في عددٍ من البدائل لنقل الطاقة إلى الأسواق في أوروبا، وتفاضل أوروبا الآن بين خط أنابيب شرق المتوسط الذي يواجه صعوبات تكنولوجية، وباهظ التكلفة، أو منشآت الغاز الطبيعي المسال في مصر، بالإضافة إلى إقامة خط أنابيب تحت البحر.
وتضغط إسرائيل مؤخراً باتجاه خيار خط أنابيب شرق المتوسط، لحصد أكبر قدر من المكاسب السياسية والاقتصادية من خلال الحصول على اتصال مادي فعلي مع أوروبا، ولتحقيق هذا اتفقت إسرائيل وقبرص واليونان، في ديسمبر الماضي، على إجراء دراسة جدوى تبلغ كلفتها عدة ملايين من الدولارات لإنشاء خط أنابيب تحت البحر، بدعمٍ مالي من الاتحاد الأوروبي، حيث سيتطلب هذا المشروع أكثر من 7 مليارات دولار لإنجازه، ويطرح تحديات فنية بسبب عمق المياه.
وفي هذا السياق، جاء رد وزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا سريعاً، حيث روج لخطة بديلة، محورها صناعة الغاز الطبيعي المسال في مصر، حيث فقال إن دراسة جدوى المشروع الأول ستستغرق ما يصل إلى عامين وهذه رفاهية لم تعد المنطقة تتحملها.
وعقدت شركات مصرية بالفعل اتفاقاً بقيمة 15 مليار دولار لاستيراد الغاز الطبيعي الإسرائيلي، لجذب موارد إضافية، مثل الغاز القبرصي، لتصبح مركز الطاقة والغاز الطبيعي المسال في المنطقة.
وإلى جانب ذلك، لدى قبرص علاقات متوترة مع جارتها الشمالية الكبرى، تركيا، لأسباب تاريخية واضحة في الآونة الأخيرة، عرقلت البحرية التركية أنشطة التنقيب في المناطق التي تدعي أنها "محل نزاع".
وتعلم "تل أبيب" بالعرض المصري التنافسي والملائم أكثر، مقارنةً بمقترحها المُكلف نسبياً، لذا تثير المباحثات رفيعة المستوى بين قبرص ومصر بشأن صادرات الغاز القلق في إسرائيل.
مع ذلك، لا يزال الطريق طويلاً وشاقاً لإقامة بنية تحتية جديدة للطاقة في شرق المتوسط، لكن على الرغم من الصعوبات والمخاطر فإن العوائد كبيرة للغاية، بحيث لا تستطيع الأطراف المعنية تجاهلها.