دقت ساعة الخطر في الجزائر، فالأمر ليس مقتصراً على استقالة الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة" وسقوط رموز النظام السابق، فالصعب لم يأتي بعد، والمتمثل في اقتصاد الجزائر المنهار سلفاً في العهدة القديمة، والتي ستواجه أية حكومة جديدة تتولى السلطة في البلاد بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
واستقال بوتفليقة الثلاثاء الماضي بعد احتجاجات في الشوارع منذ ستة أسابيع، أسفرت عن اجتماع طارئ للجيش الجزائري حضره ممثلوا من الحراك الشعبي والمعارضة وقادة الجيش خرج عقبه رئيس اركان الجيش الجزائري "قايد صالح" ليطالب "بونفليقة" بالاستقالة.
قبل أن يبدأ مئات الآلاف حملتهم للتغيير السياسي، لم يكن لدى الحكومة سوى ما يعادل سنوات قليلة من احتياطيات العملة الأجنبية، ومع دخول الدولة العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط في منطقة مجهولة بعد استقالة بوتفليقة الثلاثاء الماضي، فإن ساعة الاضطراب المالي تدق الآن بشكل كبير.
وقالت وكالة "بلومبرج" إلى أن وعود التغيير التي بشرت بها الثورات التي اجتاحت العالم العربي هذا العقد عادة ما تلاشت عندما وصلت لخيارات صعبة، وهي اتخاذا إجراءات مؤلمة من أجل إصلاح الاقتصادات المنهكة أو استرضاء الشعوب الغاضبة المطالبة بالمزيد من نخبة حاكمة تتسم بالجشع في أغلب الأحيان.
وتوقعت أن يتكرر هذا نموذج على الأرجح في الجزائر التي تعد واحدة من أكثر الاقتصادات انغلاقا في المنطقة، ويعيش فيها 47 مليون نسمة.
ووفقا لشركة كابيتل إيكونيميز ومقرها لندن فإن دول الربيع العربي في 2011 شهدت تراجعا في النمو الاقتصادي بلغ 2.2% في المتوسط خلال السنوات التالية للثورات مقارنة بالعقد السابق.
ما شاهدناه خلال الربيع العربي حتى لو كان هناك تغيير حقيقي في الحكومة وأيا كان الشخص الذي في السلطة، فقد حاول التغلب على عدم الاستقرار باللجوء إلى سياسة مالية أقل صرامة واحتفظ بقبضة صارمة على العملة".
واعتبرت أنه لن يكون من المفاجئ أن تلجأ السلطات الجزائرية أو أية حكومة جديدة تصل للسلطة إلى إجراءات مشابهة،وتسبب انهيار أسعار النفط في عجز الموازنة بالجزائر إلى ما يقرب من 16 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015؛ وكانت الجزائر قد خططت لجعله أقرب إلى 10% في عام 2019.
وسيكون على رأس أولويات أي شخص يخلف بوتفليقة تحرير الاقتصاد والابتعاد عن نظام الرعاية الاجتماعية الذي يكلف الدولة كثيرا ولا يحقق لها أي إنتاج وتوفير وظائف للشبان الذين يمثلون 70 % من سكان البلاد.
والجزائر ليست مثقلة بديون خارجية لكن احتياطيها من العملة الصعبة انخفض بواقع النصف إلى 70 مليار دولار منذ عام 2014 بسبب تراجع أسعار النفط والغاز المتقلبة.
ولكن يبدو أن خروج بوتفليقة من المشهد مجرد بادرة أولى للشباب الجزائري الذين يطالبون بالوظائف في بلد واحد من كل أربعة ممن هم دون الثلاثين فيه عاطلون عن العمل في اقتصاد تسيطر عليه الدولة ويفتقر للتنوع ويعتمد على صادرات النفط والغاز.