أحاديث العذاب والتخويف من النار ماذا قال عنها ابن تيمية وهل قال بعضها النبى؟

اعتاد بعض الوعاظ على المبالغة في رواية أحاديث العذاب والتخويف من النار وهى أحاديث تعطي انطباع لمن يسمعها بأن المسلم معرض لعذاب غير محدود لذنب قد يرتكبه لضعف إنساني فيه، وهى أحاديث على طول بعضها ثبت أنها أحاديث موضوعة متنا وسندا، وهو ما يعيد لدائرة البحث مرة أخرى فكرة مشروعية التخويف من الله بشكل مبالغ فيه، وتصوير المولى سبحانه وتعالى كأنه رب للعذاب وليس للرحمة، وهو أسلوب ينافي مقاصد الشرع في الدعوة لله سبحانه وتعالى، وحول هذه القضية الشائكة قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الخوف المحمود هو ما حجزك عن محارم الله"؛ اهـ، أما إذا زاد الخوف بحيث يؤدي إلى القنوط واليأس، فهو خوف مذموم؛ لذلك لا بد أن تتوازن عبادةُ الخوف مع عبادة الرجاء.

حديث مطول موضوع حول عذاب النار يتداوله الوعاظ في المساجد

أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ساعة ما كان يأتيه فيها متغير اللون، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما لي أراك متغير اللون؟! فقال: يا محمد، جئتك في الساعة التي أمر الله بمنافخ النار أن تنفخ فيها، ولا ينبغي لمن يعلم أن جهنم حق، وأن النار حق، وأن عذاب القبر حق، وأن عذاب الله أكبر أن تقر عينه حتى يأمنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا جبريل، صف لي جهنم، قال: نعم، إن الله تعالى لما خلق جهنم أوقد عليها ألف سنة فاحمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة فابيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة فاسودت، فهي سوداء مظلمة، لا ينطفئ لهبها ولا جمرها، والذي بعثك بالحق، لو أن خرم إبرة فتح منها، لاحترق أهل الدنيا عن اخرهم من حرها، والذي بعثك بالحق، لو أن ثوبا من أثواب أهل النار علق بين السماء والأرض، لمات جميع أهل الأرض من نتنها وحرها عن اخرهم لما يجدون من حرها، والذي بعثك بالحق نبيا، لو أن ذراعا من السلسلة التي ذكرها الله تعالى في كتابه وضع على جبل لذاب حتى يبلغ الأرض السابعة. والذي بعثك بالحق نبيا، لو أن رجلا بالمغرب يعذب، لاحترق الذي بالمشرق من شدة عذابها. حرها شديد، وقعرها بعيد، وحليها حديد، وشرابها الحميم والصديد، وثيابها مقطعات النيران، لها سبعة أبواب، لكل باب منهم جزء مقسوم من الرجال والنساء، فقال صلى الله عليه وسلم: أهي كأبوابنا هذه؟! قال: لا، ولكنها مفتوحة، بعضها أسفل من بعض، من باب إلى باب مسيرة سبعين سنة، كل باب منها أشد حرا من الذي يليه سبعين ضعفا، يساق أعداء الله إليها فإذا انتهوا إلى بابها استقبلتهم الزبانية بالأغلال والسلاسل، فتسلك السلسلة في فمه، وتخرج من دبره، وتغل يده اليسرى إلى عنقه، وتدخل يده اليمنى في فؤاده، وتنزع من بين كتفيه، وتشد بالسلاسل، ويقرن كل ادمي مع شيطان في سلسلة، ويسحب على وجهه، وتضربه الملائكة بمقامع من حديد، كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها [الحج: 22]، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من سكان هذه الأبواب؟! فقال: أما الباب الأسفل، ففيه المنافقون، ومن كفر من أصحاب المائدة، وال فرعون، واسمها الهاوية، والباب الثاني فيه المشركون واسمه الجحيم، والباب الثالث فيه الصابئون واسمه سقر، والباب الرابع فيه إبليس ومن تبعه، والمجوس، واسمه لظى. والباب الخامس فيه اليهود واسمه الحطمة، والباب السادس فيه النصارى، واسمه العزيز، ثم أمسك جبريل حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له عليه السلام: ألا تخبرني من سكان الباب السابع؟ فقال: فيه أهل الكبائر من أمتك الذين ماتوا ولم يتوبوا، فخر النبي صلى الله عليه وسلم، مغشيا عليه، فوضع جبريل رأسه على حجره حتى أفاق، فلما أفاق قال عليه الصلاة والسلام: يا جبريل، عظمت مصيبتي، واشتد حزني، أويدخل أحد من أمتي النار؟ قال: نعم، أهل الكبائر من أمتك، ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبكى جبريل، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزله، واحتجب عن الناس، فكان لا يخرج إلا إلى الصلاة يصلي ويدخل ولا يكلم أحدا، يأخذ في الصلاة يبكي ويتضرع إلى الله تعالى.

  

فلما كان اليوم الثالث، أقبل أبو بكر رضي الله عنه حتى وقف بالباب، وقال: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة، هل إلى رسول الله من سبيل؟ فلم يجبه أحد فتنحى باكيا. فأقبل عمر رضي الله عنه، فوقف بالباب، وقال: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة، هل إلى رسول الله من سبيل؟ فلم يجبه أحد فتنحى يبكي، فأقبل سلمان الفارسي حتى وقف بالباب، وقال: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة، هل إلى مولاي رسول الله من سبيل؟ فأقبل يبكي مرة، ويقع مرة، ويقوم أخرى حتى أتى بيت فاطمة، ووقف بالباب ثم قال: السلام عليك يا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان علي رضي الله عنه غائبا، فقال: يا ابنة رسول الله، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد احتجب عن الناس، فليس يخرج إلا إلى الصلاة فلا يكلم أحدا، ولا يأذن لأحد في الدخول، فاشتملت فاطمة بعباءة قطوانية، وأقبلت حتى وقفت على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سلمت، وقالت: يا رسول الله، أنا فاطمة، ورسول الله ساجد يبكي، فرفع رأسه، وقال: ما بال قرة عيني فاطمة، حجبت عني؟ افتحوا لها الباب، ففتح لها الباب فدخلت، فلما نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكت بكاء شديدا لما رأت من حاله مصفرا متغيرا، قد ذاب لحم وجهه من البكاء والحزن، فقالت: يا رسول الله، ما الذي نزل عليك؟! فقال: يا فاطمة، جاءني جبريل ووصف لي أبواب جهنم، وأخبرني أن في أعلى بابها أهل الكبائر من أمتي، فذلك الذي أبكاني وأحزنني، قالت: يا رسول الله، كيف يدخلونها؟! قال: بلى، تسوقهم الملائكة إلى النار، ولا تسود وجوههم، ولا تزرق أعينهم، ولا يختم على أفواههم، ولا يقرنون مع الشياطين، ولا يوضع عليهم السلاسل والأغلال، قالت: يا رسول الله، كيف تقودهم الملائكة؟! قال: أما الرجال فباللحى، وأما النساء فبالذوائب والنواصي.. فكم من ذي شيبة من أمتي يقبض على لحيته وهو ينادي: واشيبتاه واضعفاه، وكم من شاب قد قبض على لحيته، يساق إلى النار وهو ينادي: واشباباه واحسن صورتاه، وكم من امرأة من أمتي قد قبض على ناصيتها تقاد إلى النار وهي تنادي: وافضيحتاه واهتك ستراه، حتى ينتهى بهم إلى مالك، فإذا نظر إليهم مالك قال للملائكة: من هؤلاء؟ فما ورد علي من الأشقياء أعجب شأنا من هؤلاء، لم تسود وجوههم ولم تزرق أعينهم، ولم يختم على أفواههم ولم يقرنوا مع الشياطين ولم توضع السلاسل والأغلال في أعناقهم!!

فيقول الملائكة: هكذا أمرنا أن نأتيك بهم على هذه الحالة، فيقول لهم مالك: يا معشر الأشقياء، من أنتم؟! وروي في خبر اخر: أنهم لما قادتهم الملائكة، قالوا: وامحمداه، فلما رأوا مالكا، نسوا اسم محمد صلى الله عليه وسلم من هيبته، فيقول لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن ممن أنزل علينا القران، ونحن ممن يصوم رمضان، فيقول لهم مالك: ما أنزل القران إلا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا سمعوا اسم محمد صاحوا: نحن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فيقول لهم مالك: أما كان لكم في القران زاجر عن معاصي الله تعالى.. فإذا وقف بهم على شفير جهنم، ونظروا إلى النار وإلى الزبانية قالوا: يا مالك، ائذن لنا نبكي على أنفسنا، فيأذن لهم، فيبكون الدموع حتى لم يبق لهم دموع، فيبكون الدم، فيقول مالك: ما أحسن هذا البكاء! لو كان في الدنيا، فلو كان في الدنيا من خشية الله ما مستكم النار اليوم، فيقول مالك للزبانية: ألقوهم.. ألقوهم في النار، فإذا ألقوا في النار نادوا بأجمعهم: لا إله إلا الله، فترجع النار عنهم، فيقول مالك: يا نار، خذيهم، فتقول: كيف اخذهم وهم يقولون: لا إله إلا الله؟! فيقول مالك: نعم، بذلك أمر رب العرش، فتأخذهم، فمنهم من تأخذه إلى قدميه، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حقويه، ومنهم من تأخذه إلى حلقه، فإذا أهوت النار إلى وجهه، قال مالك: لا تحرقي وجوههم فطالما سجدوا للرحمن في الدنيا، ولا تحرقي قلوبهم فلطالما عطشوا في شهر رمضان، فيبقون ما شاء الله فيها، ويقولون: يا أرحم الراحمين يا حنان يا منان، فإذا أنفذ الله تعالى حكمه، قال: يا جبريل، ما فعل العاصون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: اللهم أنت أعلم بهم، فيقول انطلق، فانظر ما حالهم، فينطلق جبريل عليه السلام إلى مالك، وهو على منبر من نار في وسط جهنم، فإذا نظر مالك على جبريل عليه السلام قام تعظيما له، فيقول له يا جبريل: ما أدخلك هذا الموضع؟ فيقول: ما فعلت بالعصابة العاصية من أمة محمد؟ فيقول مالك: ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم، قد أحرقت أجسامهم، وأكلت لحومهم، وبقيت وجوههم وقلوبهم يتلألأ فيها الإيمان، فيقول جبريل: ارفع الطبق عنهم حتى أنظر إليهم، قال: فيأمر مالك الخزنة فيرفعون الطبق عنهم، فإذا نظروا إلى جبريل وإلى حسن خلقه، علموا أنه ليس من ملائكة العذاب، فيقولون: من هذا العبد الذي لم نر أحدا قط أحسن منه؟! فيقول مالك: هذا جبريل الكريم الذي كان يأتي محمدا صلى الله عليه وسلم بالوحي، فإذا سمعوا ذكر محمد صلى الله عليه وسلم صاحوا بأجمعهم: يا جبريل، أقرئ محمدا صلى الله عليه وسلم منا السلام، وأخبره أن معاصينا فرقت بيننا وبينك، وأخبره بسوء حالنا، فينطلق جبريل حتى يقوم بين يدي الله تعالى، فيقول الله تعالى: كيف رأيت أمة محمد؟ فيقول: يا رب، ما أسوأ حالهم، وأضيق مكانهم، فيقول: هل سألوك شيئا؟ فيقول: يا رب نعم، سألوني أن أقرئ نبيهم منهم السلام، وأخبره بسوء حالهم، فيقول الله تعالى: انطلق فأخبره. فينطلق جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في خيمة من درة بيضاء، لها أربعة الاف باب، لكل باب مصراعان من ذهب، فيقول: يا محمد، قد جئتك من عند العصابة العصاة الذين يعذبون من أمتك في النار، وهم يقرئونك السلام، ويقولون: ما أسوأ حالنا، وأضيق مكاننا! فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم إلى تحت العرش، فيخر ساجدا ويثني على الله تعالى ثناء لم يثن عليه أحد مثله، فيقول الله تعالى: ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع، فيقول: يا رب، الأشقياء من أمتي قد أنفذت فيهم حكمك وانتقمت منهم، فشفعني فيهم، فيقول الله تعالى: قد شفعتك فيهم، فأت النار، فأخرج منها من قال: لا إله إلا الله، فينطلق النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا نظر مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم قام تعظيما له فيقول: يا مالك، ما حال أمتي الأشقياء؟! فيقول: ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم، فيقول محمد صلى الله عليه وسلم: افتح الباب وارفع الطبق، فإذا نظر أصحاب النار إلى محمد صلى الله عليه وسلم صاحوا بأجمعهم، فيقولون: يا محمد، أحرقت النار جلودنا، وأحرقت أكبادنا، فيخرجهم جميعا وقد صاروا فحما، قد أكلتهم النار فينطلق بهم إلى نهر بباب الجنة يسمى نهر الحيوان، فيغتسلون منه فيخرجون منه شبابا جردا مردا مكحلين، وكأن وجوههم مثل القمر، مكتوب على جباههم الجهنميون عتقاء الرحمن من النار، فيدخلون الجنة، فإذا رأى أهل النار أن المسلمين قد أخرجوا منها، قالوا: يا ليتنا كنا مسلمين وكنا نخرج من النار، وهو قوله تعالى: ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين [الحجر: 2] .

*وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اذكروا من النار ما شئتم، فلا تذكرون شيئا إلا وهي أشد منه)).

وقال: ((إن أهون أهل النار عذابا لرجل في رجليه نعلان من نار، يغلي منهما دماغه كأنه مرجل، مسامعه جمر، وأضراسه جمر، وأشفاره لهب النيران، وتخرج أحشاء بطنه من قدميه، وإنه ليرى أنه أشد أهل النار عذابا، وإنه من أهون أهل النار عذابا))، وعن ميمون بن مهران أنه لما نزلت هذه الاية: وإن جهنم لموعدهم أجمعين [الحجر: 43]، وضع سلمان يده على رأسه وخرج هاربا ثلاثة أيام، لا يقدر عليه حتى جيء به.

وهذا الحديث على طوله حكمت عليه لجنة علمية مكونة من الشيخ هتلان بن علي الهتلان، والشيخ أسامة بن حسن الرتوعي.

والشيخ الدكتور حسن بن علي البار، الأستاذ بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، بأنه حديث موضوع لا أصل له من قول النبى صلى الله عليه وسلم ولا ذكر له في كتب الصحاح.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً