مدارس الخط العربي، مدارس رسمية متخصصة، تم إنشائها في مصر سنة 1922، بقرار من الملك فؤاد، لأن وقتها لم يكن ما يسمى بدراسة الخط العربي بشكل احترافي، وكانت عبارة عن حرفة يؤديها مجموعة من محترفين هذا الفن، وتورث جيلا بعد جيل، وكان الملك في هذا التوقيت يكتب مصحف، من عادة الملوك قديمًا كتابه المصاحف، كصدقة جارية، وبناء المساجد، أو عمل سبيل للمياه.
انتقلت كاميرا "أهل مصر"، إلى عبدالحميد محمد مصطفى، مدير مدرسة الخطوط العربية في مدرسة السعيدية، للوقوف على تاريخ المدرسة ونبحر في علوم لغة الضاد من خلال السطور التالية.
أكد مدير المدرسة، أن الملك استدعى أمهر الخطاطين الموجودين في تركيا في ذلك الوقت، وهو "الشيخ محمد عبد العزيز الرفاعى"، كان مشهور جدًا ومعروف بمستواه الفنى العالى، فطلب منه كتابة نسخة المصحف.
وأضاف، تم إنشاء أول مدرسة لتعليم الخط العربي، وكانت تابعة للخاصة الملكية، أى تعنى أن الملك هو الذي ينفق عليها من ماله الخاص، ليس من مال الدولة، فكانت مصاريف طلاب هذه المدرسة من إقامة وأدوات وأحبار وأقلام وأجور معلمين، يتحملها الملك، وكان الملك تكريما لهذه الدراسة، يوقع على شهادات الخريجين بنفسه، فكانت الشهادة ذات قيمة عالية لتوقيع الملك عليها غير توقيع وزير المعارف، ظلت المدرسة بهذه الكيفية، وكان موقعها في الدراسة، موقع كليات الأزهر حاليا، عند تطور الأزهر واحتياجه مكان لإنشاء كليات متخصصة للغة العربية والدراسات الإسلامية، وأصول الدين، تم نقل هذه المدرسة لحى باب الشعرية وأمام القسم مباشرة كانت توجد مدرسه الخليل أغا الثانوية، تم إلحاق المدرسة بها، وبعدها بفترة تم إنشاء مدرسة السعيدية سنة 1960، وتوالى إنشاء المدارس وانتشارها تدريجيا، حتى وصلت لاربعمائة مدرسة تقريبا، متفرقين على مستوى الجمهورية.
وقال "مصطفى"، إن الدراسة بالمدرسة مسائية، من الساعة الثالثة عصرًا، حتى السادسة مساءً يوميًا عدا الجمعة والسبت، تبدأ مع بداية كل عام دراسي وتنتهى معه، ومدة الدراسة بها أربع سنوات، ندرس فيها الخط العربي بكل أنواعه "النسخ والرقعة والثلث والفارسي والديوانى والزخرفة الأسلاميه واللغة العربية"، وفى المرحلة الثالثة والرابعة، يضاف على الطالب مادة أخرى، تسمى طرق التدريس، لكى يتعلم كيفية توصيل المواد المتعلمة بشكل علمى، إذا امتهن مهنة تدريس الخط، ليس فقط يعمل كمحترف لكتابة الخط العربى، ولكن ممكن أن يصبح معلم، فهذه المادة تؤهله لذلك.
وتمنح المدرسة المرحلة الأولى منها، بما يعادل الدبلوم المتوسط، فعلى الأقل يكون الدارس حاصل على المرحلة الإعدادية، لكن لا يمنع من وجود مرحلة أعلى ماجستير ودكتوراه وبكالوريوس وليسانس، وشروط الالتحاق بمدرسة الخط العربي، أن يكون حاصل على مؤهل، وفي نفس الوقت لابد أن يمر باختبار القبول للطلبة، قبل بدء الدراسة، وهذا الاختبار يكون عبارة عن خطى النسخ والرقعة، لكى نرى مدى استعداده وتقبله للدراسة، وبعد هذا يتم إلحاقه بالصف الأول.
وأضاف "مصطفى"، الخطوط سهلة في دراستها ولكن أصعب الخطوط فى الكتابة هو نمط خط الثلث، ويتوقف على توظيف الخط، ومهارة الكاتب، وأسهل وأيسر الخطوط هو خط الرقعة، يكتب في أقل مساحة ووقت، يليه خط النسخ، ثم الفارسي، ثم الخط الديوانى، ثم الثلث، أما الخط الكوفي، له خصوصية لأنه يكتب بأدوات هندسية يحتاج في كتابته وقت أطول ورؤية أعمق، وله توظيف معين، وفي مصر تستخدم كل الخطوط، وهذه ميزة، أما في تركيا وإيران يكتبوا بالخط الفارسي.
وأضاف، لابد أن تنتبه الدول أن هناك غزو على اللغة العربية، وعملية تغريب لأولادنا، للبعد عن اللغة العربية وما يسمى "بفرانكو آراب"، هى أولى خطوات الضياع من الهوية العربية، هتلر زرع في شعبه التمسك باللغة الالمانية، وقال فاروق شوشة في إذاعة القرءان الكريم، بمؤتمر حضر به، وكان وزير خارجية فرنسا يتحدث مع وزير خارجية إسبانيا بلغته الإسبانية، بعد الانتهاء من حديثه، استدعاه رئيس الوزراء، وقال له، اليوم استغنيت عن لغتك، غدًا تستغنى عن بلدك، والدولة ليست في حاجة لأعمالك، وفصله من منصبه، فلابد أن نتنبه لأهميه اللغة العربية في النطق والكتابة، ومن فضل الله على الأمة، حفظ منهجها ونزول القرءان عربي، وعند دخول مستعمر لدولة، أول شئ يفقد الدولة لغتها ويفرض لغته.
وأوضح مدير مدرسة الخط العربي، أن الوسيلة التى تعيد أهميه الخط العربى للأجيال الصغيرة، أن نعد معلمين المرحلة الأولى، وأن يكونوا على دراية لطريقة الكتابة الصحيحة وتكون ضمن المناهج، ولابد من تفعيل حصة الخط، هى موجودة في خريطة الدولة والوزارة، ولكن غير مفعلة واقترحنا سنه 1991، أن نأتى بمعلمين المرحلة الابتدائية، ونضمهم في دورة تدريبية لمده عام دراسي 8 شهور، يدرسوا خط النسخ والرقعة، ويحصلوا على شهادة تضاف لملف خدمته، ويسند إليه تدريس مادة الخط العربى بشكل علمى، وبعد 8 سنوات من صدور القرار، الوزارة أوقفته، ولم يتوصلوا حتى لسبب صدور هذا القرار، وهل ممكن استرداد هذا القرار مرة أخرى وتعميمه ويعتبر إلزام.
واختتم، كثيرًا كنت أطالب، بأن معلم المرحلة الابتدائيه قبل أن يبدأ في العمل، لابد ان يختبر، هل هو مستعد ان يكون معلم عنده آليات المعلم؟ من حيث أن يستطيع أن يقود قدرات عقليات الطلاب، فالمؤهل وحده لا يكفى، ولابد من وجود الاستعداد، وأن يكون مؤهلا تربويا وليس علمى فقط، والذى يكتب للأطفال يحفر في أذهانهم مدى الحياة، إذا كتب بخط غير منظم، ينتج عنه شخصية غير منظمة، وليس في اللغه العربية فقط، ولكن في كل المواد، إننا نعانى من غياب المناهج المناسبة، وعدم تأهيل المعلمين، ولابد من بناء أبنائنا بشكل ممتاز، فيجب الاهتمام باللغة، وتتنبه الدولة والوزارات والمسئولين، من وضع المناهج، فلابد من وضع استراتيجية معينة لإقامة منظومة تعليمية كاملة.