خاوية على عروشها، هكذا بدت عيادات مكافحة الانتحار داخل مستشفى العباسية التي أعلنت عنها وزارة الصحة قبل أيام، وذلك ضمن خطة الحكومة لمواجهة ظاهرة الانتحار على أرصفة محطات المترو وفي مناطق أخرى، «أهل مصر» أجرت زيارة ميدانية للعيادات الكائنة داخل مستشفى العباسية، كما أجرت اتصالًا بالخط الساخن لكنها لم تتلق إجابة.
يقول الدكتور أحمد صلاح الدين، أخصائي الطب النفسي وعلاج الإدمان، مدير وحدة الرجال المطورة بمستشفى العباسية للصحة النفسية، ونائب مدير المستشفى، إن العيادة الخارجية للمستشفى تستقبل بين 250- 300 مريض في اليوم وهي العيادات العامة فقط وليست العيادات الخاصة بالأطفال والمراهقين والإدمان، موضحًا أنه يتم تقديم الخدمة الصحية للمرضى من الساعة 8,5 صباحًا حتى 1 ظهرًا، مشيرًا إلى أن هناك 10 أطباء فقط مع هؤلاء المرضى يوميًا وهو عدد محدود وغير كاف لاستيعاب هذا القدر.
وأوضح «صلاح الدين» خلال حديثه لـ«أهل مصر» أن القيمة المالية للكشف في العيادة الخارجية يبلغ جنيهًا واحدًا مع صرف الدواء من المستشفى مجانًا بروشتة يمكن أن تصل لـ 300 جنيه بخلاف العيادة الخاصة بالعلاج على نفقة الدولة، وهي من المستشفيات القليلة في مصر التي يحدث فيها ذلك، بجانب مستشفيات الأمانة العامة للصحة النفسية الأخرى كالخانكة والمعمورة وغيرها.
يؤكد مدير وحدة الرجال المطورة بمستشفى العباسية للصحة النفسية، على أهمية إزالة وصمة العار وتغيير الفكرة الخاطئة التي تم ترسيخها في عقول الناس عن مرضى وأطباء مستشفى العباسية، خاصة أن المستشفى لم يتردد عليها الفقراء فقط ولكن بها مستويات عالية خاصة عيادة الإدمان، ولكن فكرة الوصمة ترتبط أكثر بالعيادات العامة وصورة المريض المجنون، مشيرًا إلى أن السينما والإعلام ساهموا كثيرًا في ترسيخ الفكرة إضافة إلى غياب حملات التوعية لاستهداف أكبر قدر ممكن من الشرائح المفترض الوصول لها والأكثر عُرضة للمرض النفسي.
واستطرد «صلاح الدين» أن المرض النفسي يتم علاجه بأدوية كثيرة، موضحًا أن المريض عدما تستقر حالته يتعافى ويمكن بعد 3 شهور أو سنة حدوث انتكاساتـ وبالتالي هناك متابعة مستمرة للأمر، خاصة أن الأمراض النفسية تكون مزمنة كالسكر والضغط، وهناك عوامل نفسية واجتماعية واقتصادية وعدة ضغوط تتسبب في حدوث الانتكاسة ويمكن أن يحصل مريض ما على العلاج وينتكس خاصة مرضى الاكتئاب والقلق ومرضى الانفصام والاضطراب الوجداني فضلاً عن تغيير الفصول نفسه يتسبب حدوث تقلبات مزاجية.
وأوضح أخصائي الطب النفسي وعلاج الإدمان، أن العيادات العامة ستعمل 3 أيام بالأسبوع بشكل مؤقت وستكون مرتبطة بالخط الساخن للأمانة العامة للصحة النفسية والحجز يكون من خلاله، وهي عيادات عامة للاضطرابات النفسية عمومًا، ويتم استقبال الحالات بعد الساعة الثانية ظهرًا، وهناك تدخلين بالنسبة لحالات محاولة الانتحار، أولها تدخل طارئ أي عند وجود أفكار انتحارية من خلال الخط الساخن وخدمة الاستقبال الموجودة في المستشفى حتى تختفي فكرة الانتحار، ومن ثم يبدأ تشخيص الحالة النفسية من خلال المناقشة مع المريض هل بسبب الضغوط الأسرية والاجتماعية، أو الاضطراب الوجداني، أو الاكتئاب، الأعراض الفصامية.
وأشار «صلاح الدين» إلى أن الأفكار الانتحارية والمحاولات أكثر عند السيدات عن الرجال بنسبة 3 -1 وهي نسبة عالمية وتنطبق على مصر تماماً، فمحاولات الانتحار لدى السيدات أكبر من الرجال علميًا، ولكن من يموتون فعليًا بسبب الانتحار أكثرهم الرجال بنسبة 4- 1 ، فالمنتحرين حوالي 70% منهم لديهم اكتئاب و30% آخرين لديهم اضطرابات نفسية أخرى كالاضطراب الوجداني والفصام أو خرف الشيخوخة «الجنان»، كما أن هناك مشكلة كبرى بالنسبة للمراهقين من سن 13 حتى 18 سنة، فالانتحار ثاني سبب لوفاة المراهقين بعد حوادث السيارات، بالإضافة إلى حالات الانتحار التى وجدت في الأطفال بسبب البيئة والظروف المعيشية الآن، والعيادة ستتعامل مع هذه الحالات سواء علاج دوائي أو نفسي مع كل الفئات العمرية وتحديدًا يتم التركيز مع فئة البالغين لأن عيادة المراهقين تعمل 3 أيام في الأسبوع وعيادة الأطفال 3 أيام أيضًا، كما أن هناك عيادة خاصة للمسنين أي فئة بعد الـ60 عام ويعملون فترات صباحية وبعد نجاح الفكرة واستقرار الأمور يمكن أن يتم مد فترة عمل العيادات السابقة للفترات المسائية.
وعن حالات الانتحار، أكد «صلاح الدين» أن هناك 3 حالات تم احتجازهم لفترة أسبوعين وبعد خروجهم ما زالوا يتابعون مع العيادات الخارجية، ومنهم من الصعيد والقاهرة، ففي شهري فبراير ومارس الماضي، تلقى الخط الساخن حوالي 23 مكالمة عن الانتحار وأغلبها من السيدات، فهناك 16 حالة تتضمن محاولات انتحار، وحالة واحدة هددت بالانتحار، والباقي أفكار انتحارية، وعن الفئات العمرية 3 مراهقين، و20 في سن البلوغ، كما كانت أغلب المكالمات من محافظة القاهرة، ويليها الدلتا والصعيد.
نقلا عن العدد الورقي.