إذا شاهدت صورها في بعض الأفلام التي علقت في ذاكرة جيلنا لم تتوقع أن هذه المرأة الجادة الكبيرة، كانت فاتنة الثلاثينات بصوتها العذب وأدائها المُبهر الذي جعلها تقف وتصمد على خشبة المسرح الكبير.
عقيلة راتب، كما اختارت هي لنفسها الاسم فراتب هو اسم أخيها، أما اسمها الحقيقي في منزل أبيها كاملة محمد شاكر، رفض والدها دخولها الوسط الفني ومجال التمثيل، وكان يعمل رئيسًا لقسم الترجمة بوزارة الخارجية، ولكنها أصرت فسقط مشلولاً لتعيش هي بعقدة الذنب.
بدأت حياتها الفنية في الثلاثينات من القرن الماضي، واشتهرت في بدايتها بصوتها الجميل والذي قدمته من خلال فرقتي علي الكسار وعزيز عيد الغنائيتين المسرحيتين في القاهرة.
عملت "راتب" ممثلة في المسرح في فرقة على الكسار هي وزوجها المطرب حامد مرسى، كما عملت في أوبريت هدى لتكون هي البطلة التي غنت فيه.
اختارها زكى عكاشه لتكون بطلة فرقته المسرحية في العديد من الأعمال منها مطرب العواطف، حلمك ياشيخ علام، الزوجة آخر من تعلم، خلف البنات، جمعيه كل وأشكر، نالت العديد من الجوائز عن أفلام مثل، لا تطفئ الشمس.
من أبرز الأعمال التي قدمتها في فترة كبرها أدوارها مع سندريلا الشاشة سُعاد حُسني في فترة الستينات ومع عبد الحليم حافظ أيضًا، وحسن يوسف وأحمد رمزي وفؤاد المهندس، إذ تمكنت من لعب دور الأم بنجاح، واختلفت عن أداء دور الأم عن باقي الفنانات الأخريات مثل أمينة رزق مثلاً، ولكنها أدت شخصية الأم القوية، أو التي تحاول السيطرة على أفراد اسرتها كما في "عائلة زيزي"، أو التي تُحب فرض رأيها على ابنتها كما في فيلم "ليلة الزفاف".
يعتبر زقاق المدق لمخرج الروائع حسن الإمام، من أشهر الأعمال التي صنعت نجومية عقيلة راتب بجانب أدوارها الأخرى، إذ أن الفيلم الشهير عن قصة للأديب العالمي نجيب محفوظ، وفيه جسدت عقيلة راتب دور "عديلة"، التي تتولى تربية "حميدة"، وشارك في بطولة الفيلم شادية، سامية جمال، يوسف شعبان، صلاح قابيل، حسن يوسف.
فقدت البصر في أواخر حياتها بسبب اصابتها بمياه على العين وكانت في هذه الفترة تعيش وحيدة حتى توفت سنة 1999، ومن أشهر أعمالها في التلفزيون عادات وتقاليد، نجحت في أدوار السيدة التي تعيش في الأحياء الشعبية أكثر من البنت الأرستقراطيه وفي البطولات لم تكن نجمة شباك تجذب المتفرج، لكن يمكن الوقوف عند أدوارها في زقاق المدق، حب ودموع، ودور الزوجة في القاهرة 30.
قدمت مايزيد عن 60 فيلما في السينما المصرية، منها بواب العمارة، "غدًا يعود الحب"، "الفرسان الثلاثة" وكان آخر أفلامها الفاتنة والصعاليك العام 1976 من إخراج حسين عمارة، ومن أعمالها المسرحية "مصير الحي يتلاقى" و"الزوجة آخر من يعلم" ومن أشهرها "هدى" و"ملكة الغابة"، ونالت عن أعمالها العديد من الأوسمة من الملك فاروق، وتكريمات من الرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات.