كانت "الكارينة"، حتى وقت قريب، مصدرًا مهمًا للرزق، لدى الكثير من "الصنايعية" وأصحاب الحرف اليدوية، بما تمثله من صناعة متكاملة، تمر بالعديد من المراحل، بداية من نشر سعف النخيل، مرورًا بعدة خطوات، إلى أن يصل في النهاية لاستخدامه في تنجيد الكراسي والانتريهات، قبل أن تهدد بالانقراض التام، ويحل محلها "الفايبر والاسفنج"، خاصة فى المحافظات الجنوبية، أو بالأحرى محافظة الفيوم.
يقول محمود رجب "فلاح"، إن "الكارينة"، هي الحشو الذي يستخدم في عملية تنجيد الأثاث والكراسي، من الأنتريهات الخشبية وغيرها، من سعف النخيل، وهي عبارة عن ناتج تقطيع سعف النخيل طوليا، ليستخدم في عمليات تنجيد كراسي الصالونات والأنتريهات، التي انقرضت وحل محلها (الفايبر والاسفنج).
وتابع "رجب" لـ"أهل مصر"، أن تصنيع الكارينة، يتطلب تجميع السعف، ووضعه في الماء لمدة يومين حتي يتخمر، ويسهل تقطيعه إلى ألياف طويلة، رفع السعف ثم فصله عن الجريد، وتنظيف الجريد من أي زوائد، إدخال الزوائد والسعف آلة التقطيع (درس) ليتحوله لمنتج "هش"، يتم استخدامه فى تنجيد الكراسى والصالونات والأنتريهات.
وأضاف "رجب"، أنه عقب عملية الفرم، تجدل يدويًا على شكل أحبال، بكميات كبيرة ثم ترص في حزم توضع فوق طبالي من الخشب، بـ"منشر" كبير وسط زراعات النخيل، حتى تجف ماكينة فرم وتقطيع السعف، يضاف إليها الشغل اليدوي، لعدد من الفلاحين، باستخدام السكاكين للتقشير والتقطيع، في قرمة خشب حتى تجف.
وأوضح، أن الكارينة، كانت مصدرًا مهمًا للعديد من المواد الخام اللازمة لبعض الصناعات الخشبية، وتنجيد الأثاث التي تعتمد على تدوير مخلفات النخيل، سهلة تعتمد على العمالة البسيطة، وتسهم فى المحافظة على نظافة البيئة من التلوث، وتشجيع الشباب للعمل فى هذا المجال، بأقل التكاليف.
ولفت "رجب"، إلى أن بعض المصانع في محافظات الوجه البحري، كالإسكندرية، تطلب الكارينة كوقود للحرق، ما يؤثر على تلوث الهواء، وهذه الصناعة صغيرة قائمة، على خامات من البيئة الموجودة فيها والمطلوب فقط، اتباع أساليب السلامة فى العمل فى هذه الصناعة.
وأضاف "رجب"، أن العامل أمام ماكينة "الكارينة"، كان يحصل على 60 جنيه يوميًا، والعامل الذي ينشر "الكارينة" فى الشمس حتى تجف تمهيدًا لكبسها، مقابل 30 جنيه، كانت تفتح بيت وتنفق على اسر يعمل بالماكينة الواحدة، من 7 إلى 8 عمال يبدأ العامل عمله يوميا عقب صلاة الفجر مباشرة، وتنتهى عند صلاة الظهر.