لا تزال سيدات مصر يضربن أروع الأمثلة في التضحية من أجل كسب لقمة العيش والحفاظ على الأسرة.. الظروف الاجتماعية تضطر بعض السيدات للعمل بمهن ذكورية بالدرجة الأولى كي يربين أبناءهن بالمال الحلال.
صفاء أبو اليزيد، 34 عاما، خاضت، ولا تزال، رحلة من الكفاح بدأتها منذ صغرها ولم تكتب نهايتها بعد، وتعد نموذجا مشرفا للمرأة المثالية التي لم تكرم ولم يعلم بكفاحها أحد.
34 عاما من الشقاء والعنت عاشتها الشابة في العقد الثالث، بدأت القصة منذ أن بلغت من العمر 14 عاما حيث تزوجت وهى قاصر بعد أن أجبرتها الأسرة على الزواج.. الزوج استغل براءتها ودفعها لتوقيع إيصالات أمانة كادت أن تودعها السجن لولا ستر الله لها، والتحريات التي جاءت لصالحها فأنصفها رجال القضاء.
صفاء أم مثالية بلا ألقاب
حارسة على محطة مياه.. هذه إحدى المهن التي امتهنتها صفاء لكسب الرزق الحلال، بائعة خضار في السوق وأحيانا "شيالة"، لم تتوان عن العمل في أي مهنة حلال من أجل سمعتها، حملت طفلتها وهي تعمل ولم تخجل، قادت التروسيكل وارتدت ملابس الرجال حتى لا تصبح فريسة.
قالت صفاء إنها عندما شاهدت الرئيس السيسي يكرم السيدات المكافحات سعدت بذلك وكأنها هي من نالت التكريم، مشيرة إلى أن كل أمنياتها في الحياة أن تحصل على سيارة ربع نقل حديثة بعد أن تعرضت سيارتها المتهالكة التي تحضر بها البضائع والفحم لحادثة وتهشم الصندوق الخلفي بها، وتحتاج لإصلاح يكلفها الكثير.
تحكى صفاء إحدى قصصها المأساوية المثيرة، وقعت لها أثناء قيادتها للسيارة الربع نقل وعلى متنها طلبية الفحم التي كانت تحضرتها من محافظات الدلتا إلى جنوب سيناء، فقد تعرض لها قطاع طرق أثناء عودتها إلى سيناء وكانت ابنتها بصحبتها، وطلبوا منها النزول من السيارة إلا أنها حكت لهم قصتها فكان القدر رحيما بها إذ تركوها تذهب في سلام.
صفاء أم مثالية بلا ألقاب
رغم كل ظروفها القاسية، قررت صفاء محاربة جهلها وحصلت على الشهادة الإعدادية ثم الثانوية التجارية، وتنوي الالتحاق بالجامعة حتى تلقى احترام المجتمع.
قصص كفاح كثيرة وراءها سيدات لا يعلم بهن أحد.. فمحافظة جنوب سيناء أقامت حفلا لتكريم الأمهات المثاليات، ورغم عطائهن واستحقاقهن للتكريم بجدارة، فإن معظمهن يعملن في وظائف حكومية ويحصلن على رواتب أو معاشات، بينما هناك عشرات من النماذج المكافحة التي تضطر للعمل في مهن صعبة وشاقة لكسب لقمة العيش..
أشارت صفاء بألم إلى هذا المعنى، وهي تشكو من أنها لم تكرم بالرغم من تضحياتها ومعاناتها على مدار 17 عاما، وتقول إنه تم تكريم موظفات بالمحافظة ومجالس المدن يحصلن على معاش، فيما هناك سيدات مكافحات بلا عمل منتظم يمثلن نماذج تستحق التكريم.