رئيس "القومي لحقوق الإنسان": فجوة كبيرة بين تشريعاتنا الوطنية والمعايير الدولية

رئيس القومي لحقوق الإنسان

خلال كلمته التي ألقاها في بداية فعاليات الجلسة الافتتاحية لـ"المؤتمر الوطني حول تحديث التشريعات العقابية في مصر"، أكد "محمد فايق" رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان أن الحوارات بين مصر والمجتمع الدولي عبر آليات الأمم المتحدة تعكس حجم الفجوة بين تشريعاتنا الوطنية والمعايير الدولية، كما تُوضح تبريرات المشرعين المصريين في هذا الشأن، وجهود جسر الفجوات التشريعية على طريق الإصلاح، ونمط التحديات التي تنتظرنا لإنجاز هذا الإصلاح على النحو الذي نتطلع إليه.

وقال "فايق " بالندوة الوطنية حول تحديث التشريعات العقابية في مصر: "كما تعلمون يربو عدد التشريعات في مصر على خمسين ألف تشريع، مشيرًا إلى انه قد شرعت الدولة في إجراء إصلاح تشريعي منذ عام 2014 بتشكيل اللجنة العليا للإصلاح التشريعي التي قامت بدورها بجهود ملموسة لتنفيذ أهدافها، نجحت في بعضها وواجهت صعوبات في البعض الآخر".

وأضاف: أقر مجلس الوزراء في مايو 2017 مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية ليشمل 54 مادة من القانون، واستحدث 20 مادة جديدة، وتمثل هذه التعديلات المقترحة نقلة نوعية في مجال توفير الضمانات لحقوق المتهمين، وتدابير المحاكمة العادلة، بالرغم من أن المشروعلم يتبنى كافة مخرجات المؤتمر العام الذي نظمته الهيئة العليا للإصلاح التشريعي، إن كان لا يزال قيد الإعداد كما انه انتقصت تعديلات قانون الاجراءات الجنائية "قانون 11 لسنة 2017" من ضمانات المحاكمة العادلة إذ جعلت حق المتهمين في طلب وسماع شهود النفي ليس وجوبيا على المحكمة، ومنحت المحكمة الحق في رفض سماع الشهود بالنسبة للمتهم، الأمر الذي يحرم المتهمين من إجراء محاكمة عادلة حيث تكون أدلة براءة التهم في الكثير من القضايا استنادًا لشهود النفي في مواجهة شهود الأثبات المثبتة بقائمة أدلة الثبوت المقدم من قبل الادعاء. كما يمثل التعديل إهدار لحق أصيل من حقوق الدفاع.

واشار "فايق " إلي ان انتقص تعديل قانون الطوارئ بالقانون رقم 12 لسنة 2017 من الحق في الحرية والأمان الشخصي حيث أضاف التعديل الأخير نصًا حديثًا يعطي مزيد من السلطات لمأموري الضبط القضائي، ويتجاوز القواعد العامة في قانون الاجراءات الجنائية بشأن عدم جواز احتجاز الأشخاص لأكثر من 24 ساعة قبل عرضهم على النيابة العامة إذ سمح بأن تكون هذه المدة سبعة أيام.

كما نص على إضافة مادتين رقمي (3مكرر، و4 مكرر) منحت الأولي مأموري الضبط القضائي "متي أُعلنت حالة الطوارئ التحفظ على كل من توافرت في شأنه دلائل على ارتكاب جناية أو جنحة، وعلى ما قد يحوزه بنفسه أو في مسكنه وكافة الاماكن التي يشتبه اخفائه فيها أي مواد خطرة أو متفجرة أو ذخائر أو أية أدلة أخرى على ارتكاب الجريمة، وذلك استثناء من أحكام القوانين الأخرى علي أن يتم إخطار النيابة العامة خلال 24 ساعة من التحفظ، ويجوز بعد استئذان النيابة العامة احتجازه لمدة لا تتجاوز سبعة أيام.

وتابع "فايق" أن أبرزت المراجعة الدورية الشاملة العديد من أوجه القصور على النحو التالي وهي تعديل تعريف التعذيب، حيث أكدت الحكومة المصرية أنه سبق لمصر الرد على التوصيات الخاصة بمراجعة تعريف التعذيب في قانون العقوبات المصري "المادتان 126، 129" خلال عملية المراجعة الأولى، وأعدت الحكومة بالفعل مشروع قانون لتعديل المادتين المشار إليهما وتم طرحة على البرلمان، إلا أن قيام ثورتي يناير 2011، ويونيو 2013، ومرور البلاد بمرحلة انتقالية لا يوجد فيها مجلس نيابي حال دون إقرار مشروع التعديل الذي يضمن اتساق تعريف التعذيب في التشريعات المصرية مع تعريفه وفقًا لاتفاقيه مناهضة التعذيب الدولية.

ومن ناحية أخرى رفضت الحكومة رسميًا اتخاذ الاجراءات المتعلقة بإنشاء آلية وطنية مستقلة للوقاية من التعذيب.

قال "فايق" أن المجلس يعمل علي تطوير الجهود للحد من استخدام عقوبة الإعدام، والحد لأقصى درجة ممكنة من تنفيذ العقوبة، أخذًا في الاعتبار أن نهج مصر في هذا المجال يؤشر على توافر الاستعداد في الحد من التنفيذ الذي يقتصر على أشد الجرائم غلظة، وخاصة جرائم القتل العمد، والاغتصاب المقترن بالقتل، والسطو المسلح المقترن بالقتل، والإرهاب على التوالي،فيما هناك المئات من المحكوم عليهم نهائيًا بالإعدام خلال العشرين سنة الأخيرة دون تنفيذ للعقوبة،ويدعم هذا التحليل دور مؤسسة الإفتاء في التراجع عن الأحكام بالإعدام بحق المئات من المتهمين،وإبطال محكمة النقض لأحكام الإعدام بحق 900 متهم تقريبا،فضلًا عن بعض نماذج تخفيض العقوبة إلى السجن بقرارات من السيد رئيس الجمهورية،لكن يبقى على مجلس النواب مهمة أساسية في خفض عدد المواد التي يُعاقب عليها بالإعدام،ومناشدة محاكم الجنايات قصر استخدام العقوبة في أضيق الحدود.

الحبس الاحتياطي

واكد "رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان " أن الحبس الاحتياطي يعد تدبيرًا استثنائيًا يخالف القاعدة الأصل في الحرية، وقد تجاوزت ممارسات الحبس الاحتياطي مبدأ الاجراء التحفظي مما أدى إلى تكدس مراكز الاحتجاز بأعداد هائلة تفوق طاقتها، وعلى الرغم من أن الدولة بذلت جهودًا في استحداث سجون جديدة لمعالجة التكدس، إلا أن هذه الجهود بطيئة وتحولت إلى عقوبة في حد ذاتها، كما لم تقض إلى وقف حالة التكدس التي تشهدها السجون، وتفرض هذه الحالة تبعات قانونية واقتصادية واجتماعية نفسية وثقافية للذين تثبت براءتهم.

وطالب "فايق" المصادر الحقوقية العمل علي توفير مشروع الإصلاح القانوني الحد من استخدام الحبس الاحتياطي إلا في أضيق الحدود الممكنة، تتناسب مع طبيعة الجرم بداية ومدى ما يتوافر من أدلة الإثبات والقرائن التي تبينها نتائج التحقيقات الأولية والتحريات وتقارير الأدلة الجنائية، والنظر في إيجاد بدائل للحبس الاحتياطي لتخفيف وطأة تداعياته على مرافق الاحتجاز مثل الإقامة الجبرية في السكن، أو تقيد حرية التنقل في دائرة معينة، والمنع من السفر في حالات الضرورة مؤكدًا علي أنه لابد العودة بصفة عاجلة عن القانون المؤقت رقم 83 لسنة 2013 الذي أسقط السقف الزمنى لمدد الحبس الاحتياطي وفق تعديلات العام 2006. وضمان حق المتهمين الذين تثبت براءتهم في المطالبة بالتعويض، بوضع معايير ضابطة لقيمتها مع نشر أحكام البراءة في الجرائد على نحو يحقق جبر الضرر،محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري.

وأوضح "فايق" أن رغم قناعة المجلس القومي لحقوق الإنسان بتوافر مقومات العدالة في القضاء العسكري،وخاصة بعد تبنيه نفس منظومة الإجراءات المتبعة في القضاء المدني، بما في ذلك مرحلة الطعن بالنقض،إلا أن القضاء العسكري يبقى قاضيًا طبيعيًا للعسكريين وحدهم، ولا ينطبق ذلك على المدنيين المتهمين بالإرهاب، والذين لا ينطبق عليهم وصف العسكريين، والذين يمكن محاكمتهم أمام محاكم أمن الدولة العليا طوارئ.

واختتم فايق كلمته انه يتطلب الإصلاح طفرة في عدد القضاة وهذا بدوره يحتاج إلى موارد مالية اضافية في الموازنة العامة إذ لا يزيد عدد المعينين سنويا في النيابة العامة عن 500 شاب هم الذين سيصبحون بعد عدة سنوات قوام الجهاز القضائي في المحاكم ولا يكتمل اصلاح مرفق العدالة بدون كفاءة النظام الإداري المعاون للقضاة وإدخال نظام الميكنة الالكترونية الحديثة وهذا جانب يعاني منه بشدة جهازنا القضائي، حيث لم يعد ثمة حل أيضا لمواجهة تكدس القضايا وطول أمد التقاضي وتعضيد الاجراءات سوى بنظام التقاضي الالكتروني.

وانطلقت صباح اليوم ، فعاليات “ المؤتمر الوطني حول تحديث التشريعات العقابية في مصر “ ، و الذي يعقد على مدار يومين بفندق هيلتون رمسيس بالقاهرة ، يناقش المؤتمر أهمية تحديث قانون العقوبات وسبل تطوير قانون الإجراءات الجنائية في سياق التعديلات المقترحة عليه، وتعزيز تبني العقوبات البديلة وحمايةالفئات الأكثر حاجة للرعاية في سياق العدالة الجنائية وبما يتسق مع الاستحقاقات الدستورية وأفضل الممارسات والتجارب على الصعيد الدولي.

يتحدث خلال الجلسة الإفتتاحية ، محمد فايق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، السفير أحمد إيهاب جمال الدين، مساعد ، وزير الخارجية لحقوق الإنسان، المستشار عبدالله عصر، ممثل مجلس القضاء العالي، هاني چورچي، ممثل مكتب النائب العام، المستشار ياسر لبيب، ممثل حقوق الإنسان بالبرلمان، الدكتور عماد الفقي، أستاذ القانون الجنائي، والأستاذ محمود قنديل المحامي بالنقض، والدكتور شوقي صالح رئيس محكمة الجنايات، والدكتور أحمد أبوالعينين، نائب رئيس محكمة النقض، والدكتور محمود عبدالله نصر، عضو محكمة الجنايات بالإسكندرية.

اقرأ أيضا.. الداخلية توقع بعصابة للهجرة غير الشرعية عن طريق الأوراق المزيفة

تأتي أعمال هذا المؤتمر في إطار أهمية تحديث قانون العقوبات و سبل تطوير قانون الإجراءات الجنائية في سياق التعديلات المقترحة عليه، و تعزيز تبني العقوبات البديلة، و حماية الفئات الأكثر حاجة للرعاية في سياق العدالة الجنائية، و بما يتسق مع الاستحقاقات الدستورية و أفضل الممارسات و التجارب على الصعيد الدولي.

ويحضر المؤتمر ممثلون عن وزارات العدل، وزارة شئون مجلس النواب، الداخلية، الأوقاف مكتب النائب العام، الجامعات ( كليات الحقوق بالجامعات المصرية الحكومية والخاصة والأقتصاد والعلوم السياسية )، الهيئات القضائيه، مجلس النواب، المجالس القومية المتخصصة المرأة، الطفل، منظات المجتمع المدني، ومراكز البحوث، عدد من المتخصصين في تطوير القوانين.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً