يستعد الأوروبيون للإدلاء بأصواتهم في انتخابات البرلمان الأوروبي التي ستبدأ في الـ 23 من شهر مايو الجاري، وتشهد منافسة شديدة بين الأحزاب القومية والمشككة بالاتحاد الأوروبي، والأحزاب الوسطية الداعمة للكيان الأوروبي.
انتخابات البرلمان الأوروبي
وتأتي انتخابات البرلمان الأوروبي، في وقت تواجه فيه أوروبا أزمات حادة، أبرزها تعثر خروج بريطانيا من الكيان، إلى جانب أزمات الهجرة واللاجئين، وتصاعد الخطاب المتطرف، فضلا عن الاختلافات بين الدول الأعضاء حول الدور المنوط بالاتحاد الأوروبي.
الأغلبية البرلمانية
7 تيارات بارزة تتسابق للفوز بالأغلبية البرلمانية، ليحصل الفائز بأغلبية الأصوات على الحق في الترشح لمنصب رئيس المفوضية الأوروبية —المنصب الأهم- والذي يشغله حاليا جان كلود يونكر.
أبرز الأحزاب المنافسة في الانتخابات الأوروبية هو حزب الشعب الأوروبي، الذي يقوده في الانتخابات الألماني مانفريد ويبر. الحزب ممثل عن جناح اليمين الوسط، وخاض ويبر حملة ترشحه تحت شعار "يجب إعادة أوروبا إلى الشعب"، ويرى مراقبون أنه المرشح الأوفر حظا للفوز بالمنصب.
وعُرف ويبر بموقفه المتحفظ من الهجرة، وطالب مرارا بتشديد الرقابة على الحدود، لكنه يعارض خطاب الشعبويين المناهض للهجرة. كما عٌرف بموقفه المناهض لحصول تركيا على عضوية الاتحاد الأوروبي، وانتقد في مناسبات عديدة اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية.
تحالف الاشتراكيين الأوروبيين
التحالف الثاني المنافس هو تحالف الاشتراكيين الأوروبيين، ويقوده في هذه الانتخابات وزير الخارجية الهولندي السابق فرانس تيمرمانز، ويمثل الحزب تيار يسار الوسط.
واشتهر تميرمانز بدفاعه عن مبادئ أوروبية مثل العدل والمساواة وحقوق المرأة، والتوصل لحلول الأزمات من خلال التعاون، وفيما يخص أزمة المهاجرين، دعا تيمرمانز إلى أن يتبنى الاتحاد الأوروبي سياسة مختلفة وعادلة تجاه اللاجئين والمهاجرين، تعتمد على مشاركة المسؤولية والتضامن بين الدول الأعضاء.
تحالف حزب الخضر
التحالف الثالث هو تحالف حزب الخضر، والذي يمثله في هذه الانتخابات الألمانية سكا كلير، والهولندي باس إيكهوت، وتخوض كلير هذه الانتخابات للمرة الثانية، إذ ترشحت عن التحالف ذاته في الانتخابات الأوروبية التي أجريت عام 2014.
الانتخابات الأوروبية
وتنتقد كلير تزييف تمثيل الأوروبيين في البرلمان الأوروبي، حيث ترى أن أغلب البرلمان يتكون من رجال خمسينيين، أو أكبر وهو ما لا يعكس المجتمع الأوروبي، وتدعو إلى تمثيل أكبر للشباب في البرلمان الأوروبي، بما يعكس احتياجاتهم وآرائهم وعملهم.
كما تدعو إلى الشفافية وضمان حماية الناس في كل مكان، وضمان أن لا تعاني شعوب العالم من جراء سياسات الاتحاد الأوروبي التجارية، إلى جانب ذلك، تتبنى كلير موقفا مرحبا بالمهاجرين، وتطالب بضمان إمكانية أن يعيشوا في أوروبا بشكل قانوني.
التحالف الرابع المنافس هو تحالف المحافظيين والإصلاحيين والذي يقوده السياسي التشيكي جان زهراديل، ويدعو زهراديل إلى إصلاحات في هيكل الاتحاد الأوروبي بما يقلل من مركزيته، ويمنح المزيدمن الصلاحيات للدول الأعضاء، كما يدعو إلى تبنى سياسات نقدية متعددة.
أما خامس التحالفات المتنافسة، فهو تحالف الليبراليين والديمقراطيين من أجل أوروبا، الممثل لتيار الوسط، ويقوده غي فيرهوفشتات ويضم حزب الجمهورية إلى الأمام الفرنسي الذي ينتمى له الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وفي مارس الماضي، أعلن التحالف أنه سيقدم 7 مرشحين للمنصب الأوروبي الأعلى، أبرزهم البلجيكي غي فيرهوفشتات، والدنماركية مارغريت فيستجر، ويدعو فيرهوفشتات إلى الحفاظ على القيم الأوروبية مثل المساواة والديمقراطية في مواجهة الشعبوية التي يرى أنها تهدد المبادئ الأوروبية الأساسية، كما يدعو فيرهوفشتات إلى مواجهة كل أشكال العنصرية وبناء أوروبا أكثر ليبرالية.
سادس المنافسين هو تحالف حزب اليسار الأوروبي المتحد، واليسار الأخضر الشمالي، والذي يرشح لمنصب رئيس المفوضية السلوفينية فيوليتا توميتش، والأسباني نيكو كيو.
وتدعو فيوليتا إلى أن تتبنى أوروبا سياسيات مناهضة للرأسمالية، كما تطالب بأوروبا خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل.
التحالف السابع الذي ينافس على المنصب هو تحالف أوروبا الحرة، والذي يقوده السياسي الأسباني أوريل جونكيرس يخوض الانتخابات من السجن، حيث ينتظر محاكمته على اتهامات بالتمرد وإثارة الفتنية، على خلفية المشاركة في تنظيم استفتاء لاستقلال إقليم كتالونيا عن أسبانيا، في عام 2017.
صعود الأحزاب القومية
أدت عدة أحداث دولية منها تزايد الهجرة وانخفاض النمو الاقتصادي في عدد كبير من الدول الأوروبية إلى تزايد الخطاب المعادي للاتحاد الأوروبي وارتفاع الخطاب الشعبوي.
وتحوز أهم 3 ائتلافات مشككة بالاتحاد الأوروبي على نحو 156 مقعدا في البرلمان الحالي، وتشير الاستطلاعات إلى احتمالية ارتفاع حصتهم من المقاعد إلى أكثر من 180 مقعدا.
وأبرز التيارات المشككة بالاتحاد في أوروبا هي حزب البريكست البريطاني وحزب الحرية النمساوي وحزب الحرية الهولندي وحزب الجبهة الوطنية الفرنسي وحزب الرابطة الإيطالي.
بريطانيا والانتخابات الأوروبية
ووفقا للقانون، فإن بريطانيا ملزمة بإجراء الانتخابات الأوروبية على أراضيها، مادامت لم تخرج من الاتحاد الأوروبي وتبلغ حصة بريطانيا من مقاعد البرلمان الأوروبي 73 مقعدا، من المقرر أن يعاد توزيعها بعد خروجها من الكيان.
وأظهرت استطلاعات الرأي التي جرت في بريطانيا تراجع الحزبيين الرئيسيين (المحافظين والعمال) أمام حزب بريكست الجديد بزعامة نايجل فراج.
ويرى مراقبون أن هذه الانتخابات في بريطانيا تعد مؤشرا على حجم القوى التي لا تزال تؤيد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والقوى التي تريد بقائها.
وتعثرت مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عقب رفض مجلس العموم البريطاني ثلاثة مرات للخطة التي اتفقت عليها رئيس الوزراء وزعيمة حزب المحافظين تريزا ماي مع قادة الاتحاد للخروج، ما استدعى أن تطلب بريطانيا تأجيل خروجها، وهو ما وافقت عليه بروكسل، وأمهلت بريطانيا حتى 31 أكتوبر، وتصاعد الخلاف بين الحزبيين الرئيسيين في المملكة، واللذين يشهدان تراجعا لصالح حزب البريكست- بعد إعلان رئيس حزب العمال جيرمي كوربن الجمعة الماضية وقف المحادثات مع ما بشأن "البريكست"، مؤكدا أن حزبه سيرفض اتفاق ماي عند طرحه في البرلمان الشهر المقبل.
ما دور البرلمان الأوروبي وكيف يجرى انتخابه
تجرى الانتخابات الأوروبية في هذا العام في الفترة من 23 إلى 26 مايو الجاري، وسيختار ناخبون من 28 دولة مشاركة في الاتحاد خلال هذه الفترة 751 نائبا، يمثلونهم في البرلمان الأوروبي، الجهة الوحيدة في الاتحاد التي تتشكل عبر الانتخاب الشعبي المباشر.
ومن المقرر أن ينخفض عدد مقاعد البرلمان إلى نحو 705 مقاعد عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتنظم انتخابات البرلمان الأوروبي كل خمسة سنوات، ويقع مقره الرئيسي في مدينة ستراسبورغ شرق فرنسا.
ويعتبر البرلمان الأوروبي الذي أسس لأول مرة عام 1979 المشارك الأساسي في سن والمصادقة على قوانين الاتحاد الأوروبي، وممارسة السلطة التشريعية، كما يلعب دور الرقابة الديمقراطية في مواجهة مختلف مؤسسات الاتحاد الأوروبي، ويمارس الإشراف السياسي أيضا على جميع مؤسسات التكتل. والإشراف على أعمال المجلس الأوروبي، والمصادقة على ترشيح المفوضين ويمتلك حق سحب الثقة من مجلس الاتحاد.
كما يشترك البرلمان مع المجلس الأوروبي في وضع الموازنة، ويمكنه أن يقوم بتغييرات تطال الانفاق العام للاتحاد، ويتمتع بالحق النهائي للمصداقة على الميزانية.
وينقسم النواب الأوروبيون داخل البرلمان إلى كتل برلمانية متباينة سياسيا أو أيدولوجيا، فهناك مجموعات تمثل اليمين الوسط، والاشتراكيين والخضر، وغيرها من القوى الفاعلة في بلدان الإتحاد الأوروبي، ويحق لأكبر كتلة سياسية تحصل على أعلى نسبة من الأصوات في العملية الانتخابية القادمة، اختيار الشخص الذي سيتبوأ منصب رئاسة المفوضية الأوروبية.
ويتحدد عدد تمثيل كل دولة في البرلمان وفقا لعدد سكانها، وتحظى ألمانيا بالعدد الأكبر من النواب، إذا تملك 96 مقعدا، تليها فرنسا بـ74 مقعدا، ثم إيطاليا وبريطانيا لكل منهما 73 مقعدا.
اقرأ أيضا..الفلبين تنفي أنباء إصابة الرئيس رودريغو دوتيرتي بأزمة قلبية
وتجرى الانتخابات إما على مستوى إقليمي أو وطني، ففي دول مثل بريطانيا وإيطاليا وبلجيكي تجرى الانتخابات على مستوى إقليمي، أما دول مثل فنلندا وفرنسا وإسبانيا والدنمارك والنمسا ولوكسمبورغ فتجري الانتخابات فيها على مستوى وطني، وتجرى الانتخابات في بعض الدول بطريقة تجمع ما بين الطريقتين كما في ألمانيا.