انطلقت أمس فعاليات، ورشة العمل الدولية تحت عنوان "العيش معًا في سلام.. نحو بناء مجتمعات متماسكة"، والتي تستمر لمدة ثلاثة أيام، في إطار الاحتفال باليوم العالمي للعيش معًا في سلام، والذي تنظمه جامعة الدول العربية، بالتعاون مع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، ومنظمة اليونسكو.
وأكدت السفيرة سامية بيبرس مدير إدارة حوار الحضارات بجامعة الدول العربية، أن انعقاد هذه الورشة الدولية يأتي في توقيت بالغ الحساسية وذلك في ضوء تنامي خطاب الكراهية وارتفاع معدلات التمييز وكراهية الأجانب وانتشار الأفكار المتطرفة لدى أوساط الشباب وتصاعد الأعمال الإرهابية في مناطق متفرقة من العالم، وأشارت إلى أن تصاعد تلك الظواهر تؤكد الحاجة الماسة إلى الحوار باعتباره السبيل الوحيد لتعزيز الاحترام والتفاهم المتبادل بين الشعوب المختلفة، وبوصفه أحد السبل المساهمة في ترسيخ ثقافة السلام وقيم التعايش السلمي بين الشعوب، من خلال تكريس ثقافة التعددية الثقافية والدينية باعتبارها عامل إثراء وليس منطلقا للفتنة.
وفي ختام كلمتها أشادت بيبرس بوثيقة "الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك" والتي وقعت من قبل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف وقداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان في فبراير 2019، ووصفتها بأنها تعكس إصرار المجتمع الدولي على نشر ثقافة التسامح والتعايش السلمي والسلام المستدام، وذلك بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 وبالأخص تحقيق الهدف السادس عشر والذي يدعو إلى العمل على بناء مجتمعات متماسكة شاملة ومسالمة، وذلك بما يضمن تحقيق العدالة للجميع وبناء مؤسسات فاعلة ومسئولة على كافة المستويات.
على صعيد آخر، قال الدكتور إبراهيم الهدد المستشار العلمي للمنظمة العالمية لخريجي الأزهر أن القرآن الكريم أسس قواعد التواصل على الرحم الإنساني حيث خاطب الناس أجمعين في مطلع سورة النساء فقال "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام".
وأضاف الهدهد أن الإسلام يؤمن بتعدد الحضارات، ويقرها، ويرسخ الإيمان بذلك في قلوب أتباعه، والسيرة العطرة لرسول الله وصحبه الكرام جسدت الإيمان بتعدد الحضارات وتنوع الثقافات، وتعاطت معها، واقعا عمليا "فالتقاء الحضارات معلم من معالم التاريخ الحضاري للإنسانية، وهو قدر لا سبيل إلى مغالبته أو تجنبه، وقد تم دائما وأبدا وفق هذا القانون الحاكم التمييز بين ما هو مشترك إنساني عام وبين ماهو خصوصية حضارية" والخيار البديل لصدام الحضارات هو أن تتفاعل الحضارات الإنسانية بما يعود على الإنسان والبشرية بالخير والفائدة، والاتجاه نحو البناء والاستجابة الحضارية لتحديات الراهن، عكس نظرية "صدام الحضارات" التي تدفع الطرف المتسلح بـإمكاناته العملية والمادية لممارسة الهيمنة ونفي الآخر والسيطرة على مقدراته وثرواته تحت دعوى أن نزاعات العالم القادمة سيتحكم فيها العامل الحضاري. ويؤمن الأزهر "أن الانعزال والتقوقع والانغلاق على الذات في عالم اليوم الذي تحول إلى قرية صغيرة بحكم التطور التقني الهائل في تكنولوجيا الاتصال أمر مستحيل، كما أن الانسياق وراء الدعوة إلى حضارة عالمية واحدة هو بحد ذاته عملية تكريس لهيمنة الحضارة الكاسحة وهو طريق التبعية الحضارية الذي يُفقد كل أمة خصوصيتَها الحضارية ويحوّلها إلى مجرد هامش للحضارة الكاسحة".
وفي كلمتها أشارت جني البابا، أخصائية برامج العلوم الاجتماعية باليونسكو، إلي تناول الورشة مسألة جوهرية في عالمنا اليوم، وهي التعايش السلمي حيث يتطلب العمل عليها بناء صرح للسلام وهو ما تسعى اليونسكو إليه من نشر ثقافة السلام في جميع أرجاء العالم من خلال جميع القطاعات التي تعمل بها ولاسيما التربية والعلوم والثقافة والإعلام.
وأكدت أن اليونسكو يعمل علي تكريس قيم المواطنة والمسوؤلية والتسامح لدى الشباب وترسيخ مهارات الحوار بين الحضارات والاديان، انطلاقاً من الايمان بالتعددية الثقافية كعامل تمكين أساسي للعيش المشترك في عالم متزايد التنوع.
وأكدت أنوار عثمان مدير إدارة المشروعات بمنظمة خريجي الازهر والمشرف علي مشروع "سفراء الأزهر" على أهمية الورشة كإحدي أساسيات عمل المنظمة العالمية، إدراكا منها لما يمر به العالم من أخطار محدقة وتحديات كبرى تستهدف كيانه وحضارته الانسانية ، وأشارت إلي أن المنظمة العالمية تعد نافذة للتواصل مع خريجي الازهر على مستوى العالم ليكونوا خير سفراء للازهر وللثقافة الاسلامية الأصيلة في بلادهم ينشرون صحيح الدين بمنهجه المعتدل من خلال سلوكياتهم ومعاملاتهم اليومية يما يجسد روح الإسلام السمحة.
تأتي الورشة والتي تعقد علي مدار ثلاثة أيام، تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للعيش معا في سلام، وبشاركة العديد من الدول، "مصر - السعودية- الإمارات- العربية- البحرين - اليمن - لبنان - فلسطين-العراق - ليبيا - السودان - تونس - الجزائر - موريتانيا - الصومال - جزر القمر".
وتستهدف الورشة رفع مستوى الوعي الثقافي للشباب بقضايا عالمية مثل التسامح والتعايش السلمي والمواطنة العالمية , كذا إكساب الشباب المشارك مهارات اجتماعية مثل أسس إقامة الحوار مع الآخر وفن التفاوض وإطلاق المبادرات الجماعية.