تمر الجمعة تلو الجمعة وفي كل يوم جمعة ساعة إجابة، لكن لماذا لا يستجيب الله لدعاء المسلمين ويحرر لهم المسجد الأقصى ؟ ففي كل عام يأتي رمضان تلو رمضان وفي كل يوم من رمضان دعوة مجابة لمسلم صائم عند فطره ، وفي الصلوات اليومية لا يتوقف المسلمين عن الدعاء ويتلو الأئمة القنوات بعد صلوات التراويح ويدعون لله ويؤمن المصلون ورائهم، وبخلاف ذلك فهناك أوقات مستجابة الدعاء منها وقت السحر و هو ما قبل الفجر ، و منها الثلث الآخر من الليل ، و منها آخر ساعة من يوم الجمعة ، و منها وقت نزول المطر ، و منها بين الأذان و الإقامة، وهناك أماكن فاضلة يستجاب فيهاالدعاء منها المساجد عموما ، و المسجد الحرام خصوصا، و من الأحوال التي يستجاب فيها الدعاء : دعوة المظلوم ، و دعوة المسافر ، و دعوة الصائم ، و دعوة المضطر ، و دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب ولكن وسط كل هذا لماذا لا يستجيب الله لدعاء المسلمين ويحرر لهم المسجد الأقصى ؟
لماذا لا يستجيب الله لدعاء المسلمين ويحرر لهم المسجد الأقصى ؟ العمل قبل الدعاء
يذهب طلبة العلم إلى أن دعواتنا لتحرير المسجد الأقصى ، يجب أن يسبقها أعمال تسبق دعوات ما قبل التحرير .. أعمال صالحة، أعمال المحبة بين الناس، وأعمال التسامح، أعمال في العودة الى الأديان الحقيقية، لا قشورها ومظاهرها، وانما روحها، فالأديان حثتنا على حسن التعامل بين أنفسنا، حثتنا على أن لا نقاتل بعضنا بعضا، وأن نوجه قوتنا لأعدائنا الحقيقيين، لا لأنفسنا وإخوتنا، لكننا لا زلنا نقاتل بعضنا في اليمن وسوريا وليبيا والعراق وغيرها .. الأديان الحقيقية علمتنا أن لا نسرق، لكننا نسرق ، نسرق أموال غيرنا، ونعتبرها" شطارة وفهلوة ... الدين حثنا على أن نصلح ما بأنفسنا، لكننا نفسدها بملذات الحياة! فقبل أن ندعو الله الى مساعدتنا في تحرير القدس.. علينا أن ندعو الله أن يساعدنا على اصلاح أنفسنا!
لماذا لا يستجيب الله لدعاء المسلمين تفسير ابن القيم الجوزية
قال الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى في صفحة 35 من مصنفه الداء والدواء : ( والأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح ، والسلاح بضاربه ، لا بحده فقط ، فمتى كان السلاح سلاحا تاما لا آفة به ، والساعد ساعد قوي ، والمانع مفقود ، حصلت به النكاية في العدو . ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير ).
ويقول الشيخ محمد صالح المنجد عن أسباب عدم استجابة الدعاء أن هذه الأسباب قد تتضمن أن يكون الدعاء ضعيفا في نفسه ، لما فيه من الاعتداء أو سوء الأدب مع الله عز و جل ، و الاعتداء هو سؤال الله عز وجل ما لا يجوز سؤاله كأن يدعو الإنسان أن يخلده في الدنيا أو أن يدعو بإثم أو محرم أو الدعاء على النفس بالموت و نحوه . فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ) رواه مسلم .
كما يمكن أن يكون المانع من حصول الإجابة : الوقوع في شيء من محارم الله مثل المال الحرام مأكلا و مشربا و ملبسا و مسكنا و مركبا و دخل الوظائف المحرمة ، و مثل رين المعاصي على القلوب ، و البدعة في الدين و استيلاء الغفلة على القلب .
ويعتبر أكل المال الحرام ، و هو من أكبر موانع استجابة الدعاء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، و إن الله أمر المتقين بما أمر به المرسلين فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ) و قال : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب و مطعمه حرام و مشربه حرام و غذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك !! ) رواه مسلم . فتوفر في الرجل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأمور المعينة على الإجابة من كونه مسافرا مفتقرا إلى الله عز و جل لكن حجبت الاستجابة بسبب أكله للمال الحرام ، نسأل الله السلامة و العافية .
وأيضا يعد استعجال الإجابة و الاستحسار بترك الدعاء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول دعوت فلم يستجب لي ) رواه البخاري ومسلم .