32 شارع تميم الرصافي.. حكاية المنزل الذي عاشت فيه السيدة زينب بالقاهرة (فيديو وصور)

داخل منزل صغير مساحته 288 مترًا، يقع في إحدى الشوارع الجانبية المتفرعة من شارع بورسعيد بمحافظة القاهرة، عاشت عقيلة بني هاشم السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما-، عامًا كاملًا بدأ في شعبان عام 61 من الهجرة، وحتى وفاتها في 14 رجب عام 62 هجرية.

اقرأ أيضًا.. أشهر مفسر أحلام فى التاريخ.. "ابن سيرين" وريث نبى الله يوسف

الوصول إلى المنزل الذي عاشت فيه السيدة زينب -رضي الله عنها-، أمر ليس بالسهل؛ فكثير من المصريين يظنون خطئًا أن عقيلة بني هاشم استقر بها المقام حين قدمت إلى مصر في قصر الوالي -حينذاك- والذي تحول بعد وفاتها ودفنها فيه إلى مسجد حمل اسمها.

حارة تميم الرصافي

يقع منزل السيدة زينب، على بعد أمتار قليلة من مسجدها الشهير بالقاهرة، وبالتحديد في 32 حارة السيدة زينب، المتفرعة من شارع تميم الرصافي التابع لشارع بورسعيد، وظل المنزل لمدة 813 عامًا على حالته التي تركته عليها عقيلة بني هاشم عند وفاتها، يتوافد المصريين على زيارته طلبًا للبركة، وفي عام 875 هجرية قرر الأهالي تحويل المنزل إلى مسجد أطلق عليه في «مسجد السيدة زينب القديم»، للتفرقة بينه وبين مسجدها الذي دفنت فيه.

اقرأ أيضًا.. خلوة السيدة نفيسة في المقطم.. سر المكان الذي لا يرد فيه الدعاء

بمرور السنوات، أصبح المنزل الذي عاشت فيه السيدة زينب، والذي تحول إلى مسجد كما أشرنا من قبل، إلى مبنى أثري تابع لوزارة الآثار وحمل رقم (227)، بمساحة تبلغ 277 مترًا، طولها 17.50 مترًا، وعرضها 16.50 مترًا.

المصريون والسيدة زينب

تذكر المراجع التاريخية، أن السبب الذي دعا السيدة زينب للقدوم إلى مصر، هو أنها بعد انتهاء أحداث معركة كربلاء في العاشر من محرم عام 61 هجرية والتي استشهد فيها شقيقها الإمام الحسين وجمهرة من آل البيت، عادت إلى المدينة المنورة والتف حولها الناس من الصحابة والتابعين؛ فخاف «عمرو بن سعيد»، والي المدينة حينذاك، أن يفقد السيطرة على المدينة، وأراد أن يتدارك الأمور قبل أن تخرج من يده، فأرسل إلى يزيد بن معاوية يخبره بأمر السيدة زينب.

وفي هذا السياق يذكر ابن الأثير في كتابه «الكامل»، وأبي فرج الأصفهاني في كتابه «مقاتل الطالبيين»، أن عمرو بن سعيد «أراد أن يتدارك الأمور قبل أن تخرج من يده، فأرسل إلى يزيد بن معاوية، يخبره بأمر السيدة زينب رضي الله عنها، ويقول له: إن وجودها بين أهل المدينة مهيج للخواطر، وإنها فصيحة عاقلة لبيبة، وقد عزمت هي ومن معها على القيام للأخذ بثأر الحسين، فجاء أمر يزيد: أن أخرج زينب من المدينة، وفرق البقية الباقية من آلها في الأقطار والأمصار».

اقرأ أيضًا.. رحلة ابن عطاء الله السكندري من إنكار التصوف إلى "قطبية العارفين"

رفضت السيدة زينب، في أول الأمر الخروج من المدينة المنورة، وقالت: «ءأخرج من بلد أبي وأمي وجدي»، فقال لها عبد الله بن عباس: «يا ابنة بنت رسول الله، اذهبي إلى مصر؛ فإن فيها قومًا يحبونكم لله، ولقرابتكم لرسول الله، وإن لم تجدي أرضًا تسكنيها هناك، فستجدين قلوب أهلها وطنًا».

المجئ إلى مصر

وبالفعل اختارت السيدة زينب -رضى الله عنها- الخروج إلى مصر، وحين سألها عمرو بن سعيد، والي المدينة: لماذا اخترت مصر؟ فأجابته قائلةً: «لأكون وأنا في برزخي بعد سنين ستمضي، في شرف استقبال رأس أخي الحسين الذي سودتم تاريخكم بدمه الطاهر البريء»، وذلك وفقًا لما ذكره ابن الأثير في كتابه «الكامل».

وصلت السيدة زينب إلى مصر في شعبان عام 61 هجرية، وكان يومًا مشهودًا من أيام التاريخ؛ إذ خرج المصريين عن بكرة أبيهم لاستقبالها على مشارف مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية، وكان على رأسهم والي مصر آنذاك مسلمة بن مخلد الأنصاري، والجميع يبكي ويعزي عقيلة بني هاشم في استشهاد آل بيتها بكربلاء.

اقرأ أيضًا.. "زاهد المصريين".. وكيع بن الجراح: بحر العلم وشيخ المحدثين

بمجرد وصول عقيلة بني هاشم، إلى القاهرة أهداها مسلمة بن مخلد الأنصاري، والي مصر، المنزل الذي عاشت فيه حتى وفاتها، والكائن بشارع تميم الرصافي المتفرع من شارع بورسعيد كما أشرنا من قبل.

رئيسة الديوان

عُرف عن السيدة زينب تحليها بالعلم والتقوى، والشجاعة والإقدام، والبلاغة وقوة البرهان، واشتهرت بألقاب كثيرة منها: «أم هاشم» وكنيت بهذا اللقب لأنها حملت لواء راية الهاشميين بعد استشهاد أخيها الإمام الحسين في معركة كربلاء، و«صاحبة الشورى» وحظيت بهذه الكنية لأن أبيها الإمام علي -كرم الله وجهه- وشقيقيها الإمامين الحسن والحسين -رضي الله عنهما- كانوا يرجعون إليها ويستشيرونها في كل أمورهم وينزلون على رأيها، و«عقيلة بنى هاشم» ولم توصف سيدة أخرى من آل البيت بهذا اللقب إلا السيدة زينب، و«الطاهرة» وهو لقب أطلقه عليها شقيقها الإمام الحسن؛ إذ قال لها: «أنعم بك يا طاهرة حقًا إنك من شجرة النبوة المباركة ومن معدن الرسالة الكريمة»، وذلك بعدما سمعها تشرح حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الحلال بين والحرام بين».

ويأتي لقب «رئيسة الديوان»، كواحد من أشهر الألقاب التي عُرفت بها السيدة زينب -رضى الله عنها-، والسبب وراء إطلاق هذا اللقب عليها هو أن والي مصر مسلمة بن مخلد الأنصاري، أعد لها مجلسًا خاصًا -هو المكان الذي دفنت فيه بعد وفاتها وصار مسجدا- في مقر الحكم، واستئذنها أن تأتي كل صباح لتقضي بين الناس، إذ كان يرفض أن يقضي وحين سأل عن ذلك قال مقولته الشهيرة: «كيف لمثلي أن يقضي بين الناس، وعقيلة بني هاشم بيننا».

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً