منذ ما يقرب من 36عامًا، منعت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر رعاياها من السفر إلى القدس، منذ أن أصدر المجمع المقدس قرارًا بعدم التصريح لرعايا الكنيسة بالسفر إلى القدس في عام 1980، وذلك بسبب عدم استعادة دير السلطان لسيادة الكنيسة المصرية، وهو الموقف الذي لم يتغير حتى الآن.
ومع زيارة وزير الخارجية سامح شكري إلى إسرائيل، عاد دير السلطان إلى ليفرض نفسه على الساحة مرة أخرى، فبحسب بيان لوزارة الخارجية، اليوم الاثنين، قال إن المباحثات الثنائية بين سامح شكري ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تناولت عددًا من الملفات المرتبطة بالعلاقات الثنائية، ومن ضمنها جهود مكافحة الإرهاب والوضع الخاص بدير السلطان التابع للكنيسة القبطية المصرية في القدس، وهو ما يطرح تساؤلًا عن إمكانية ما تسفر عنه المباحثات فيما يتعلق بعودة الدير للسيادة المصرية.
وقال كمال زاخر المفكر القبطي، إننا نتمنى إن كان هناك مباحثات حول دير السلطان، أن تسير بشكل جدي لإعادته للسيادة المصرية، وذلك بعيدًا عن الضغوط الشعبية على الأرض والتي لا تحتسب المصالح.
وأكد "زاخر" في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر" إن إسرائيل تقاعست عن تطبيق القانون عندما داهم الرهبان الإثيوبيين الدير الذي كان تحت السيادة المصرية، وتابعًا للكنيسة المصرية، وأن هذا كان سبب قرار وقف حج الأقباط إلى القدس وهوالقرار الذي مازال سائدًا حتى اليوم.
وأضاف المفكر القبطي، أنه ربما يلعب التقارب الثلاثي، بين مصر وإثيوبيا وإسرائيل دورًا في حل القضية، خاصة وأن المباحثات بين الدول تتبع نظرية الأواني المستطرقة أي "كله منفد على بعضه" وهو ما يجعل احتمالية الجدية في تلك المفاوضات حول الدير تؤتي بنتيجة.
وعلى مساحة 1800متر، داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس المحتلة، بين أروقة حارة النصارى بجوار كنيسة القديسة هيلانة، وكنيسة الملاك والممر الموصل من كنيسة هيلانة إلى سور كنيسة القيامة، ويعد دير السلطان ديرًا أثريًا للأقباط الأرثوذكس.
وأعاده صلاح الدين الأيوبي، للأقباط بعد استيلاء الصليبيين عليه، بناه الوالي المصري منصور التلباني عام 1092م، فوق كنيسة القيامة التي تعد أقدم كنيسة في العالم بترخيص من الوالي العثماني جلال الدين شاه، وظل الدير منذ نشأته حتى الآن المدخل الوحيد لدخول الحجاج المسيحيين منه إلى كنيسة القيامة حيث يوجد قبر السيد المسيح.
ويحكي القس يوحنا في كتابه تاريخ الكنيسة القبطية، إن «صلاح الدين الأيوبي، بعدما فتح القدس، أعطى للأقباط أعظم مكان في بيت المقدس، وسُمى بـ(دير السلطان) نسبة لـ(صلاح الدين الأيوبي)، تقديرا لدورهم في محاربة الاستعمار الصليبي».
ويتكون دير السلطان من مجموعة من المبانى القديمة المتناثرة، وفيه أرض خالية تصل مساحتها إلى ألف متر وحوله سور بارتفاع يقرب من 4.5 متر، يفصل بين الدير وبطريركية الأقباط، وفى نهايته باب خاص بالأقباط وحدهم، ويوجد باب ثالث لهذا الدير من الناحية الشرقية على الطريق العمومي المجاور للمباني المعروفة بالمصبن.
واستولت إسرائيل على دير السلطان في القدس الشرقية وسلمتها إلى الرهبان الأحباش بعد طرد الرهبان المصريين منه بعد حرب يونيو 1967، ورفضت تنفيذ حكم المحكمة العليا الإسرائيلية برد الدير إلى الكنيسة المصرية، وهو ما أثار غضب المسلمين والمسيحيين المصريين، بحسب صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، عام 2003.
وقرر البابا الراحل كيرلس السادس، حظر سفر الأقباط إلى القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي بعد الاستيلاء على الدير، فيما كان موقف الراحل البابا شنودة الثالث خلال جلسة المجمع المقدس 26/ 3/ 1980 ما جاء في القرار التالي:
«قرر المجمع المقدس عدم التصريح لرعايا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالسفر إلى القدس هذا العام، في موسم الزيارة أثناء البصخة المقدسة وعيد القيامة، وذلك لحين استعادة الكنيسة رسميا لدير السلطان بالقدس، ويسرى هذا القرار ويتجدد تلقائيا طالما أن الدير لم يتم استعادته، أو لم يصدر قرار من المجمع بخلاف ذلك»، إلا أنه تم طرح القضية مرة أخرى، عند زيارة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية إلى القدس، إلا أن البابا تواضروس الثاني، أكد أن الزيارة هدفها تشييع جنازة الأنبا ابراهام مطران القدس والشرق الأدنى الذي توفي، ولا تعني بأي حال من الأحوال كسر قرار المجمع المقدس بمقاطعة السفر للقدس تحت الاحتلال الإسرائيلي.
يذكر أن الكنيسة المصرية رفعت أكثر من 100 دعوى قضائية أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، وكسبتها جميعا ضد الحكومة الإسرائيلية وأثبتت حقها في الدير، ولكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ترفض التنفيذ حتى الآن.