سمحت وزارة
الخارجية الأمريكية لسبع حكومات أجنبية على الأقل باستئجار وحدات فاخرة في برج
ترامب العالمي في نيويورك عام 2017 دون موافقة من الكونجرس وفقا لوثائق ومصادر مطلعة.
ووفقاً لتقرير
نشرته وكالة “رويترز” فإن ذلك يمثل انتهاكا محتملا للبند الخاص بالدخل والمكافآت
في الدستور الأمريكي.
والبرج المكون
من 90 طابقا في مانهاتن جزء من إمبراطورية عقارية يملكها الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، وكان محلا لدبلوماسيين ومسؤولين أجانب قبل أن يصبح مالكه رئيسا للبلاد، غير
أن بعض الخبراء القانونيين يقولون إنه يتعين الآن بعد أن دخل ترامب البيت الأبيض
أن تمر مثل هذه التعاملات على المشرعين الاتحاديين، إذ يحظر (بند المكافآت) في
الدستور على المسؤولين الأمريكيين قبول أي منح أو مدفوعات من حكومات أجنبية دون
موافقة من الكونجرس.
وقد تزيد
اتفاقات الإيجار، التي يرجع تاريخها إلى الشهور الأولى من رئاسة ترامب والتي
كشفتها رويترز، من التدقيق المتزايد في تعاملاته التجارية مع حكومات أجنبية والتي
تخضع الآن لعدد من الدعاوى القضائية.
وأكد مسؤولون
بالكونجرس، بحسب رويترز، أن طلبات الإيجار في برج ترامب الدولي لم تعرض قط على
المجلس، وقال إيلايجا كامينجز رئيس لجنة الإشراف والإصلاح بالكونجرس إن جهود لجنته
للحصول على معلومات مفصلة عن مدفوعات الحكومات الأجنبية لشركات ترامب لقيت
“عراقيل” كبيرة، مضيفاً، بحسب رويترز: “هذه المعلومات الجديدة تثير أسئلة خطيرة
حول الرئيس وحصول شركاته المحتمل على مدفوعات من حكومات أجنبية، والجمهورية
الأمريكية تستحق شفافية كاملة”.
اقرأ ايضاً.. الحرب العالمية الثالثة ستبدأ من إيران.. أمريكا تزيد من
"وطأة" العقوبات على طهران هل سترضخ أم لديها خيارات أخرى؟
ويقضي قانون
البعثات الأجنبية لعام 1982 بأن تحصل الحكومات الأجنبية على موافقة وزارة الخارجية
الأمريكية على أي مشتريات أو إيجارات أو مبيعات أو أي استخدامات للعقارات في
الولايات المتحدة.
وبموجب قانون
حرية المعلومات الأمريكي حصلت رويترز على مذكرات دبلوماسية أرسلت للوزارة بهذا
الخصوص في الفترة من أوائل 2015 إلى أواخر 2017، وتظهر السجلات أنه في غضون ثمانية
أشهر بعد تنصيب ترامب يوم 20 يناير عام 2017 أرسلت حكومات أجنبية 13 مذكرة لوزارة
الخارجية تطلب فيها السماح بتأجير أو تجديد إيجارات في برج ترامب العالمي، ويمثل
ذلك زيادة في طلبات الحكومات الأجنبية تأجير أو تجديد إيجارات في المبنى عنها في
العامين السابقين مجتمعين.
وحصلت حكومات في
العراق والكويت وماليزيا والسعودية وسلوفاكيا وتايلاند والاتحاد الأوروبي على
موافقة على استئجار ثماني وحدات في برج ترامب العالمي تبعتها إيجارات فعلية وفقا
لوثائق أخرى اطلعت عليها رويترز وأشخاص على علم بالأمر.
وأظهرت سجلات
وزارة الخارجية كذلك أن خمسا من هذه الجهات، وهي الكويت وماليزيا والسعودية
وتايلاند والاتحاد الأوروبي، سعت أيضا لاستئجار وحدات في عامي 2015 و2016، حيث قال
هارولد هونججو كوه الأستاذ بكلية الحقوق بجامعة ييل والمستشار القانوني السابق
لوزارة الخارجية الأمريكية: “في السماح بمرور هذا دون معرفة الكونجرس تغاض عن خلق
مسار ثان غير شفاف للسياسة الخارجية، ما يمكن أن يقود إليه ذلك هو أن تعمل مجموعة
من الدول على زيادة ثروات من هم في السلطة ظنا منها أن ذلك سيعزز قدراتها على
التواصل”.
حشود كبيرة تسير الى برج ترامب في نيويورك تطالبة بالكشف عن ضرائبهpic.twitter.com/QpatW2F3KH— 🇰🇼 ناصر خليفة (@Nasserkahlifa) April 15, 2017
وتقع ناطحة
السحاب الفاخرة التي بنيت قبل 18 عاما إلى جوار مقر الأمم المتحدة قرب النهر
الشرقي، وهي ليست برج ترامب الشهير في شارع فيفث أفنيو والذي يضم سكنا خاصا
لترامب.
وتشير السجلات
المالية لبرج ترامب العالمي إلى أنه تابع لشركة محدودة مملوكة لترامب تديرها مؤسسة
ترامب التي يأتي دخلها من رسوم يدفعها ملاك الوحدات، وعندما يجري تأجير وحدات
يملكها أفراد يستخدم ملاكها دخل الإيجار في سداد هذه الرسوم وفقا لما ذكره مالكو
وحدات وخبراء في أسواق العقارات أجرت رويترز مقابلات معهم، ولم توضح سجلات وزارة
الخارجية من الذي يملك الوحدات المعنية.
وأثار دخل ترامب
من تعاملات مع حكومات أجنبية في عقاراته، مثل فندق ترامب العالمي في العاصمة
واشنطن الذي افتتح حديثا، دعاوى قضائية رفعها ممثلا الادعاء الاتحادي في ماريلاند
ومنطقة كولومبيا قائلين إن هذه الدخول تنتهك بند المكافآت في الدستور، وتفيد سجلات
وزارة الخارجية التي حصلت عليها رويترز، وتغطي الفترة من يناير 2015 إلى سبتمبر
2017، بأن برج ترامب العالمي كان المبنى الوحيد التابع لترامب في الولايات المتحدة
الذي سعت حكومات أجنبية لاستئجار أو شراء وحدات فيه.
وفي 2017 بلغ
متوسط الإيجار الشهري المطلوب في وحدات البرج 8500 دولار وفقا لموقع ستريت إيزي
العقاري، أي بزيادة مرتين ونصف عن متوسط الإيجارات في حي ترتل باي المجاور، وكانت
حكومات أجنبية قد اشترت في السابق عقارات بالمبنى حيث يبلغ متوسط سعر الوحدة حاليا
نحو سبعة ملايين دولار وفقا لموقع ستريت إيزي.
وقال محمد
القاضي المتحدث باسم البعثة السعودية لدى الأمم المتحدة، إن موقع برج ترامب الدولي
المتميز بجوار مقر الأمم المتحدة كان السبب الذي دفع المملكة للتأجير فيه، مضيفاً
“الحكومات تدفع لهذه الوحدات في المبنى ليس للحصول على امتيازات من ترامب أو أي
شيء من هذا القبيل، بل لمجرد موقعه المناسب والمريح بالنسبة لنا”، لافتاً إلى أنه
انتقل لوحدته الخاصة في برج ترامب العالمي في نهاية عام 2017.
وقالت سلوفاكيا،
وهي مستأجر آخر في برج ترامب العالمي، في بيان إن إيجارها “يتماشى تماما مع
القانون الأمريكي وخطوطنا الإرشادية الداخلية”، ومن المقرر أن يجتمع رئيس وزراء
سلوفاكيا مع ترامب في البيت الأبيض يوم الثالث من مايو لبحث التعاون الأمني وقضايا
أخرى، وفي عام 2017، حقق ترامب أكثر من 15 مليون دولار من إدارة العقارات التي
تديرها مؤسسته ومن الرسوم المتعلقة بها وذلك وفقا لتقارير الإفصاح المالي الخاصة
بترامب، ولم يكشف التقرير كم من هذا المبلغ جاء من برج ترامب العالمي.