بشكل مفاجئ قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإعلان عن وقف إعفاءات شراء النفط الإيراني الممنوحة لـ8 دول منذ نوفمبر الماضي، وسيتم العمل بهذا القرار بدءاً من الثالث من مايو المقبل، أي بعد 10 أيام فقط، مما سبب ارتباكا في أسعار النفط التي ارتفعت أكثر من 3% ، لكن الواضح أن قرار الرئيس دونالد ترامب تقف وراؤه أهدافا أخرى، ويبدو أن "ترامب" يخاطر بحروب تجارية ودبلوماسية مع الصين والهند من خلال حظر جميع مشتريات النفط في جميع أنحاء العالم من ايران.
حيث أعلن البيت الأبيض أمس عن وقف لإلغاء العقوبات المفروضة على صادرات النفط الإيرانية ، التي تم إحضارها العام الماضي، تم السماح بثمانية إعفاءات مؤقتة ، للصين والهند وتركيا وكوريا الجنوبية واليابان وإيطاليا واليونان وتايوان، لقد قام الثلاثة الآخرون بالفعل بتخفيض وارداتهم، لكن الآخرين يواصلون شراء مليون برميل من النفط يومياً من إيران.
لماذا اتخذ ترامب هذا القرار الآن؟
كي نعرف سبب القرار يجب البحث على ماورائه إيران تصدر حاليا مليون ونصف المليون برميل يوميا من النفط، فالمدى الزمني لتلك السياسة الصفرية يتوقف فقط على ما إذا كانت طهران ستغير سلوكها أم لا.
القرار رغم ذلك جاء مفاجئا لأن الرسائل والإشارات الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية كانت تصب في اتجاه تجديد الإعفاءات لمدة ستة أشهر، وهذه الإعفاءات تستفيد منها بالأساس ثمان دول هي الصين والهند وتركيا وكوريا الجنوبية وإيطاليا واليابان واليونان وتايوان وهي جميعا باستثناء الصين تعد حلفاء لواشنطن، فلماذا إذن التغير المفاجئ؟
وآخر التصريحات الأمريكية في هذا الشأن كانت قبل أقل من أسبوعين وتتحدث عن مراجعة قرار الإعفاءات قبل تمديده أو وقفه بالنسبة للدول التي لا تستفيد من تلك الإعفاءات أي الدول التي لم تعد تستورد النفط الإيراني وكان الحديث عن دول مثل اليونان والنرويج وإيطاليا.
القرار اتخذ على غير رغبة الخارجية
لكن التقارير أشارت إلى أن ترامب ومستشاره للأمن القومي جون بولتون اتخذا القرار الجمعة الماضية،عكس التوجه العام للخارجية وضد رغبة حلفاء واشنطن الأوروبيين الذين يرون أن التعامل المتشدد مع طهران لن يؤدي للنتيجة المرجوة وهي تخلي إيران عن طموحها النووي.
قلق إسرائيلي من غياب ترامب
المتابع للمشهد الإعلامي في تل أبيب لن يجد صعوبة في ربط توقيت إعلان واشنطن عن الخطوة التصعيدية الأخيرة ضد طهران مع تزايد وتيرة القلق الإسرائيلي من خسارة ترامب للانتخابات الرئاسية القادمة ومجيء رئيس ديمقراطي إلى البيت الأبيض سيعود إلى سياسة الاحتواء التي اتبعها سلف ترامب وهو الديمقراطي باراك أوباما.
صحيفة هآرتس الإسرائيلية نشرت تقريرا الثلاثاء بعنوان "المرشحون الديمقراطيون يعدون بإعادة واشنطن إلى الاتفاق النووي مع إيران"، سلطت فيه الضوء على أهمية استمرار تضييق الخناق على طهران حتى تتخلى عن طموحاتها النووية.
وفي تقرير آخر حذرت الصحيفة من أن بيرني ساندرز المرشح الديمقراطي المحتمل للرئاسة وصف نتنياهو بأنه رئيس لحكومة عنصرية، مما يعني أن ترامب يمثل لإسرائيل فرصة تاريخية للتخلص من التهديد الإيراني.
اقرأ ايضاً..الملك سلمان يكشف مضمون رسائل 4 زعماء له
تنسيق مع السعودية والإمارات
وفي ذات السياق وبحسب التايمز البريطانية هناك مؤشرات على أن الإعلان الأمريكي المفاجئ عن إعلان الإعفاءات تمت مناقشته من جانب ترامب مع حلفائه الخليجيين خصوصا السعودية والإمارات اللتان تدفعان، مثل إسرائيل، في اتجاه التصعيد مع طهران، وقالت الصحيفة أن ترامب تحدث هاتفيا الأسبوع الماضي مع ولي عهد الإمارات محمد بن زايد.
القرار الأمريكي إذن لم يأخذ في الاعتبار المخاطر والتبعات التي ستنتج عنه وربما يكون أخفها وطأة هو أسعار النفط على أساس ضمانات سعودية لترامب بتعويض الأسواق عن النفط الإيراني، ولكن التداعيات السياسية والتجارية مع الصين وتركيا ودول الاتحاد الأوروبي ربما لا تكون هناك ضمانة للسيطرة عليها، هذا بالطبع بخلاف ما قد تقدم عليه إيران نفسها من خطوات تصعيدية في الاتجاه الآخر، فهل هذا ما يسعى إليه ترامب؟ باختصار هل يريد ترامب دفع طهران لإغلاق مضيق هرمز مثلا حيث تمر ثلث إمدادات النفط في العالم ومن ثم الدخول في حرب تريدها إسرائيل بشكل معلن؟ الأيام القادمة ربما تجيب على هذا السؤال.