"أهل مصر" داخل جزيرة فرعون وقلعة صلاح الدين في طابا.. آثار جنوب سيناء: أسست لصد غارات الصليبيين (فيديو وصور)

تمتلك محافظة جنوب سيناء، مقومات سياحية رائعة لا مثيل لها في العالم، منطقة خليج العقبة أو ما يطلق عليها "ريفييرا" مصر، أحد الكنوز السياحية بالمحافظة، شواطئ خلابة ومناطق أثرية تاريخية، تحكي قصص في سيناء، ودورها المحوري على مر التاريخ، للدفاع عن مصر ضد أي معتدي أو غازي.

قلعة صلاح الدين الأيوبي بجزيرة فرعون، شاهد على عظة تاريخ سيناء، ومحاولة دول طمس التاريخ، بل تطمع في سيناء منذ مئات السنين، القلعة تبعد عن طابا نحو10 كيلو متر، وهى لافتة للنظر في المسافة بين طابا ونويبع، ويقع في المقابل فندق مملوك إلى شركة مصر سينا للسياحة، وهى مملوكة للدولة المصرية.

انطلاق ترميم القلعة

تعرضت القلعة للإهمال فترات طويلة، وتعرضت بعض الأجزاء للتلف، نتيجة لعوامل التعرية، خاصة أنها تقع في خليج العقبة، الوصول إلى القلعة يتم عن طريق المراكب، وبتنسيق كامل مع أجهزة الأمن المصرية.

انطلق مشروع ضخم لترميم القلعة، وافتتح المشروع في عام 2012 في عهد الدكتور محمد إبراهيم وزير الآثار السابق، وشمل التطوير السور الخارجي للقلعة، وإظهار المناطق المكتشفة به وحمايته من عوامل النحر والانهيار، بواسطة أمواج البحر الشديدة في فصل الشتاء، والتي تصل إلى داخل الجزيرة ذاتها، وعمل لوحات إرشادية مزودة بالمادة العلمية، وتأمين الصعود للقلعة وخطة إضاءة تحول الجزيرة لمدينة مرئية رائعة، تتلألأ ليلاً عبر السعودية والأردن وفلسطين المحتلة ومصر، تتيح زيارة القلعة ليلاً، وزيادة الأنشطة الثقافية بها، كما يشمل التطوير خدمات حول القلعة، وبرجولات خشبية لراحة الزائرين.

وأعمال حفريات أسفرت عن كشف آثار مهمة، ولوحات تأسيسية، أكدت بناء القلعة في عهد صلاح الدين ودورها الحضاري وملامحها المعمارية الأثرية.

حكاية صلاح الدين مع القلعة

محرر "أهل مصر" التقى خالد عليان مدير آثار جنوب سيناء، الذى أكد في حديثه، أن القائد صلاح الدين لم يقم بزيارتها نهائيا، وسميت على اسمه فقط حيث بناها شقيقه، ولا يوجد أي آثار فرعونية عليها، وإنما أطلق عليها جزيرة فرعون فقط، حيث كان اسمها جزيرة فار ثم فاروس وأخيرا فرعون. 

وقال، إن جزيرة فرعون أنشأها القائد صلاح الدين عام 567هـ 1171م، لصد غارات الصليبيين، وحماية طريق الحج المصري عبر سيناء، وكان لها دور عظيم في حماية سيناء من الغزو الصليبي، تحوى القلعة منشآت دفاعية من أسوار وأبراج وفرن لتصنيع الأسلحة، وقاعة اجتماعات حربية وعناصر إعاشة من غرف الجنود، وفرن للخبز، ومخازن غلال وحمام بخار وخزانات مياه، ومسجد أنشائه الأمير حسام الدين باجل بن حمدان، وبنيت القلعة من الحجر الناري الجرانيتي، المأخوذ من التل، التي بنيت عليه القلعة، وتوجد محاجر على القلعة شاهدة على هذا حتى الآن.

وأضاف، أن القائد صلاح الدين حرص على اختيار موقع استراتيجي في جزيرة (جزيرة فرعون)، وبنى قلعته على تل مرتفع عن سطح البحر شديد الانحدار، فيصعب تسلقه والقلعة تقع فوق تلين كبيرين تل شمالي وتل جنوبي بينهما سهل أوسط، كل منها تحصين قائم بذاته، قادر على الدفاع في حالة حصار الآخر، ويحيط بها سور خارجي كخط دفاع أول للقلعة، كما حفرت خزانات مياه داخل الصخر، فتوفرت لها كل وسائل الحماية والإعاشة، وكان خير اختيار للماضي والحاضر والمستقبل.

وأشار عليان، إلى أن القلعة تحوى عناصر دفاعية تتمثل في سور خارجي كخط دفاع أول يخترقه 9 أبراج دفاعية، ثم تحصنين شمالي ويخترقه 14 برج من بينها برج للحمام الزاجل وتحصين جنوبي صغير ولكل تحصين سور دفاعي كخط دفاع ثاني.

"مزاغل السهام" 

هي عبارة عن فتحات في أبراج وتحصينات أسوار القلعة، مشيدة على كل أسوار القلعة لحمايتها ومراقبتها من جميع الاتجاهات، المزاغل بنيت على طراز معماري، مثل الموجود في دير سانت كاترين، وهى عبارة تأخذ شكل مثلث متساوي الساقين في المواجهة، وقائم الزوايا في الجوانب، لإتاحة المراقبة من كل الجهات، وبعض هذه الأبراج يتكون من طابق واحد، وبعضها من طابقين وبالبعض ثلاثة مزاغل، والأخرى خمسة أو ستة مزاغل واستخدمت في أسقف الأبراج، المزاغل ضيقة جدا من الأمام، وواسعة من الخلف بحيث يصعب على الغزاة إصابة حارس المزغل، بينما العكس تعطيه مساحة رؤية كبيرة للبحر، وإصابة الغزاة بسهولة.

في الجزء الشرقي من القلعة يقع التحصين الشمالي، وعثر بداخله على بيوت الحمام " بناني الحمام"، وبها بقايا حبوب من الشعير والفول، حجرات للجنود خلف السور الغربي للتحصين الشمالي بالقلعة وهى أشبه بغرف إعاشة وحراسة لقربهم من الممر الموجود خلف شرفات القلعة المستخدم لمراقبة أي هجوم مفاجئ، وبهذه الحجرات حنيات صغيرة لوضع مسارج الزيت للإضاءة، يوجد بالقلعة خزان للمياه وصهريج، حيث يقع الخزان قرب السور الشرقي للتحصين، وهو محفور في الصخر. 

مخازن الغلال 

ويعتمد على مياه الأمطار التي تتساقط عليه من خلال فتحات (خرزات) بالأقبية الطولية التي تغطى الخزان وفى حالة ندرة الأمطار يملئ الخزان من بئر بوادي طابا، وينقل الماء بالمراكب للقلعة، أما الصهريج فهو أصغر حجماً ويقع مجاوراً لمنطقة حمام البخار والمطعم، وفرن القلعة ومخازن الغلال، وهو مبنى من الحجر الجيري ويتكون من عمود أوسط من عدة حلقات لقياس منسوب المياه، يحمل عقدين وتنقل إليه المياه بواسطة حوض خارجي يتصل بالصهريج عن طريق قنوات فخارية وبجوار الصهريج حواصل الغلال الذى عثر بها على بقايا قمح وشعير وعدس وكذلك فرن القلعة حيث كشف عن البلاطة الخاصة بالفرن "العرصة" يجاورها موقد بلدى "كانون" وقواعد لجرار كبيرة ربما كانت لتخزين أغراض متعلقة بحجرة المعيشة وكناحية استشفائية وللمحافظة.

وقال أنشأ صلاح الدين داخل القلعة حمام بخار وقد تم الكشف عن طريقة تشغيل هذا الحمام الذى يتكون من ثلاث غرف الأولى لتغيير الملابس وبها مصاطب للجلوس عليها تمهيداً للدخول إلى مر طولي يؤدى إلى الحجرتين الساخنتين حيث تتدرج السخونة من الحجرة الثانية إلى الثالثة الأكثر سخونة والتدرج هذا لمنع الإصابة بنزلات البرد كما عثر على المواسير الفخارية بالجدران وهى التي كان يمر بها الماء الساخن الناتج من الخزان الخلفي للحمام حيث يتم الإيقاد عليه حتى يتبخر الماء ليتم توزيعه عبر هذه المواسير حتى تكتمل الدورة الحرارية من الجدران والأرضيات الساخنة.

تضم القلعة مسجد صغير، يضم محراباً وشباكان جانبيان، ومن حسن الحظ، تم العثور على اللوحة التأسيسية لهذا المسجد، متساقطة عند مدخله، وتم إعادتها لموقعها الأصلي فوق المدخل في أعمال الترميم، وهى مكتوبة بالخط النسخى في ثلاثة سطور أعمر هذا المسجد المبارك، الأمير حسام الدين باجل بن حمدان، ورغم أن السنة متآكلة، ولكن حيثما وجد مسلمون في أي مكان وجد المسجد، لذلك تم تأريخه إلى وقت إنشاء القلعة 567هـ -1171م. 

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً