عقب تنحي الرئيس السوداني السابق عمر البشير واعلان المجلس العسكري بقيادة "عوض بن عوف" لقيادة البلاد، ومن ثم بعده "عبد الفتاح برهان" الذي خرج الايام الماضية ليعلن أن المجلس العسكري على استعداد لتسليم السلطة لمدنيين فوراً، ولكن من المعروف ان السودان شهد طوال الاعوام الماضية حكم الاسلام السياسي، فهل يلفظ ذلك من رحمه خاصة مع استمرار المظاهرات أمام مقر قيادة الجيش السوداني والتفافه حول تجمع المهنيين السوداني "حزب يساري" في السودان.
تنحي البشير
وفي اعقاب التفاف الشارع السوداني حولهم قدم تجمع المهنيين السودانيين منذ ايام اقتراحًا إلى تحالف "الحرية والتغيير"، يقضي بتشكيل مجلس رئاسي مدني، ومجلس تشريعي، تشارك فيه كل القوى الموقعة على إعلان "الحرية والتغيير"، إلى جانب مجلس وزراء جديد، حيث يفترض أن يضم 9 أعضاء، في حين يكون المجلس التشريعي مكوناً من 151 عضواً.
وإلى جانب ذلك، اقترح تجمع المهنيين السودانيين، الذي قاد الحراك ضد الرئيس السابق عمر البشير، في الأشهر الماضية، تشكيل مجلس الوزراء وعدد أفراده 17 على الأقل بما تحدده المهمات وبما يشمل رئيس الوزراء، على أن توكل وزارتي الدفاع والداخلية لشخصيات وطنية مدنية ذات خلفية عسكرية.
هل السودان تشهد ثورة شيوعية "يسارية"؟
قالت صحيفة "السودان اليوم" أن نفوذ الحزب اليساري لم تعد تملك نفس القدرة على حشد الجماهير مثل سابق عهدها في العالم بشكل عام، خاصة بعد سيطرة الاسلام السياسي عى المشهد في معظم الدول العربية، إلا انه عقب ثورات الريع العربي وانقاضا الاخوان على حكم بعض الدول وعقب اثبات فشلهم، بدأ الجانب اليساري في القاط انفاسه مرة اخري حيث فشل الاسلام السياسي في مصر والجزائر والسودان و على وشك الانهيار في تونس ايضاً، لذا بدأ تجمع المهنيين في السودان المحسوب على اليسار في الالتفاف حول مطالب الشعب فيما يسمى "ثورة الخبز" وهو مسمى لثورات الشيوعية سابقاً، وانضمت الحركة اليسارية في السودان الي الحركات المدنية التي لم يكن لها صوت في السابق بسبب سيطرة الاسلام السياسي التي كانت تسمى الحركات السالبةوحركة عبد الواحد محمد نور.
ثورة الخبز السودانية
ويقول الخبير في الشأن السوادني محمد على مصطفي في تصريحات خاصة لـ"اهل مصر" أن الأحزاب اليسارية في السودان حالياً تلقى تعاطف كبير من قبل الشعب السوداني خاصة بعد أن بدأ تجمع المهنيين في التفاف المظاهرون حوله واستطاعتهم اجبار "البشير" على التنحي بعد 30 عاماً من الحكم الاسلام السياسي في السودان.
واضاف الخبير السوداني أن الحزب اليساري في السودان يلعب الآن بذكاء حيث انه لا يستهدف الشرائح التقليدية التي كان يحاول استهدافها سابقاً بل يحاول الآن استقطاب من هم بالأرياف و المدن المهمشة، لتبدو الاحتجاجات شعبية عمالية من الطبقى الكادحة في السودان.
وأكد "مصطفى" أن السودان لن تقود مصر لانتفاضة "شيوعية" جديدة بل يمكن لمصر أن تقود السودان لانتفاضة مدنية أو حكم عسكري خالياً من الاسلام السياسي واليسار معاً، والدليل على ذلك أن الثورتين المصرية والسودانية بهما الكثير من التشابه لكن الفارق أن السودان تعلمت جيداً من التجربة المصرية فلفظت حكم الاسلام السياسي من رحمها بشكل مطلق عكس الثورة المصرية التي انقض عليها الاسلاميين برئاسة المعزول "محمد مرسي" لمدة عام، ومن ثم لفظتهم الموجة الثانية من الثورة في 30 يونيو.
وأشار إلى أن اليسارين في مصر اثبتوا فشلهم بقيادة بعض أحزابهم اليسارية التي لم تستطع بناء قاعدة شعبية لهم حيث لم يعد لهم مصداقية بين الشعب المصري، اما عن السودان فلقد فشل الحزب الشيوعي منذ فشل انقلاب "هاشك العطا" على الرئيس "جعفر النميري" لذا من المسبتعد أن يتصدر حراكًا في عام 2019، ولا يوجد أي مؤشر حاليًا على تجاوب الشارع معه، حتى وإن التفوا حوله .
وتوقع "مصطفي" أن السيناريو الآخر هو انقاض اليسار على الحكم السوداني بعد لفظ الشارع السوداني الاسلام السياسي لفظ تام من رحمهم، ولكن في ذلك الوقت سيفشل الحزب اليساري في الحكم وستخرج الثورة الثانية وحينها ستكون نهاية الشيوعية لفترة كبيرة مرة أخرى.
وفي سياق متصل، قال الباحث السياسي، عمرو فاروق، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، إن تجارب الإسلاميين في السودان على مدار الحكم في السنوات الماضية حتى باءت بالفشل، وذلك لأن السودان لها طبيعة خاصة حتى بعد أن تصدر الإخوان المسلمين المشهد السياسي في السودان، والذي شهد انقسام الإخوان على أنفسهم داخل السودان أكثر من مرة، حتى خرج تيار يميل إلى السلفية تحت اللواء الإمام "أبو نارو"، لكن التيار الصوفي هو الوحيد الذي خلق حالة التوازن داخل السودان، نظرا لانتشاره هناك بشكل كبير، وأن الطريقة البرهامية هي أكبر تيار صوفي منتشر في السودان، ولها سحرها الخاص وسوف يتصدر المشهد الفترة المقبلة بحكم طبيعة شعب السودان المثقف.
وأفاد فاروق، بأن السودان تعملت من التجارب السابقة التي حدثت منذ مطلع 2011، ولن تسمح بأي تيار تابع لتيار عمر البشير أن يظهر مرة أخرى في المشهد السياسي السوداني مرة أخرى، ولم يكن للتيار الإسلامي الحق في الحصول على الاستحقاقات في السودان الفترة القادمة.
وأشار فاروق، إلى أن المشهد السياسي في السودان، لا يميل إلى التحييد الفترة المقبلة، وسوف يكون هناك ميلا نحو الدولة المدنية بكل مكوانتها وليس إلى الدولة العلمانية، والتي سيترتب عليها أن يكون التيار الإسلامي في السودان رقم "صفر" في المعادلة، أي ليس له أي قيمة تُذكر في المشهد السياسي السوداني.
اقرأ ايضا..المجلس العسكري السوداني يدرس استقالة 3 من أعضائه
وأفاد فاروق، بأن هناك صراعا كبيرا داخل المكون العسكري في السودان، وأن "عبد الفتاح البرهان"، هو من يحسم ذلك الجدل، خلال المرحلة المقبلة، باعتباره رجل مستقل لا يُحسب تباعا للتيار الإسلامي أو لحكم البشير، وهذا ما عكسه الشارع السوداني من تقبله في المشهد الآن، موضحا أن التيار الذي سوف يتصدر المشهد في السودان الفترة المقبلة، لا بد وأن يكون تيارا مستقلا بذاته.
ماذا عن موقف التيار اليساري في السودان الآن؟
وفي السياق ذاته، أوضح فاروق، أن التيار السياري في السودان سوف يحصل على مساحة كبيرة في المشهد السياسي، من حيث الاستحقاقات الفترة المقبلة، وهذا ما يعطي الفرصة للتيار الصوف أن يظهر بشكل ملحوظ خلال انتفاضة يحدثها التيار الثاني، لأن الثقافة العامة في السودان هي الصوفية، ولأن التصوف هو الأيقونة الوحيدة التي تقف في وجه السلفيين الجهاديين بالسودان
وأفاد أن الحركة الصوفية سوف تواجه كل المكونات الداعشية والسلفية التي سوف تظهر في المنطقة الفترة المقبلة، سواء كانت في ليبيا أو الجزائر أو ليبيا.
اقرأ ايضا..المجلس العكسري السوداني: الموافقة على مذكرة قوى"الحرية والتعبير"
وفي السياق ذاته، أوضح فاروق، أن مصر سوف تلعب دورا كبيرا في السياسة السودانية في الفترة المقبلة ولكن بشكل غير مباشر، لأن مصر تسير على منهجها المعروف وهو عدم التدخل في شؤون غيرها من الدول، ولكن التدخل سوف يكون لحماية مصر عمقها الداخلي في السودان، فإن لم تتحرك مصر لحماية عمقها الأمني ناحية الجنوب، فسوف تحدث أزمة سياسية كبيرة، وأن تدخل مصر ليس له أي أطماع كغيرها من الدول مثل تركيا وقطر التي كانت لها مطامع داخل السودان.
وأشار فاروق، إلى أن الفترة المقبلة، سوف تشهد مصر زيارات متبادلة مع السودان على المستوى الدبلوماس…