قال الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إن التحول العالمي نحو الانتقال إلى العصر الرقمي الذي تُختصر فيه المسافات بين المجتمعات وتتحول من خلاله إلى عالم متصل، تستطيع فيه الثورة الرقمية إحداث تغييرات جوهرية في أنماط الحياة، بما تنتجه من تكنولوجيات رقمية تفاعلية وبما تؤسسه من نماذج أعمال جديدة تعتمد بشكل محوري على تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية، وتحليل البيانات الضخمة، وغيرها من مستجدات التكنولوجيا؛ لتشكل القاعدة العريضة التي يرتكز عليها الاقتصاد الرقمي.
وأضاف الوزير على هامش المنتدى الخاص بمبادرة التعاون الاقتصادي الرقمي في إطار القمة الثانية "لمنتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي" أن أهمية الاقتصاد الرقمي تبرز في تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام، وتقديم الخدمات بصورة متميزة ومتكافئة لجميع المواطنين، وما تسهم به من رفع الإنتاجية، حيث تزيد ربحية الشركات التي تتبنى التكنولوجيات الرقمية بنسبة تصل إلى 26 %عن نظيراتها، إلا أنه يحمل في ذات الوقت في طياته تحديات حقيقية إذا لم تتم إدارته على نحو مدقق يقي المجتمع من مخاطر تهدد البيانات الشخصية والعامة، والبنى التحتية، والصناعات التقليدية، وأصحاب المهارات المحدودة؛ يمثل حاليا الاقتصاد الرقمي 11.5 تريليون دولار من الاقتصاد العالمي أي ما يوازي 15.5% من الناتج المحلي العالمي. ومن المتوقع أن ينمو ليصل إلى 24.3% بحلول عام 2025، وهو ما يستلزم تكثيف الجهود المحلية وتعزيز التعاون الدولي لوضع استراتيجيات تستهدف جني ثمار هذا النمو المتسارع بل وعلينا تكثيف جهودنا في هذا المضمار لاسيما أن معظم بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يمثل الاقتصاد الرقمي لديها نسبة ضئيلة لا تزيد عن 8 %من إجمالي الناتج المحلي.
اقرأ أيضا.. شروط وخطوات الحصول على تمويل عقاري لوحدة سكنية
وأكد الوزير أن مصر لديها ارادة سياسة صلبة لتكون دولة رائدة في إقليمها في مجال الاقتصاد الرقمي؛ عن طريق تنفيذ عدة محاور من أهمها: -
1_ إجراء إصلاحات هيكلية ومنها إنشاء المجلس القومي للمدفوعات، وإنشاء المجلس الأعلى للأمن السيبراني، والمجلس الأعلى للتحول الرقمي، وذلك لدفع مسيرة التنمية على هذه المحاور الحيوية.
2_ اعتماد التحول والشمول الرقميين أساسا لاستراتيجية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتي تتضمن تحديث بنية تحتية فعالة ومؤمنة للاتصالات، وتهيئة بيئة جاذبة للاستثمار والابداع التكنولوجي، ورفع نسب الشمول المالي، وأتمتة إدارة موارد الدولة المالية.
3_ توفير البيئة التشريعية المواتية للتحول نحو الاقتصاد الرقمي؛ من خلال عدة قوانين تستهدف تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدي، ومكافحة جرائم تقنية المعلومات، وتنظيم التجارة الالكترونية، وحماية البيانات الشخصية.
4_ تقوم مصر حاليا ببناء عاصمتها الإدارية الجديدة والتي ستكون مدينة ذكية على طراز عالمي ترتكز على فلسفة التحول إلى حكومة رقمية توفر بيئة تشاركية بين مختلف جهات الدولة، في القلب منها مدينة للمعرفة تمثل نموذجا عالميا لبيئة الابداع والابتكار.
5_ تأتي الاستراتيجية المصرية للذكاء الاصطناعي لتمثل الخطوة التالية في خطة مصر الرقمية ليس فقط لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة ولكن لتكون عنصرا فاعلا فيها.
6_ تفعيل دور البريد المصري في منظومة الشمول المالي في ظل الانتشار الواسع لفروعه في ربوع الوطن والتي تصل إلى 4 آلاف منفذ.
7_ تشجيع التجارة الالكترونية حيث أطلقت مصر الاستراتيجية الوطنية للتجارة الالكترونية في 2017 بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الانكتاد" والتي نسعى من خلالها إلى جعل مصر مركزا إقليميا للتجارة الإلكترونية بين دول العالم في ظل الزيادة المطردة في هذه النوعية من التجارة.
وشدد الوزير على سعى مصر إلى التواجد بقوة على خريطة صناعة مراكز البيانات الضخمة لتصبح ممرا رقميا عالميا انطلاقا من أهمية البيانات التي تمثل عصبا شديد الأهمية في الاقتصاد الرقمي وفي ظل ما تمتلكه من مزايا تنافسية كبرى ومنها الموقع الجغرافي المتميز، ومرور عدد كبير من الكابلات البحرية والأرضية بها، تربط بين الشرق والغرب.
وتوقع الوزير احتياج منطقة الشرق الأوسط إلى 300 مليون وظيفة أخرى بحلول عام 2050 لذا تولي مصر اهتماما خاصا بتنمية رأس المال البشري في إطار استراتيجيتها لبناء الانسان المصري إيمانا بأهمية الابتكار التكنولوجي في تعزيز الاقتصاد الرقمي، بالإضافة إلى دعم الابداع والشركات الناشئة ورواد الأعمال، وتوفير برامج بناء القدرات في مجالات تكنولوجية متعمقة لمواكبة الاحتياجات والمتغيرات الرقمية.
وأشار الوزير الى ايمان مصر بتزايد أهمية خلق علاقات اقتصادية قوية بين الدول ارتكازا على مبدأ تحقيق المصالح المشتركة؛ ومن هنا تأتي أهمية المباحثات التي نعقدها لصياغة سياسات منظمة للاقتصاد الرقمي، وتحقيق التكامل وتبادل الخبرات في مجالات تطوير البنى التحتية الرقمية والابتكار التكنولوجي، وخلق شراكات استراتيجية من أجل التنمية الرقمية وبناء اقتصاديات أقوى وأكثر استقرارا.
وووجه الوزير الشكر للجنة الوطنية للإصلاح والتنمية على جهدها المتميز في القمة الثانية لمبادرة الحزام والطريق وتنظيم جلسات هذا المنتدى الهام بالإضافة إلى المنتديات الأخرى المحورية، متمنيا لأعمال القمة الثانية الخروج بنتائج مثمرة وإيجابية.