المكسيك هي جمهورية دستورية فيدرالية تقع في قارة أمريكا الشمالية، يحدها من الشمال الولايات المتحدة ومن الجنوب والغرب المحيط الهادئ ومن الجنوب الشرقي كل من جواتيمالا وبليز والبحر الكاريبي، ومن الشرق خليج المكسيك، تفوق مساحتها تقريبًا المليوني كيلومتر مربع، وتعد خامس أكبر بلد في الأمريكتين من حيث المساحة الكلية والثالثة عشر من بين الدول المستقلة في العالم، يقدر عدد سكانها بأكثر من 112 مليون نسمة مما يجعلها الحادية عشرة من حيث السكان عالميًا والأكثر اكتظاظًا بالسكان في البلدان الناطقة بالإسبانية، والمكسيك عبارة عن اتحاد يضم 31 ولاية ومقاطعة فدرالية وحيدة هي المدينة العاصمة.
غياب روح رمضان
يعتبر المسلمون أقلية في المكسيك، ولم يعلم أحد شيئاً عن وجودهم هناك إلا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، ويشعر كثير من أعضاء المجتمع الإسلامي في المكسيك بالحنين إلى بلادهم ودفء عائلاتهم والأجواء الدينية والتقاليد الشعبية التي تميز الشهر المعظم، نظراً لغياب كل ذلك في الدولة التي يعيشون فيها الآن، فعلى عكس المجتمعات الإسلامية في دول أخرى توفر أجواء خاصة للمسلمين الصائمين، وتتبنى عاداتهم خلال شهر رمضان، نجد أن أيام رمضان في المكسيك لا تختلف كثيراً عن الأيام العادية بالنسبة للمسلمين.
اقرأ أيضاً: رمضان في اليابان.. هنا تتلاشى موائد الرحمن.. ولحم الحوت وجبة إفطار أساسية
خلق أجواء روحانية
ولهذا السبب يعتمد المجتمع العربي المسلم الذي يتركز في العاصمة المكسيكية "مكسيكو سيتي"، على خلق أجواء روحانية عائلية تذكرهم باللحظات المحفورة في ذاكرتهم حول شهر رمضان وخصوصاً الوجبات المشهورة فيه.
ليلة الرؤية
وفي العاصمة المكسيكية يعلن "المركز التعليمي للمسلمين" بدء شهر رمضان المبارك حيث يقوم مجموعة من المسلمين المكسيكيين بتحري الهلال في العاصمة كما يعتمد المسلمون في المكسيك على إعلان مجلس فقهاء أمريكا الشمالية والجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية للرؤية ويتم التوفيق بين رؤيتهم وما يتوصل إليه مجلس الفقهاء.
ويبدأ صيام مسلمي المكسيك في حدود الساعة الخامسة والنصف فجراً، وينتهي في حوالى الساعة السادسة مساء، وبالرغم من طول ساعات العمل في المكسيك والتي تمتد عادة بين التاسعة صباحاً والخامسة عصراً، إلا أن معظم الصائمين لا يشكون إرهاق الصيام نظراً للجو معتدل البرودة في العاصمة المكسيكية خلال هذا التوقيت من العام.
ترسيخ ثقافة التضامن
يعيش المسلمون في العاصمة المكسيكية بين 21 مليون مكسيكي، وبالرغم من ذلك يحاولون بشتى الطرق المتاحة توطيد العلاقات فيما بينهم وترسيخ ثقافة التضامن والمساعدة والمشاركة، ومن ثم يقومون بتنظيم إفطار جماعي يومياً على أرضيات مسجد "بولانكو".
المسجد الصغير
حيث يقصد أفراد الجالية، القادمين من مختلف أحياء العاصمة، قبيل موعد الغروب، المسجد الصغير لتقاسم وجبة الإفطار، وأداء صلاتي العشاء والتراويح، التي تشهد حضوراً طيباً من الأقلية المسلمة المقيمة في العاصمة المكسيكية.
اختلاط اللغات واللهجات
وأثناء تناول وجبة الإفطار، يمتلئ المسجد عن آخره، وتختلط كل اللغات واللهجات من باكستان والهند، كما يمكن سماع العديد من اللهجات العربية المختلفة، بالإضافة إلى اللغة الإسبانية، التي تمكن هذا المجتمع الصغير من التواصل بسهولة أكبر.
تنوع الأطباق من تنوع الثقافات
ويتوالى تقديم وجبات الطعام المختلفة، حيث يسعى أفراد الجالية بمختلف جنسياتهم، إلى إبراز غنى وتنوع أطباق وتقاليد بلدانهم خلال هذا الشهر الكريم، ويرافق عادة الإفطار تفسيرات حول المكونات والبهارات الضرورية لإعداد الأطباق المقدمة كل يوم، ويأتي بعض المسلمين مصحوبين بزوجاتهم وأبنائهم، الذين يرافقونهم أثناء صلاة التراويح.
أشهر أكلات المسلمين
اللحم الحلال والدجاج الحلال أساس الطعام الإسلامي، وأهم ما يميز المطبخ المكسيكي هو استحضار أغلب أنواع الخضراوات الطازجة وشرائح التورتيلا، هذا بالإضافة إلى بعض البقوليات مثل الفاصوليا الحمراء وقائمة من أشهر أكلات المطبخ المكسيكي، وهي سلطة الفاصوليا مع الديك الرومي، ودجاج الفاهيتا المكسيكي.
دروس تعليمية
ويقوم المركز الثقافي للمجتمع الإسلامي في "مكسيكو سيتي" بتنظيم حفلات الإفطار تلك، بالتعاون مع سفارات دول إسلامية، وعلاوة على صلاة التراويح التي تجمع المسلمين في مكسيكو سيتي، يقوم المركز الثقافي الإسلامي بتقديم برنامج متنوع يشمل دروساً تعليمية وعبادات على مدار الشهر الكريم، فتُقام دروس القرآن الكريم قبل صلاة المغرب بينما يخصص الوقت بين الإفطار وصلاة العشاء لدرس السيرة النبوية الذي يلقى إقبالاً طيباً من المسلمين المكسيكيين والوافدين.
النادي المصري
وقد بدأ أول تجمع للمسلمين لأداء صلاة الجمعة في المكسيك في النادي المصري التابع للسفارة المصرية، وقد قدمته للمسلمين كقاعة لإقامة الصلاة، وفي كل جمعة يجتمع عدد قليل من المسلمين لأداء الصلاة، ويلقي أحدهم درسا دينيا باللغة الأسبانية.
صعوبات حضور الأنشطة الإسلامية
ويواجه عدد كبير من مسلمي المكسيك صعوبات في حضور الأنشطة التي يقيمها المركز الثقافي الإسلامي، نظراً لأنهم يعيشون في أماكن بعيدة على أطراف العاصمة المعروفة بأنها من أكبر مدن العالم من حيث عدد السكان والاتساع؛ حيث يتطلب وصول بعض المسلمين إلى مقر المركز نحو الساعة أو الساعتين، وذلك في دولة تعرف بدولة "الجريمة في العالم"، حيث توجد العصابات الخاصة بالتهريب بين المكسيك وأمريكا الجارة الكبرى الشمالية.
50 مسلم في الإفطار الجماعي
ويتراوح عدد الذين يحضرون الإفطار الجماعي وصلاة التراويح بين 20 إلى 50 مسلماً يومياً، ما يعكس صغر الأقلية المسلمة المقيمة هناك.
أصول الأقلية
ومعظم المسلمين في المكسيك، يأتون من أصول باكستانية ومغربية وسورية ولبنانية وفلسطينية ومصرية، ولكن الأغلبية من الباكستانيين، الذين يتم التعرف عليهم بسرعة من خلال لباسهم المميز المكون من القميص الطويل والسروال الفضفاض، كما يمكن التعرف على المغاربة من خلال الجلباب المغربي والطربوش الأحمر أو "الدراعية" التي يجلبونها معهم من المغرب، ويفضل المجتمع المغربي المسلم في المكسيك، على سبيل المثال، تناول حلوى "الشباكية" و"السفوف المغربية" في شهر رمضان.
وتشير أحدث الإحصائيات عام 2015 إلى أن عدد المسلمين هناك 110 آلاف، يتركزون في العاصمة الفيدرالية، وفي ولاية مكسيكو، وفي خاليسكو، وتشير التقديرات إلى أن أعداد المسلمين في تزايد مستمر مما ينبئ بمستقبل مشرق للإسلام والمسلمين في هذا البلد الذي اشتهر بانتشار الجريمة.