انتابني شعور بالفخر والإباء، أثناء توجهي إلى قرية "المؤانسة سنجها"، التابعة لمركز كفر صقر، ليس فقط لكوني على موعد مع الحاجة "فهيمة علي إبراهيم"، أكبر معمرة في محافظة الشرقية، التي كرمها الرئيس السيسي، ولكن لأنني ابنة نفس المحافظة، تحركت بشغف جارف لملاقاة سيدة عظيمة، شامخة، تمثل تاريخ حي لقرن من الزمان، لمست فيها الأصالة والحضارة، مر أمامي مئات الكتب وعشرات الروايات، التي سطرت، بداية من ثورة 1919 الفارقة الملهمة، مرورًا بالفترة الليبرالية المصرية، بالإضافة إلى ثورة 1952، شاهدت نكسة 67، فرحت بانتصار أكتوبر 1973 المجيد، راجعت فترة مبارك بأفراحها وأحزانها، وصلت إلى 25 يناير، شعرت بالدوران في رأسي عقب وصولي مباشرة، وضبطت نفسي وأنا أتذكر 30 يونيو، على أعتاب منزلها، الذي أعادني إلى واقع بديع، وإذا بي أمامها مباشرة.
اقرأ أيضًا.. مبارك في حوار تلفزيونى: "قلت للحرس الجمهوري سيبو المتظاهرين يموتوني" (فيديو)
«ثروتي تكونت نتيجة تعب وشقاء لسنوات.. ابدأ يومي بالصلاة وقراءة القرأن».. هكذا افتتحت الحاجة "فهيمة" أكبر معمرة بمحافظة الشرقية ذات الـ103 عامًا، حديثها معنا، مضيفة "أولادي بيسمعوا كلامي، والكلمة اللي بقولها بتمشي، والحمدلله ربنا جبر بخاطري، وقابلت الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي حمى مصر من الضياع والإرهابيين".
بابتسامة طفولية، قالت الحاجة فهيمة لـ"أهل مصر"، "الرئيس السيسي كرمني، وقالي تسلمي يا أمي وأم مصر كلها.. يا سيدة مصر الأولى.. ومسك ايديّ الاتنين وقبلهم، وقبلني في وجهي، وكان يقولي اللهم صلي على النبي.. فرديت عليه تسلم لمصر"، مؤكدة أنا انتخبت الرئيس السيسي لأنه شجاع، وتعب كثيرًا من أجل مصر، مضيفة تبرعت بمبلغ 30 ألف جنيه لصندوق تحيا مصر، علشان السيسي راجل وبيستحمل الصعب عشان مصر".
اقرأ أيضًا.. إزاى تحسب مرتبك بعد رفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات
وعلقت على تكريمها من الرئيس عبد الفتاح السيسي، قائلة: "لم أكن أتوقع أن يكرمني الرئيس على تبرعي لصندوق تحيا مصر، وفوجئت بتلك الاحتفالية الكبيرة"، مضيفة "أنا بحب السيسي لوجه الله".
وتابعت: "أنا كنت بجمع الزبدة والجبنة والطيور من الفلاحين في تلراك وصان الحجر، وأذهب إليهم مشيا على قدمي مسافة لا تقل عن 7 كيلو وأكثر، وأبيعها في القاهرة، وجمعت الفلوس دي" مضيفه: في مثل عندنا بيقول "قرش للسوق.. وقرش للصندوق".
واستكلمت: ذهبت لأداء فريضة الحج مرة، "ولما اتبرعت لصندوق تحيا مصر، كأني ذهبت للحج مرة أخرى"، مشيرة إلى مساعدتها لزوجها ووفرت الأموال له لآداء فريضة الحج أيضًا.
وأضافت: لدي 7 أبناء وأكثر من 50 حفيد، "لاعمري خنت ولا أكلت حرام.. وربيت عيالي بالحلال"، مشيرة إلى أنها كانت دائما تنصح أبنائها بالسعي وكسب الرزق بالمال الحلال، وتردد على أذهانهم قائلة: "أوعوا تدخلوا بيتكم الحرام ولاتغضبوا ربنا.. ولاتستغلوا غيركم".
وأكدت: أنها عاصرت "الملك فاروق"، وكانت دائمًا ترى موكب الملك فاروق، عندما كانت تتوجه للقاهرة، كما التقت بالرؤساء محمد نجيب وجمال عبدالناصر عندما زاروا قريتها لتأدية واجب العزاء في أحد القيادات المهمة في ذلك الوقت.
وأكد أمين عمر أصغر أبنائها، أن والدته كانت تشقى وتتعب وساعدت والده في توفير لقمة العيش له ولأخواته، وبعد وفاة والده، استكملت مسيرة الكفاح بمفردها، وكان مبدأها في التجارة الأمانة والصدق، وكانت تساعد أي محتاج يلجأ لها، وتقرض جيرانها، مشيرًا إلى أنها كانت دائما تمسك زمام الأمور في عملها، وفي أمور المنزل، حيث كانت تذهب للأسواق لبيع وشراء المواشي، وعندما اشتروا أرض تابعتها جيدًا.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
