البيعة بالرغم من أنها مخالفة شرعية إلا أنها ركن أساسي من النظام العام داخل جماعة الإخوان المسلمين، والبيعة داخل النظام الأساسي في جماعة الإخوان المسلمين ليست مجرد إجراء روتيني مثل حلف يمين لعضو جديد في نقابة مهنية مثلاً، ولكن البيعة عند جماعة الإخوان التي تتم وسط أجواء ماسونية لا تخطأها العين تعتبر بمثابة القسم على الولاء للجماعة وولي أمر الجماعة وهو ما يطلق عليه المراقب العام أو المرشد العام للتنظيم العالمي للإخوان, هذا ما يثير شكوك مبررة حول حقيقة ولاء العضو كامل العضوية في تنظيم الإخوان المسلمين، أو ما يطلق عليه وصف (الأخ العامل)، حيث يكون ولاء عضو الجماعة للمرشد العام وللجماعة وليس للوطن, مما يثير الكثير من التساؤلات حول دور الجماعة القومي والوطني.
ووفقاً لما ذكره عدد كبير ممن مروا بتجربة البيعة فإن البيعة تتم مباشرة للمرشد العام للتنظيم أو شخص ينوب عنه وتكون على مصحف ومسدس، وإن كان من المفهوم أن يكون القسم على مصحف، فمن غير الواضح الدلالة الرمزية للمسدس في هذا المشهد، ويكون نص البيعة كالتالي: "أبايعك بعهد الله وميثاقه على أن أكون جندياً مخلصاً في جماعة الإخوان المسلمين، وعلى أن أسمع وأطيع في العسر واليسر والمنشط والمكره إلا في معصية الله، وعلى أثرة عليّ، وعلى ألا أنازع الأمر أهله، وعلى أن أبذل جهدي ومالي ودمي في سبيل الله ما استطعت إلى ذلك سبيلاً. والله على ما أقول وكيل، (فمَن نكث فإنما ينكُث على نفسه ومَن أوفى بما عاهد عليه اللهَ فسيؤتيه أجراً عظيماً)».
والتحليل الظاهر لمضمون البيعة التي يقسم عليها عضو تنظيم الإخوان يظهر أن التنظيم يعتمد منهج القتال والعمل المسلح منذ الدقيقة الأولى لانضمام الإخواني للتنظيم، فمشهد المبايعة على المصحف والمسدس ورد في أكثر من موضع وأثبته كثير من القيادات التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين، ومنهم مؤرخ الجماعة عبد الحليم محمود فيما نقله عن معروف الخضري، وما اعترف به محمد حامد أبو النصر المرشد الرابع لجماعة الإخوان المسلمين، من أنه استقبل حسن البنا في منفلوط بصعيد مصر متوحشا مسدسه، وهو مظهر من مظاهر الترحيب بالضيوف في الصعيد كما اعتبره ذلك أبو النصر، ثم أشار أبو النصر لمسدسه وهو يقول للبنا أن مجد الإسلام لن يعود إلا بهذا (يقصد المسدس)، وبعدها يسرد أبو النصر كيف ظهر البشر على وجه البنا فأخرج من حقيبته مصحفاً وطلب من أبو النصر مبايعته على المصحف والمسدس، وهو ما يظهر في كتاب على السلمي شموع على طريق الدعوة، الصادر عن جامعة فرجينيا، ص 37 وما بعدها)
وبخلاف المشهد المثير الذي يظهر فيه المسدس فوق المصحف الشريف خلال قسم، يعبر بشكل لا تخطئه العين عن فكرة الانتحار المستند للدين، فإن مفردات القسم التي تتضمن كلمات مثل (جندياً- دمي- المنشط والمكره)، والاستشهاد بالآية الكريمة (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه)، كل هذا يعطي انطباعاً راسخاً بأن القسم ليس لتنظيم ديني– دعوي، أو حتى لتنظيم مدني، بل هو لتنظيم عسكري- انقلابي وانتحاري في نفس الوقت.
هذا المنهج الانقلابي في نشأة جماعة الإخوان المسلمين، فضلاً عن فكرة الأممية المتصادمة مع فكرة الدولة القومية، كانت هي التربة الخصبة التي تكونت فيها ما لا يمكن وصفه إلا بـ (الأجواء الشيطانية التي تحاك فيها المؤامرات داخل تنظيم الإخوان المسلمين)، وهي أجواء لا تقتصر فقط على العلاقة بين التنظيم والدولة، بل وشكل العلاقات داخل التنظيم نفسه أفقياً ورأسياً).
والحقيقة أن كتب عديدة صدرت عن منشقون عن جماعة الإخوان المسلمين، ومن بينهم كتاب لطليقة قيادي إخواني معروف، كشفت بخلاف نذالة جميع من كتبوها، أن الجماعة التي تضفي على نفسها هالة من التقديس الكاذب، تعيش فوق مستنقع من الكذب والغش والتدليس، فجميع من قضوا في صفوف تنظيم الإخوان المسلمين سنوات طويلة، بل عقود طويلة، وشغلوا خلالها مناصب قيادية في جميع مراكز التنظيم، قاموا عند أول خيبة أمل في تولي مناصب جديدة داخل الجماعة، فكشف هؤلاء عن الطبيعة الأخلاقية لقيادات داخل الجماعة، وهم منهم بالتأكيد، بنشر ما وصفوه بفضائح تنظيم الإخوان، لدرجة أن طليقة أحد قيادات التنظيم نكاية في طليقها وفي ضرتها الحسناء، سلمت زوجها وما تعرفه من أسرار التنظيم لأجهزة الأمن، وكانت فاقدة بما فيه الكفاية للحياء والحس الإنساني، فتحولت لنجمة على صفحات الصحف تكشف في حلقات نسائية مثيرة عن أشياء وصفتها بأنها "مخازي"، ووصفه منشقون آخرون بأنها فضائح، وفي الحقيقة أنهم جميعهم فضحوا أنفسهم، وفضحوا التنظيم الذي يزعم أنه جاء ليربي المصريين والعالم على الأخلاق الحميدة!.