تصدرت الساحة الإعلامية لساعات، أخبار اختفاء فتاة من مدينة جامعية تابعة لجامعة الأزهر الشريف فرع أسيوط، وما نسج من أخبار وحكايات مدبرة ومتعمدة لشحذ نظرة الطالبات داخل الجامعة وخارجها لاتجاهات عدة تستهدف توجيه السلوك نحو القرارات الملونة انفعاليًا، ولم يدرك الكثير من المتابعين لهذه الأكذوبة التى تعمدت وصفها بالأكذوبة ليس فقط لكم البيانات التى تنفى الواقعة، بل لكم التفسيرات المنطقية التى أنبثق عنها أسئلة بليغة الدلالة كانت كفيلة بنسف كل الروايات و الأكاذيب التى نسجت حول الفتاة المزعومة ، وهنا يمكننا الإستدلال على العديد من الملامح التى قد تساهم فى رسم صورة أكثر عمقاً.
فلو نظرنا لتيارات المعارضة السياسية الكارهة والحاقدة لا الداعمة المحبة للوطن نجد أنها أتخذت مؤخراً أساليب سطحية للتعبيرعن وجودها بمبدأ الحروب العسكرية التى لا تعلن عن الإنتصار الكامل إلا إذا توقف الطرف المهزوم عن المقاومة والخضوع، ونرى جميعاً مدى الإفلاس السياسي الذى منيت به هذه التيارات تزامناً مع الخطوات الراسخة التى تخطوها الدولة المصرية نحو إستعادة مكانتها الإقليمية والدولية والتى لا أمل لأعداء الوطن فى الرجوع عنها، كما أنه لا سبيل للرجوع، لأن حب الوطن والحفاظ عليه متصل بحياة المصريين وممتزج بدمائهم وغذاء روح لأنفسهم، لذلك يلجئ هؤلاء إلى ترويج الإشاعات الإشاعة تلو الأخرى طمعاً فى الحصول على شرارة تخرق الإستقرار طمعاً فى التخريب.
ومن دلالات هذه الأكذوبة التى ترفع من سقف تحليلي إلى أعلى درجات التحليل التفسيرى التى أطمع فى وضعها موضع التفسير العلمى، حيث أننا نواجه حرب كاملة الأركان ، تتصدرها آلة إعلامية تستخدم كل وسائل الإعلام البسيطة والمعقدة لخدمة غايتها وأهدافها الخبيثة، وينصف تفسيرى نتائج التحقيقات التى تم إجرائها بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى والتى حسم الإعلام نتائجها عن الأخبار الوحشية التى سادت ميادين القتال وساحات عواصم العالم الإعلامية فلم يجدوا لها دليلاً قوياً على تواجدها، بل لم يجدوا لها دليلاً على الإطلاق، ما دفع اللورد "بتسونبى" أن يقول نصاً (أن دس سم الكراهية فى عقول البشر عن طريق التزييف والتزوير لشر أعظم فى زمن الحرب من الخسائر الفادحة فى الأرواح، وأن تدنيس النفس الإنسانية لأسوأ من تدمير الجسد الإنسانى)، أليس هذا ما نتعرض له كل يوم من أخبار لا يمكن أن يستقيم فى عقل حدوثها.
ولو تركنا لنظرنا العنان قليلاً لنرى الوضع الإقليمي نجد أن مثل هذه الإشاعات التى من شأنها الإثارة و نشر الفوضى سنرى فى شمال أفريقيا فى الجزائر والمغرب بوادر أزمات سياسية تشبه إلى حد كبير بل تتطابق وأحداث شهدتها عدة عواصم عربية منذ سنوات، وتسببت فى دمار بعضها و تعسر البعض الآخر، تزامناً مع إجتماعات عربية وتحالفات سياسية عربية وقمة عربية يتم التحضير لها قريباً، يعلن البيت الأبيض عن منح صق ملكية الجولان العربية السورية لإسرائيل، وعد من لا يملك لمن لا يستحق طمعاً فى إثارة الشارع العربى المثقل بالمشاكل ضد حكوماته ،لذلك علينا كشعب أن ننشر بيننا منطق الفكر التحليلي الذى يساهم فى بناء درع فكرى تتحطم عليه كل أشكال الفتن والإشاعات معلومة المصدرو الأهداف.
المقالات المنشورة بالموقع تُعبر عن رأي الكتاب ولا تمثل رأي هيئة التحرير