بعد الخروج الأمريكي من الاتفاق النووي المبرم بين إيران والدول الست الكبرى، وإعادة فرض العقوبات الأمريكية على الجمهورية الإيرانية، فضلاً عن فرض عقوبات جديدة أيضاً، لم تجد طهران سوى اللجوء إلى سلاح التهديدات والدعايات المزيفة الباطلة لمواجهة الضغوط الأمريكية والانتفاضة الداخلية من جراء أزمات اقتصادية متفاقمة، وما استتبع تلك التهديدات من تحرك أمريكي إلى مياه المتوسط والخليج العربي، هذه التطورات أظهرت الأهمية القصوى لسلاح الطيران في الحرب الحديثة، لكونه أحد عناصر القوة التي تمتلكها أي دولة، لكن اتضح أن هذه القوة تمثل نقطة الضعف لدى طهران.
وبعيدا عن التصريحات بعيدة المدى والاعتماد على الصواريخ الاستعراضية في التهديد بإلحاق ضرر بالقوات الأمريكية في الخليج، فإن القوات الجوية عنصر حاسم في أي حرب حديثة، وهو ما يبدو أنه عامل غائب في معادلة القوة الإيرانية.
اقرأ أيضاً: البيت الأبيض: ترامب يرغب في تغير في سلوك إيران ولا يسعى للحرب
فقد نجحت الولايات المتحدة منذ اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979 في الحرص على حرمان طهران من القدرة على تحديث قواتها الجوية بفعل عقوبات طويلة الأمد امتدت 4 عقود.
وبحسب موقع "جلوبال فاير باور"، يمتلك سلاح الجو الإيراني 509 طائرات مختلفة المهام، من بينها 142 طائرة مقاتلة، و89 طائرة نقل، و104 طائرات تدريب، و126 طائرة مروحية، من بينها 12 مروحية هجومية.
وبحسب تقرير على موقع "ناشونال إنتريست"، فإن سلاح الجو الإيراني هو أضعف حلقات طهران العسكرية.
اقرأ أيضاً: إيران: لا تفاوض مع واشنطن في ظل انتهاكها الاتفاق النووي
وتملك إيران عددًا كبيرًا من المقاتلات، لكنها تنتمي إلى مقاتلات الجيل الثاني والثالث القديمة، بما في ذلك "إف 4 فانتوم" و"إف 14" و"إف 6" و"إف 5"، وجميعها مقاتلات أمريكية الصنع حصلت عليها طهران في زمن الشاه قبل أن تتحول من خانة الحلفاء إلى خانة أعداء واشنطن.
وتعتمد القوات الجوية الإيرانية بشكل أساسي حاليا على 12 طائرة سوخوي من طراز "سو 24 إم كي"، و18 طائرة من طراز "ميج 29" روسية الصنع، حصلت إيران عليها في منتصف التسعينيات.
اقرأ أيضاً: إيران: لن نخوض حربا مباشرة مع أمريكا
ماذا يمكن أن يحدث؟
ورغم فعالية المقاتلات الروسية الحديثة نسبيًا في عمليات خاطفة مثل الهجوم على أهداف محدودة مثل حاملة الطائرات الأمريكية "أبراهام لينكولن" ومجموعتها الضاربة في مياه الخليج، لكن أنظمة باتريوت للدفاع الجوي لن تسمح لهذه الطائرات للقيام بعمل خاطف.
وقد أثيرت تكهنات بسعي إيران للحصول على مقاتلات "سوخوي" من طراز "سو 30"، لتحديث القوات الجوية، لكن مشكلات جيوسياسية خطيرة تعترض توقيع مثل هكذا صفقة مع روسيا في المستقبل القريب.
ويفتقر سلاح الجو الإيراني ببساطة إلى عدد الطائرات اللازمة لتأمين المجال الجوي الإيراني الواسع ضد أي هجوم أمريكي شامل، وهو ما يعني أن ذراع إيران القصيرة لن يسمح لها بتحدي أسطولا واسعا ومتنوعا من المقاتلات الأحدث في العالم التي قد تجول في سماء إيران دون تحديا جويا يذكر.
وفي مواجهة هذا العجز الجوي، اعتاد النظام الإيراني على إطلاق دعايات بشأن نجاحه في صنع مقاتلات "محلية"، منها ما يملك إمكانية التخفي عن الرادارات، لكن ذلك لم يكن أكثر من حيلة للاستهلاك المحلي الداخلي فقط.
وكانت الطائرة "كوثر" هي النموذج الذي أطلق عليه "الفضيحة" عندما اكتشف الخبراء أنها طائرة أمريكية من طراز "إف 5" تعود إلى عصر الشاه، لكن جرى إدخال تعديلات طفيفة عليها.
أما الفضيحة الأخرى، فتتعلق بالمقاتلة "قاهر إف 313"، التي ظهرت في معرض إيراني جوي بأجنحة قصيرة تخالف قوانين الفيزياء، ولم تجر تجربة الطائرة أبدا، وقد نشرت وسائل إعلام رسمية صورة مفبركة للطائرة على خلفية سماوية وكأنها تطير، قبل أن يكتشف الخبراء هذه الحيلة.
ومع ذلك، فإن صواريخ "إس 300" الروسية التي حصلت عليها إيران في الآونة الأخيرة، قد تشكل تحديا حقيقيا للمقاتلات الأمريكية في حال شن عمليات جوية على أهداف في إيران.
وتستطيع بطارية صواريخ واحدة من طراز S-300PMU-2 رصد وتتبع 6 طائرات في وقت واحد، في مدى يصل إلى 150 كيلومترا، وهو ما يمكن وصفه بالقدرة على "رفع تكاليف النصر الأمريكي"، لكنه لن يوقف الحملة الجوية بأي حال.
وبالنظر إلى قدرات مقاتلات "إف 35" الأحدث في العالم و"إف 22 رابتور" التي تعد واحدة من أسرار القوة الجوية الأمريكية، بالإضافة إلى قاذفات "بي 52" بعيدة المدى والأسطول المزدحم من المقاتلات "إف 18"، فإنه يمكن استهداف وتدمير حتى مراكز الدفاع الجوي الإيرانية من خارج المجال الجوي وعلى مسافة بعيدة لا تصل لها صواريخ "إس 300".
ويفسر ذلك لجوء إيران إلى تطوير صواريخ باليستية متوسطة وبعيدة المدى، في إطار استراتيجية عسكرية تقوم على محاولة "إلحاق الأذى" لمرة واحدة بالأهداف الحيوية في الدول المجاورة أو القواعد الأمريكية، لكن بعد الضربة الأولى، فإن إيران ذات الذراع القصيرة عليها مواجهة تداعيات الرد الشامل.