آخرهم نجار المعصرة.. قصص ضحايا انتهت حياتهم أثناء التنقيب عن الآثار

كتب : حسن أحمد

قطار الثراء السريع لا يزال يراود الكثيرون من ضعاف النفوس والإرادة، والتي أصبح الشغل الشاغل لهم هو البحث عن أقصر الطرق للوصول إلى ما يريدونه من أموال طائلة دون عناء أو مشقة بحياتهم، وذلك من خلال الاتجاه إلى التنقيب عن الآثار القديمة أسفل المنازل ببعض المناطق المشهورة بأثريتها، إلا أنه سرعان ما يقع هؤلاء تحت طائلة القانون ويقفون نادمين على أفعالهم، ولكن لا يجدى الندم بعد فوات الأوان، "أهل مصر" ترصد في السطور التالية قصص ضحايا انتهت حياتهم بسبب التنقيب عن الآثار.

"نجار المعصرة"حادث أليم أصبح حديث الكثيرين من سكان شارع فايد الشيخ بمنطقة المعصرة في حلوان، حيث تغيب "محسن، ف"، ويعمل نجارا، عن بيته لمدة 12 يوما، لتبدأ أسرته رحلة بحث عنه، وليكتشف أبناؤه في النهاية وجود عدته وأدواته بجوار حفرة طولها حوالي 14 مترا بأحد المنازل المهجورة.

قالت "هبة" إحدى أقارب المجني عليه، إن "محسن، ف" نجار مسلح، وكان يعمل في أحد المباني، فقام بالاتصال به أحد الأشخاص وقال له "محتاجينيك في شغلانة حلوة، هتعمل سقالة ومش هتكمل ساعتين، وهتاخد 500 جنيه"، ففرح "محسن" نظرًا لاحتياجه إلى المال ليصرف على زوجته المريضة، ويسدد مصاريف دروس ابنته في المرحلة الثانوية.

وأضافت هبة: شعرت أسرة "محسن" بالقلق عندما لم يعد إلى المنزل بعد مرور عدة أيام، وهو لم يتعود المبيت خارج المنزل، خاصة أن هاتفه أغلق منذ اليوم الأول.

وتابعت: بدأ أهله بالسؤال عنه في كل مكان، إلى أن قال أحد أصدقائه إنه رآه داخل أحد المنازل القديمة، ووصف لهم مكانه فتوجهوا مسرعين إلى ذلك المنزل للسؤال عنه، وطرقوا الباب فلم يرد عليهم أحد، فكسروا الباب، وفوجئوا بوجود أدوات العمل الخاصة به، فسارعوا إلى الاتصال بالشرطة.

ويكمل "عبد الله"، نجل "محسن" القصة، فيقول: يوم الواقعة أخبرتني والدتي، أن أبي ذهب مع أحد أصحابه في شغل، وبعد تأخر ساعات كثيرة، بدأنا بالسؤل عنه في كل مكان، إلى أن اتصل بي أحد الأشخاص، وأخبرني أن والدي هيبات في الشغل، وسيعود غدا صباحًا، وفي اليوم الثاني لم يعد أبي، فانتابتنا حالة من التوتر لأنه من المستحيل أن يظل أبي ليلة كاملة خارج المنزل، أو أن يتركنا دون فلوس أو أكل.

وأضاف "عبدالله": بعد عدة أيام، أخبرنا شخص أنه شاهد أبي داخل أحد المنازل القديمة، فتوجهنا إليه على الفور فلم نجد به أحدا، وكسرنا الباب لنجد عدة والدي وأدواته بجوار حفرة عميقة بالداخل، فأبلغنا الشرطة بالواقعة.

وأضاف: توصلت الشرطة إلى صاحب المنزل وألقت القبض عليه، ليعترف أمام رجال التحقيق، أنه ألقى أبي في الحفرة لرفضه المشاركة معهم في جريمة البحث عن الآثار، وأوضح نجل المجني عليه، أنهم حتى الآن لم يتمكنوا من العثور على جثة والداهم، منتظرين قرار النيابة.

وكان قسم شرطة المعصرة، قد تلقى بلاغًا من الأهالي، مفاده مصرع شخص أثناء التنقيب عن الآثار، داخل منزل بمنطقة المعصرة البلد، دائرة القسم، وبالفحص تبين وجود حفرة بعمق 15 مترًا، وجارى استخراج الجثة من أسفل الأنقاض.

"عاملين العياط"لم يكن لدى "فكهاني وعامل" مقيمان بمركز الصف جنوب محافظة الجيزة، حيلًا للكشف عن الآثار سوى الحفر في باطن الأرض، الذي أنهى حياتهما أثناء البحث، حيث انهارت عليهما حفرة عمقها 9 أمتار، ولم يجدا مهربًا يفرون منه، بل فارقو الحياة دون جدوى.

وكان قسم شرطة الصف بالجيزة في منتصف شهر مارس الماضي قد تلقى بلاغًا بانهيار حفرة على عاملين داخل منزل بمنطقة زرزارة بدائرة المركز، على الفور انتقلت قوة أمنية إلى محل البلاغ، وفرضت قوات الشرطة طوقا أمنياً بمحيط المنزل.

تحريات العقيد أحمد الوليلي، مفتش مباحث شرق الجيزة، توصلت إلى أن "أحمد.ص" فكهاني 49 عاماً مقيم قرية المرازيق البدرشين، و"محمد.م.ع" 55 عاما عامل بالأوقاف مقيم الشوبك الغربي، كانا ينقبان عن الآثار خلسة داخل منزل، وانهارت عليهما الرمال داخل حفرة بعمق 8 أمتار، وتمكنت قوات الإنقاذ البري، بعد مرور 12 ساعة على الواقعة من استخراج الجثتين، على الفور تم نقلهما إلى مشرحة المستشفى، وتحرر المحضر اللازم بالواقعة، وتولت النيابة العامة التحقيقات

لم يمر 72 ساعة على حادثة الصف حتى حل نبأ مصرع عامل آخر، وضبط 4 آخرين أثناء تنقيبهم عن الآثار بمركز البلينا بمحافظة سوهاج.

بدأت تفاصيل الأحداث عندما تلقى اللواء هشام الشافعي، مدير أمن سوهاج، إخطاراً من مركز شرطة البلينا بانهيار حفرة على شخص بناحية قرية الغابات دائرة المركز، واتضح أنه أثناء قيام كل من بسام م. ا. 27 سنة، عامل، ورياض ج. ع. 17 سنة، حاصل على دبلوم صناعي، ومالك ش. ع. 40 سنة، سائق، وحمادة ع. ح. 31 سنة، حاصل على دبلوم صناعي، وحسن ع. م. 56 سنة، عامل، وجميعهم يقيمون بناحية بيت علام دائرة مركز جرجا بالحفر والتنقيب عن الآثار بحوش مستأجر لهم من أمين م. ا. 36 سنة، عامل ويقيم قرية الغابات دائرة المركز انهارت الرمال على الأخير، واتضح وجود حفرة بقطر 3 أمتار وعمق 6 أمتار بعد الانهيار.

بينما كلفت إدارة البحث الجنائي بالتحري عن الواقعة، وحُرر عن ذلك المحضر اللازم، وتولت النيابة التحقيقات.