أثارت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإثيوبيا، ضجة لى مستوى الصعيدين الإفريقين والعربي، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وموقف الدول الإفريقية من التعامل مع اسرائيل خلال الفترة المقبلة.
ولم تكن زيارة نتنياهر لإثيوبيا، مفاجأة، حيث كشفت سفيرة إسرائيل لدى أديس أبابا "بلانيش زيانيا"، عن زيارة مزمعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" إلى إثيوبيا، واصفة إياها بسابقة تاريخية ومهمة في العلاقات بين البلدين.
وقالت زيانيا في كلمتها التي تناقلتها وسائل الإعلام الإثيوبية "إن علاقاتنا مع أديس أبابا تمتلك تاريخًا قديمًا، كما شهدت العلاقات الثنائية اتفاقيات عديدة، خاصة في مجال التعاون التكنولوجي والعلمي والزراعي"، وهو ما أكده موقع وزارة الخارجية الإثيوبية، نبأ زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي للبلاد، ونشر مقتطفات من كلمة السفيرة الإسرائيلية.
ومثلما كانت الزيارة معلنة فأهدافها أيضًا لم تكن خفية، حيث تحاول إسرائيل كسب ود الدول الإفريقية، بعدما رفض الاتحاد الأفريقي، منح إسرائيل عضوية مراقب، بينما تتمتع بها فلسطين منذ عام 1973، وتشهد العلاقات بين إسرائيل والاتحاد الأفريقي توترات بسبب الإدانات المستمرة من القمم الأفريقية لإسرائيل، على خلفية احتلالها لأراضٍ فلسطينية وعربية، فيما تتهم إسرائيل الاتحاد الأفريقي بـ "معاداة السامية"، ويعتبر الاتحاد الأفريقي من أقوى المنظمات القارية المؤيدة للقضية الفلسطينية.
«5 أبعاد لتقارب إسرائيل وإثيوبيا»
ويقول الدكتور أحمد فؤاد أستاذ الفكر الصهيوني بجامعة الإسكندرية، إن هناك سابقة تعاون بين إسرائيل وإثيوبيا في المجال العسكري، والذي يعد أقصر الطرق للتعاون بين البلدين، يتمثل في وجود أكبر عدد من المستشارين العسكريين، ومن خلال وكالة المشاف الإسرائيلية لتنمية الدول الفقيرة، والتي بدأت عملها من بورما ومنها تم اختراق إفريقيا.
وأضاف "فؤاد" في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر" أن زيارة نتنياهو لم تكن خارج التوقعات، لأنها جاءت مكملة لما بناه ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق في زيارته لإثيوبيا في 2009، فيما يتعلق بلمف الماء، وأن التعامل مع إثيوبيا كان يسير لحثها على التمرد على اتفاقيات المياه، وبعدها تم التوقيع على اتفاقية عنتيبي والتي رفضتها دول المصب، فيما وافقت عليها دول إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا.
وأوضح "فؤاد" أن هناك ملف آخر لعبت عليه إسرائيل، وهو الملف الأمني، حيث شملت زيارة نتنياهو لإثيوبيا الحديث عن تعاون أمني بين الدولتين، وذلك ردًا على التسليح المصري، الذي يقوم به الجيش المصري مؤخرًا، إلا أن اسرائيل أخذت بعدًا آخر في التفكير والتنفيذ في توطيدعلاقاتها مع إثيوبيا عن طريق الملف الطبي، حيث أن المجتمعات الإفريقية فقيرة جدًا، فمن بين الـ 10 دول الأكثر فقرًا في العالم 4 دول إفريقية، كما أن إسرائيل ستستغل الرياضة الإعلام لكسب تصويت الدول الإفريقية وهي 54 دولة، لتصوت لصالحها في الأمم المتحدة، أو أن تتخذ موقف الحياد فيما يتعلق بقضايا الصراع بين إسرائيل وفلسطين.
«تحول استراتيجي في اتجاهات دول إسلامية»
تبتعد إسرائيل عن دول شمال إفريقيا، لأن مواقفها ثابتة تجاه القضية الفلسطينية، لكنها تعمل على تغيير اتجاهات دول جنوب إفريقيا، وأكد "أحمد فؤاد" أن إسرائيل استطاعت أن تغير موقف نيجريا والتي لم تدعم إسرائيل في التصويت لكنها اتخذت موقف الحياد، وهو يعد إنجازًا تلعب عليه إسرائيل مع الدول الأخرى، غير أن دول حوض النيل أغلبها تتعاون مع إسرائيل وأصبحت تنحاز لها خاصة كينيا والتي توافق على أمور قد تضر بمصالح كينيا ذاتها لكسب ود إسرائيل، فيما ماعدا الكونغو التي لها موقف ضد إسرائيل.
وقال "فؤاد" إن هناك مؤشرًا خطرًا في تغير توجهات بعض الدول تجاه إسرائيل، خاصة وإن كانت دولًا إسلامية، فهناك أنباء وتسريبات بزيارة رئيس الصومال إلى إسرائيل، وكذلك وجود تسريبات بمكالمة هاتفية بين رئيس تشاد ونتنياهو.
«إسرائيل تلعب بجميع الخيوط»
أفادت أنباء بأن نتنياهو اصطحب خلال زيارته لإثيوبيا عددًا منأقارب عملية "عنتيبي" لإحياء الذكرى الأربعين لعملية مطار عنتيبي، والتي كان هدفها إنقاذ رهائن، والتي قامت بها قوات إسرائيلية في مطار عنتيبي بأوغندا في 4 من يوليو 1976، لإنقاذ رهائن، حيث تم خطف طائرة الخطوط الجوية الفرنسية مع 248 راكبًا من جانب مجموعة من الفلسطينيين والألمان ومؤيديهم في 27 من يونيو بنفس العام، ونقلوا جوا إلى عنتيبي قرب كمبالا عاصمة أوغندا، بعد وقت قصير من الهبوط، وأطلق سراح جميع الركاب من غير اليهود، وبحسب تقرير لـ"الجزيرة.نت" عندما بدأت الاشتباكات بين القوات الأوغندية والكوماندوز الإسرائيلي، قتل نحو عشرين جنديا أوغنديا، وشرح الجندي بكا أن ضابطا أوغنديا يدعى رافاييل هو من أطلق النار على جوناثان نتنياهو وقتله، لكن برغم ذلك نجح عناصر من القوات الإسرائيلية في الوصول إلى مبنى المطار القديم وحرروا الرهائن بعدا اشتباكات عنيفة مع المختطفين الذين لقوا مصرعهم، إلى جانب 3 من الرهائن، إلا أن المعارضة الأوغندية وجزء من المجتمع الأوغندي اعترض على زيارة نتنياهو لأن أوغندا لها ضحايا في تلك العملية ومن حقها أن تحصل على تعويض.
وقال الدكتور أحمد فؤاد، إن هذه العملية مدانة لأن القوات الإسرائيلية قتلت العشرات من الشرطة الأوغندية، كما أن أوغندا تقدمت بطلب إلى مجلس الأمن الدولي لإدانة العملية العسكرية التي قامت بها القوات الخاصة الإسرائيلية لإنهاء عملية اختطاف طائرة الخطوط الجوية الفرنسية (إير فرانس) وعلى متنها عشرات الإسرائيليين والتي كانت متجهة إلى مطار بن جوريون الإسرائيلي.
واعتبرت أوغندا العملية الإسرائيلية اعتداءً سافرًا على سيادتها خاصة وأن القوات الإسرائيلية نفذت هذه العملية من وراء ظهر السلطات الأوغندية، ورفض مجلس الأمن الدولي بضغط أمريكي إصدار قرار يدين التصرف الإسرائيلي رغم أنه كان يتعارض بوضوح مع القانون الدولي، ولأن إسرائيل تستغل نقاط ضغف رؤساء دول معينة ومنها أوغندا، فهي تضغط على الرئيس الأوغندي بسبب اتهامه في جرائم حرب، وتدفع إسرائيل في اتجاه أنها ستسانده في الأمم المتحدة حتى لا يتم توقيع عقوبات عليه جراء تلك الاتهامات.
أما فيما يتعلق باستيعاب إسرائيل ليهود الفلاشا أو الفلاشا مورا، فقال أستاذ الشأن الصهيوني أحمد فؤاد، إن إثيوبيا يحكمها مع إسرائيل مبدأ المصالح، ولا يعتقد أن يمثل ذلك الملف أهمية كبيرة، كما أن نتنياهو يتعامل مع يهود إثيوبيا بشكل عنصري، فهم يعيشون فيما يشبه المخيم، كما أن نتنياهو لم يزرهم، رغم أنه كان قريبًا منهم خلال إحدى جولاته.
ووافقت إسرائيل الأحد 15 نوفمبر من العام الماضي، على قبول نحو 9000 أثيوبي يهودي من "الفلاشا مورا"،، حيث وقالت وزارة الداخلية الاسرائيلية إن مجلس الوزراء وافق بالإجماع على السماح لآخر مجموعة من "الفلاشا مورا" بالهجرة إلى إسرائيل على مدى السنوات الخمس القادمة، لكن قبولهم سيكون رهنا بعملية تحول ناجحة إلى اليهودية، ووصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان له : "اتخذنا اليوم قرارا مهما ننقل بموجبه إلى إسرائيل خلال السنوات الخمس القادمة آخر الطوائف ذات الصلة بإسرائيل، والتي كانت تنتظر في أديس أبابا وجوندار".
وبحسب "روسيا اليوم" يعيش في إسرائيل نحو 135 ألف يهودي من أصول إثيوبية من بين عدد السكان البالغ نحو 8 ملايين نسمة، ويشكو اليهود الإثيوبيون منذ وقت طويل من التهميش والعنصرية والفقر، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات عنيفة في شوارع تل أبيب في وقت سابق من هذا العام.