يتابع العالم من بعيد وبترقب وقلق، التطورات المتلاحقة في حرب غزة، حيث لا تتحكم في ما يجري على أرض القطاع الخاضع لسيطرة حركة حماس بالكامل، ولا تملك السلطة الفلسطينية سوى بقاء الهدنة التي سعت لها مصر في محاولاتها التهدئة مع إسرائيل، بينما أنذرت إسرائيل المستوطنين في "غلاف غزة" مساء الاثنين بأن "دوي انفجارات سيُسمع قريباً".
وحذرت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية من توظيف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إطلاق الصاروخ من غزة إلى شمال تل أبيب لمصلحته ومصلحة حلفائه في اليمين في "المزاد الانتخابي الإسرائيلي" عبر تشديد الحصار البحري والبري على قطاع غزة.
وشددت اللجنة التنفيذية في بيان على أن ما يجري في غزة يؤكد أن نتنياهو يخطط "لتصعيد الحصار والعدوان على القطاع وخلق أجواء متوترة في المنطقة، لاستكمال واشنطن وتل أبيب تطبيق "صفقة القرن"، ومن ضمنها تكريس الانقسام من خلال فصل غزة عن الضفة".
وتتهم القيادة الفلسطينية كلاً من واشنطن وتل أبيب بالعمل على إجهاض إمكان قيام دولة فلسطينية والاستعاضة عن ذلك بإنشاء حكم ذاتي في الضفة الغربية بعد ضم غالبية أراضيها إلى إسرائيل، وإنشاء دويلة في قطاع غزة.
وأكدت اللجنة التنفيذية تمسكها "بحق الشعب الفلسطيني بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي على كامل أراضيه المحتلة في العام 1967، وتجسيد دولته الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وحق العودة للاجئين وفق قرار الأمم المتحدة رقم 194".
"
وقالت وكالة وفا الفلسطينية أن حماس توجه رسائل قوية إلى إسرائيل من خلال إطلاق الصاروخ حتى تقوم الأخيرة بتنفيذ بنود التفاهمات بين الجانبين برعاية مصر وعدم التراجع عنها، حيث أن إطلاق الصاروخ يأتي في ظل المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس الهادفة إلى التهدئة مقابل تخفيف الحصار عن غزة.
واكدت الوكالة الفلسطينية بنسختها الإنجليزية أن الوفد الأمني المصري يوجد في فلسطين، ولم يغادرها على الرغم من تدهور الأوضاع الأمنية جراء إطلاق الصاروخ الاثنين.
وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أن الصاروخ أُطلق من محافظة رفح جنوب قطاع وسقط شمال تل أبيب بعدما قطع نحو 120 كيلومتراً، مضيفاً أن حركة حماس صنعته.
وهذه المرة الثانية خلال الشهر الحالي التي تفشل فيها قبة الحديد في اعتراض صواريخ طويلة المدى، أُطلقت من غزة نحو تل أبيب.
تأثير الأزمة على الانتخابات الاسرائيلية
ظهر القادة العسكريون على الشاشة بزيهم العسكري الكامل، وهم يأمرون القوات بالتحرك، إعلاناً عن الحرب القادمة ضد حماس،كما كان إعلاناً ترويجياً للطريقة التي يعتزم بها الثلاثي من رجال الدولة المحاربين القدامى الذين يقودون التحالف الوسطي "أزرق وأبيض" الجديد، للاطاحة برئيس الوزراء الذي شغل المنصب طويلاً، بنيامين نتنياهو.
وقالت صحيفة النيويورك تايمز انه بالرغم من أن نتنياهو يواجه اتهاماً محتملاً في ثلاث قضايا فساد هذا الصيف، إلا أنه احتفظ بقاعدة قوية من الدعم الشعبي،حيث قدم قادة ائتلاف أزرق وأبيض والآخرين من المعارضين لنتنياهو، عودة الجنرالات باعتباره استدعاء طوارئ لمرة واحدة من أجل الدولة وتطهير الحكومة.
وبسبب العداء المحيط بإسرائيل من جيرانها، انتقلت إسرائيل نحو اليمين، وبات اليساريون يتعرضون للانتقاد لسذاجتهم وعدم وعيهم بالتهديدات القادمة من إيران وحلفائها من القوات المرابضة على أعتاب إسرائيل.
ينظر الكثير من الليبراليين للجنرالات الوسطيين على أنهم المقابل الوحيد الحقيقي لنتنياهو الذي قاد حملةً دبلوماسية ضد إيران على الساحة العالمية، واكتسب هالة مَن لا يقهر.
و يرفع المعارضون لنتنياهو شعار "أي شخص عدا بيبي" كما يطلقون عليه في إسرائيل، وحتى لا يُهزم حزب المعارضة العمالي، جنَّد تال روسو، رئيس الأركان السابق، في الموقع الثاني لديها.
نتنياهو يتمسك بالضفة
قالت صحيفة معاريف الإسرائيلية إن نتنياهو يحافظ على حماس لأنه لا يراها العدو الحقيقي، بل يعتبر أن السلطة الوطنية هي العدو، وأن المشكلة الوحيدة لدى رئيس الوزراء الاسرائيلي أنه لا يخبر سكان اسرائيل والمستوطنين في غزة بهذه الحقيقة.
وقالت الصحيفة إن نتنياهو ليس في أولوياته منطقة غزة، وأن المناطق المهمة له سياسيا هي رام الله ونابلس والخليل، وهو مستعد للتخلي عن قطاع غزة من أجل تشديد قبضته على الضفة الغربية.
وحين يتعلق الأمر بقطاع غزة نجد نتنياهو لديه ضبط النفس، فهو يملك استراتيجية ليس حبا في مردخاي ولكن كرها في هامان، وهي ليست محيط غزة بل رام الله ونابلس وبيت لحم والخليل، فهو يتخلى عن قطاع غزة من أجل تعميق قبضته على الضفة الغربية.
وترى الصحيفة أن نتنياهو يفترض أن يكون في القمة الآن، قبل أسبوعين من الانتخابات، عقب الاعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان، لكنه يجد نفسه في أزمة في ظل سقوط الصواريخ، وعليه أن يقرر ما هو الأسوأ، ضبط النفس الذي سيحوله إلى كيس من الرمل.
وأضافت "نتنياهو وحكومته يحافظون على حماس بكل قوتهم، لأنهم يرون في السلطة الوطنية الفلسطينية عدوا استراتيجيا، وحماس كنز بالنسبة لهم، وبالنسبة للمعارضة لا توجد إجابات دقيقة، بل "أزرق وأبيض" يتكلمون بالشعارات ولا يقدمون رؤية حقيقية، ويوم أمس كان يوما طويلا وحرجا، لكن اشكنازي ولبيد ويعلون وغانتز اختفوا".
وتابعت أن "سكان غزة انتخبوا حماس واختاروا طريق الإرهاب، وفضلوا إقامة نموذج حزب الله في قطاع غزة بدلا من نموذج سنغافورة، والآن بدأوا يدركون حجم الخطأ، ويخرجون ضد حكم حماس، لكن سيكون من الصعب تغيير نظام إسلامي من الداخل ولا يوجد حل آخر سوى تغيير حكم حماس من الخارج".