غش الأدوية من المشكلات التي أصبحت منتشرة بشكل كبير في الآونة الأخيرة، ويعاني منها سوق صناعة الدواء في مصر، ولكن بيع الأدوية المغشوشة والمهربة على الإنترنت بدأ ينتشر ويعتمد عليه المرضى بشكل أساسي خاصة فيما يخص التجميل والرشاقة والتخسيس، بجانب عدد من الأدوية الأخرى والنشر باسم صيدليات وهمية مع إمكانية طلب المنتج عن طريق الهاتف المحمول والتوصيل للمنازل دون التأكد من صلاحية الأدوية وآثاره الجانبية بالإضافة إلى كونه منتج أصلي أم مغشوش.
كشف الدكتور محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن هناك بيع رائج للأدوية عبر الانترنت وهو ما يمثل جريمة كبرى في حق المواطنين وانتشر في الآونة الأخيرة، فأشهر دورية أمريكية للمبيعات، نشرت منذ عامين أن نسبة الدواء المزيف والمغشوش والمهرب في مصر وصلت إلى 11%، أي أنها تخطت النسبة العالمية 7%، بسبب البيع على الانترنت، فالدواء يباع في مكان واحد معروف لدى الجميع وهو الصيدليات وفقًا لإمكانية حفظه في درجات حرارة معينة ومنعًا لتقليد العلامات التجارية وليكون تحت إدارة التفتيش الصيدلي في أي وقت ولضمان صلاحيته.
وأوضح أن الدكتور، عادل العدوي وزير الصحة سابقًا، صرح في 2016 بأن الدواء المغشوش في مصر وصل 10 مليار جنيه، وأشارت منظمة الصحة العالمية لنفس الرقم، فمبيعات مصر من الدواء تبلغ 60 مليار جنيه في عام 2018، أي الدواء المهرب والمغشوش يصل لـ10% من اجمالي السوق أي 10 مليار جنيه، والسبب أن منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات تحارب فكرة بيع الأدوية عبر الإنترنت وليس في مصر فقط ولكن في العديد من الدول الأخرى، لوجود تشريعات مشددة ولخطورة الأمر.
وتساءل "فؤاد" كيف يمكن للدواء أن يدخل الدولة مهربًا؟، فالأدوية تدخل الدولة عبر وزارة الصحة ويتم تسعيرها وفرض ضريبة معينة، ولكن الأدوية المهربة لا تفيد الدولة، كما أن هناك تشديدات بشأن بيع الأدوية في الصين والهند تصل إلى حد الإعدام والسجن لمدة 15 عام، مشيرًا إلى أنه يتم الترويج على صفحات التواصل الاجتماعي وخاصة "فيس بوك" بنشر صور منتجات حقيقية ولكن عند طلب المنتج يتم تسليم الأدوية المغشوشة لأن هناك عصابات منظمة لهذه المبيعات، موضحًا أنه ليس لدينا في مصر حتى الآن التقنية الحديثة ليكون المفتش الصيدلي قادر على التفرقة بين المنتج الأصلي والمغشوش والمزيف، ولكن في أوروبا وفق نظم الكترونية معقدة وربطها بوزارة الصحة بحيث أنه عند شراء أي دواء يمكن معرفة كونه أصلي أو مغشوش، فالأدوية تدخل البلاد مهربة عبر 3 منافذ برية، وجوية وبحرية، يتم بيعهم عبر الإنترنت وهي تجارة رائجة في مصر، مشيرًا أن الأدوية يتم ضربها وغشها في مدينة "نبروه" بالمنصورة، ومن ثم يتم بيعها وحدوث كوارث صحية للمرضى.
اقرأ أيضا.. وزيرة الصحة: المنظومة الجديدة هدفها رضا المريض
وأضاف مدير المركز المصري للحق في الدواء، أن ذلك يحدث خاصة في مجال الرشاقة والتجميل والتخسيس بشكل كبير، فهناك أطباء تخسيس يعطون المرضى الأدوية وهو غير اختصاصهم، ولكنها تجارة مقلقة متسائلاً كيف يمكن أن تصل الأمور لهذا الحد "الموت الأونلاين" وهل مسموح بيع الأدوية على الإنترنت؟ مجيبًا أن الإعلان عن الأدوية مُجرم في العالم أجمع منذ 1860، لأن الأدوية تخص صحة المرضى ولها آثار جانبية وأضرار يمكن أن تحدث بسبب التفاعلات الكيميائية وغيره، كما يوجد أدوية أخرى يتم بيعها عبر الإنترنت منها أدوية القلب والضغط وتخص مرضى الأورام، وأصبح لدى الناس صيدلية في منازلهم عبر الإنترنت، وبالتالي يجب أن يكون هناك تشريع صارم لهؤلاء المجرمين، فلا يوجد أي قوانين تعاقب هؤلاء فهناك قانون الغش والتدليس لعام 1959، وقانون الصيدلة رقم 128 لسنة 1963، وهما ينصان على تجريم بيع الأدوية عن طريق الإغلاق أو الغرامة، ولكن بدأت الدول تضع قوانين رادعة لأن تجارة الأدوية لا يمكن أن يكون هناك بها أي غش تجاري.
صيدليات الانترنت
وأضاف فؤاد، أن هناك صيدليات على الانترنت لديها منتجات صينية مضروبة، مشيرًا إلى أن دليفري الصيدليات أيضا كارثة وإذا تم ضبط أي فرد يقوم بتوصيل الأدوية من الصيدليات للمنازل يتم القبض عليه، وعمل محضر ودفع غرامة 10 آلاف جنيه، فأي دواء له أضرار وآثار جانبية بالإضافة إلى العديد من التفاعلات الكيميائية التي يمكن حدوثها، فيبنبغي معرفة الأضرار الجانبية أي ممنوع استخدامه في حالات مرضية أخرى، مضيفًا إلى أنه ليس هناك أيه روشتات طبية في عبوات الأدوية أو أن عدد من شركات الأدوية تجعل الروشتات في العبوات الدوائية باللغة الإنجليزية وهو ما يضر بالمرضى لعدم تعليمهم الكافي بالدرجة التي تسمح لهم بترجمة ذلك، قائلاً: "بالتالي هي تجارة خطر ومشبوهة ومحرمة تضر المواطن والاقتصاد المصري".
بيع الأدوية عبر الإنترنت
وفي نفس السياق، أشار الخبير الدوائي والصيدلي الدكتور هاني سامح، إلى أن بيع الأدوية عبر الإنترنت يأتي ضمن ممارسة مهنة الصيدلة بدون ترخيص وهي جريمة مخالفة لكل القوانين والأعراف الطبية، وكان هناك الكثير ممن يعتقدون أن هذا البيع يتم بطريقة مشروعة وأبرزها موقعي "جوميا"، و"سوق" وتم تقديم بلاغ لجهاز حماية المستهلك منذ عامين وتحرير دعوى جنائية ضدهم قاموا حينها بتنزيل بيان بالاعتذار وتراجعوا عن بيع المكملات الغذائية والأدوية المهربة على مواقعهم الالكترونية عبر الإنترنت، ويظل حاليا بعض صفحات "فيس بوك" المشبوهة والمجموعات على الواتس التي تعتبر مصنع خاص للأدوية المغشوشة والمخدرة والمنشطات، مشيرًا إلى ان هناك العديد من الصيادلة الذين يقومون بالتواصل معهم للحصول على الأدوية باعتبار انها مهربة وهي في الأساس مغشوشة.
وأوضح سامح أن قانون مزاولة مهنة الصيدلة وقانون قمع الغش والتدليس واللوائح تمنع أي بيع للأدوية عبر الإنترنت لأنه يعد ممارسة لمهنة الصيدلة بدون ترخيص، مضيفًا أن المجتمع سلبي لأنه يتواصل مع هذه الصفحات فيجب الابلاغ عنها وعلى الأجهزة من حماية المستهلك والشرطة والمباحث كما أن التفتيش الصيدلي له دور رئيسي لعمل كمائن لهذه المواقع ولهؤلاء الأشخاص، المفترض أن من يبيع الأدوية عبر الإنترنت يرتكب أكثر من جريمة أولها ممارسة مهنة الصيدلة بدون ترخيص وجريمتها الحبس سنتين، وبيع الأدوية مجهولة المصدر والمغشوشة والمهربة عقوبتها تصل إلى الحبس من سنتين إلى7 سنوات وفقًا لقانون الغش والتدليس المادة الثانية، وهناك دور على مباحث تكنولوجيا المعلومات وتواصلت معهم من قبل ولكن ليس لديهم الخبرة أو الدراية الفنية ولا يوجد تواصل بينها مع وزارة الصحة لتتبع هذه المواقع.