تخطط سلطنة عٌمان لمشروع تسعى فيه التنافس مع دبي من خلال تقليل اعتمادها على النفط، فبعد مئات الأميال من شاطئ خليج عُمان يتم صناعة السفن عبر "ميناء الدقم" المخطط الجديد لمسقط ليصبح المشروع الاقتصادي الأكبر في الشرق الأوسط.
وكشفت موقع "ميدل إيست آي" أن الشركات الصينية بدأت بالفعل التعاقد مع عُمان باستثمار 10.7 مليار دولار في "ميناء الدقم" التي تسعى لربط الخليج بطرق التجارة البحرية الأكثر ازدحاماً في العالم، وتضم منطقة الدقم الاقتصادية، العديد من المشاريع، من بينها ميناء متعدد الأغراض، ومصفاةً تهدف لمعالجة 230 ألف برميل نفطٍ خام يومياً، وأكبر حوض جاف في الشرق الأوسط، يتسع لنحو 200 سفينة كل عام.
مشروع عُمان 2040
وتتوقع الصحيفة أن يبدأ المشروع العمل بطاقته الكاملة في عام 2020 في محاولةٍ لتنشيط الاقتصاد الوطني ومعالجة اعتماد طويل الأمد على قطاع الهيدروكربونيات، الذي كان يُمثل 55% من إجمالي الدخل القومي للبلاد عام 2017.
وتقع مدينة "الدقم" على بحر العرب، وتبعد 6 ساعاتٍ بالسيارة في مسقط، وتبعد مسيرة يوم كامل لأية ناقلة نفط عن مضيق هرمز، الممر الضيق الذي تمر منه ثلث تجارة النفط البحرية، يُعتبر المضيق بوابة الخليج العربي، وبتهديد إيران المتكرر بإغلاقه، فإن الميناء العماني هو موقع مثالي ليكون محوراً بديلاً للشحن.
ويحتاج "مشروع الدقم" الجديد لجذب انتباه سفن الشحن بعيداً عن ميناء جبل علي الواقع في دولة الإمارات يُعتبر ميناء جبل علي أكبر ميناء مياه عميقة في المنطقة، وهو يضم أكبر ميناءٍ من صنع الإنسان في العالم، ومحطتي حاويات كبيرتين تقوم فيها السفن بتفريغ حمولاتها قبل إعادة شحنها إلى جميع أنحاء الخليج والهند وإفريقيا.
وتأمل عُمان أن تكون صناعة السفن قادرةً على التمتع بنفس قدرة الوصول للشرق الأوسط التي يوفرها "جبل علي"، دون الاضطرار إلى المغامرة في مضيق هرمز وما وراءه.
المنطقة الاقتصادية في عُمان.. ومشروع "المصفاة"
وكشفت صحيفة "تايمز أوف عمان" أنه من المتوقع أن تضم المنطقة الاقتصادية أول مصفاة في الشرق الأوسط معدةً لمعالجة الخام القادم من دولٍ أخرى في الشرق الأوسط على أساسٍ تعاقديٍ طويل الأجل، والمصفاة مشروع مشترك بين شركة تنمية نفط عمان وشركة بترول الكويت العالمية المحدودة.
دور إقليمي هام
تهدف "الدقم" للظهور كمركزٍ إقليميٍ لإعادة الشحن، تقوم فيه السفن الكبرى القادمة من آسيا بتفريغ شحناتها التي سيُعاد شحنها إلى الخليج وشرق إفريقيا،فإن الدقم تشكل رابطاً مهماً في مبادرة الحزام والطريق الصينية، وهو برنامج تدعمه الدولة لربط آسيا بإفريقيا وأوروبا، والذي يُشار له باسم طريق الحرير البحري للقرن 21، مستحضراً طرق التجارة القديمة التي كانت تربط الشرق بالغرب.
وفي عام 2016 وضع "اتحاد وانفانغ عُمان"، وهو اتحاد من 6 مؤسساتٍ صينية، خطةً لتأسيس مدينة صناعية صينية في الدقم، واستثمار 10 مليارات دولار،لكنني لا أرى أن الصين ستحول كل نشاطاتها التجارية الإقليمية إلى الدقم؛ لأن الشريك الاقتصادي الأكبر للصين في المنطقة يظل الإمارات.
وسيلعب المشروع دوراً هاماً في توفير الوظائف التي تشتد الحاجة إليها في بلدٍ يواجه بطالةً مرتفعةً باستمرارٍ، وأزمة عملٍ حادةً بين الشباب، وعلى امتداد السنوات العشرين التالية، قد يخلق قطاع اللوجستيات نحو 300 ألف وظيفةٍ وفقاً لتصريحات الحكومة.
ومنذ الانخفاض الحاد في سعر النفط العالمي عام 2014 استعارت السلطنة مليارات الدولارات لتغطية عجز واردات الدولة. وفي عام 2019 يُتوقع أن تقترض عُمان 6.2 مليار دولارٍ، وكنتيجةٍ لذلك تضاعف دين السلطنة أكثر من ثلاث مراتٍ ليصل لنحو 50% من الناتج القومي للسلطنة.