تعد سيناء، ممر ديني وتاريخي له شخصيته، حيث أن هناك العديد من الأماكن المهمة بها، وعلى رأسها مسار "درب سيناء"، الذي يعد من أشهر دروب جنوب سيناء، ويستهوي ألاف السائحين من محبي المغامرة، ويبلغ طوله نحو 200 كيلو متر، يمر بصحراء ممهدة وجبال ومرتفعات وسهول وممرات صخرية، ويشمل هذه الدرب، العديد من المناطق الأثرية والدينية.
يعتبر فصلي الربيع والخريف، أفضل الفصول للمشي الطويل على درب سيناء، ذلك لكونها الفصول الانتقالية بين حر الصيف الشديد وبرد الشتاء، وهو ما يزيد من استمتاع عشاق السير في هذا الدرب، والتمتع بمناظره الخلابة.
قال خبير الأثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بوجه بحرى وسيناء، أن جبل موسى من أهم المناطق التي توجد بدرب سيناء، لافتا إلى أن جبل موسى واحد من أكثر القمم قدسية في العالم، ربما كان الأكثر قدسية في التاريخ، هذا هو المكان الذي أجمع اليهود والمسيحين والمسلمين، على أن النبي موسى كلم الله، وتلقى الوصايا العشر من عليه، ويزور الحجاج الجبل من أكثر من ١٥٠٠ سنة، ويظل الجبل ذو شعبية كبيرة حتى اليوم.
جبل موسى
كما يعد جبل موسى، أكثر الجبال تسلقا عن أي جبل أخر في مصر، وتقع قمته على ارتفاع حوالي ٢٢٨٥م، فوق سطح البحر، وعلى قمة الجبل، تجد كنيسة صغيرة، شيدت في القرن العشرين فوق ركام كنيسة بيزنطية قديمة، وبجانبها هناك جامع صغير، وبالأسفل تجويف صخري، يقال أنه المكان الذي احتمى به موسى أثناء وجوده بالجبل، تلك البقع التاريخية موجودة في نفس الجبل.
ولم يظن الحجاج، إلا قريبا أن جبل موسى هو الجبل المذكور في الكتب السماوية، كانوا يظنون أنه جبل سربال، وهو قمة عالية على بعد ٦٠ كيلو متر من جبل موسى، أو جبل سيناء، ظن البعض الآخر، أن الجبل المقدس يقع في شمال سيناء، كجبل هلال، أو جبل مغارة، وبعض المؤرخين لازالوا في خلاف حول الأمر حتى الآن.
وأضاف "ريحان"، أنه يوجد في درب سيناء أيضًا "جبل كاترينا"، ويعد جبلا مقدسا، وسمي بهذا الاسم نسبة إلى القديسة كاترينا، التي اعتنقت المسيحية، وقتلها الرومان في القرن الرابع الميلادي.
دير سانت كاترين
كما يوجد في الدرب "دير سانت كاترين"، ويعد ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، وواحد من أهم المعالم التاريخية بالمنطقة، ويقع الدير في وادي صخري أسفل جبل سيناء، وبني الدير من حوالي ١٥٠٠ سنة، بأمر من الإمبراطور البيزنطي جستنيان، ويقول الكثير من المؤرخين، إن الدير يعد أقدم كنيسة في التاريخ، وتبدو هذه الكنيسة من الخارج، أشبه بالقلعة، كما يوجد بالكنيسة مسجد صغير بني في القرن الحادي عشر للزوار المسلمين، وشجرة العليقة والكنيسة، والعديد من المباني والمعالم التاريخية المهمة، غير أن الدير يحتوي على مكتبة هي الأهم في العالم بعد مكتبة الفاتيكان، نظرا لأهمية مقتنيات هذه المكتبة، والتي يرجع البعض الى أنها نعود إلى أوائل القرون المسيحية.
يظل الدير مفتوح للزيارة ويضم ٢٠ راهبا مقيمين هؤلاء الرهبان يتبعوا الملة الأرثوذكسية مما يعكس تاريخ الكنيسة البيزنطي،ويعيشون مثل أسلافهم حيث يقومون بواجباتهم ويصلون ويتأملون.
قبيلة جبلية
تعد قبيلة چبلية جزء من تاريخ الدير، حيث تقول القبيلة، إن أسلافها كانوا جنودا من شرق أوروبا، أتوا لحماية الدير بعد إنشاءه، العديد من أفراد قبيلة چبلية يعملون لدى الدير وقاموا بحمايته أثناء الثورة المصرية في السنوات القليلة السابق،ة كما فعل أسلافهم في العصور القديمة.
وقال إسلام نبيل مدير مكتب هيئة تنشيط السياحة بجنوب سيناء، إن "عين حضرة" أو "النبع الأخضر"، تعد من درب سيناء، وهي من أجمل واحات سيناء لغناها بأشجار النخيل، الواقعة بين الهضبات البرونزية، وأبهرت الواحة الزوار لعقود طويلة المستكشفين الأوربيين، قالوا إنها موقع حضرويت في الكتاب المقدس وأساطير البدو، تقول إنها بوابة العبور لكنز كبير تحت الأرض.
وأوضح، أنه كانت نقطة التزود بالمياه، لحجاج القدس وجبل موسى، والحجاج المسلمين لمكة الآن يعيش بها عدة عائلات من قبيلة مزينة كل منهم يمتلك قطعة أرض بالواحة. يزرعون البلح، الزيتون والفواكة ويوفرون إقامة أساسية للمسافرين الواحة من أكثر المناطق شعبية على مسار الدرب ومكان مثالي للإستراحة من المشي. هناك الكثير من المواقع الرائعة حول الواحة ويمكن إستكشاف بعضها مشياً في أثناء النهار تتضمن تلك الأماكن الوادي المغلق وهو ممر رملي بين حائطين صخريين مرتفعان ومنطقة النواميس بعين حضرة والوادي الأبيض الذي هو نقطة إنطلاق لتسلق جبل روم وجبل برقه ويعطي الوادي إنطباع بأنه عميق لكنه على بعد ٤٥ دقيقة مشي من الطريق الرئيسي بين سانت كاترين ونويبع ودهب.
وادي حجاج
وأكد مدير مكتب تنشيط السياحة بجنوب سيناء، أنه يوجد أيضًا في درب سيناء، منطقة تسمى "حجر مكتوب" ووادي حجاج، وتقع في منتصف وادي حچاچ الرائع، الذي كان نقطة عبور مهمة للقوافل القديمة خاصة الطريق إلى دير سانت كاترين ولازالت أثار تلك القوافل موجودة اليوم.
ستجد توثيق لأسماء الحجاج من أرمنيا الشام واليونان ورموز مسيحية كالصلبان منقوشة على الحجر إتجه نحو الوادي الواسع وستجد صخور أخرى مزينة بنقوش الحجاج معظم الرموز والنقوش الموجودة في وادي حجاج وسيناء كلها تمت بواسطة الأنباط (أصل أهل الأردن الأن) والآلاف من هذه النقوش لا يزال موجود والكثير منها غير موثق.
وعادة ما تجد نقوش الأنباط والحجاج فوق أو بجوار بعضهم، وهو أمر مقصود جيث وضع الحجاج المسيحيين نقوشهم بالأبجدية النبطية ظنا منهم أنها كتابات النبي موسى أثناء التيه في سيناء، كما يذكر الكتاب المقدس أن موسى وقومه تاهوا في الصحراء لمدة ٤٠ عاماً.
وتابع "إسلام"، كما يمر هواة السير في درب سيناء بمنطقة "الجبل الملون أو الصحراء الزرقاء"، وتوجد على بعد بضعة كيلو مترات من سانت كاترين، أسفل تلك الجبال الحمراء، تقع مجموعة من الصخور ذات اللون الأزرق الزاهي، مبعثرة على سهل منحرف تعرف هذه المنطقة بالوادي الأزرق، طلاها بهذا اللون فنان من بلچيكا إسمه چين ڤيرامي، للإحتفال بعودة سيناء للسيادة المصرية من المحتل الإسرائيلي، ظل الفنان ڤيرامي يكافح لمدة سنتين، للحصول على موافقة السلطات المصرية، حتى أن قام الرئيس أنور السادات، بالموافقة شخصيا بموافقة من الرئيس بالإضافة إلى عشرة أطنان من الألوان مهداة من الأمم المتحدة بدء الفنان العمل في ١٩٨٠ وانتهى في نفس العام وبدء الطلاء في التشقق قليلاً اليوم لكنه مثال للسلام في سيناء باق وموجود الي الأن.
البساتين الجبلية السيناوية
هذا بالإضافة، إلى مناطق "البساتين البدوية"، وهذه المناطق المنخفضة الصحراوية، يظن المسافر أن اللون الأخضر ممنوع، وحين تصعد للأماكن المرتفعة بالقرب من سانت كاترين، تبدأ في رؤية النباتات على التلال في الوديان، هذه المنطقة هي البساتين الجبلية السيناوية، حيث ينمو المشمش الرمان الكمثرى وأشجار اللوز، يعود تاريخ بعض هذه البساتين للعصر المسيحي القديم ويقوم على زراعة هذه البساتين قبيلة چبلية كما ينظموا بها رحلات سفاري لعشاق العيش في الطبيعة.