رمضان في إسبانيا.. محاولات لهز ثقة الصائم في دينه.. واستحضار أمجاد الأندلس

إسبانيا؛ دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تقع في جنوب غرب أوروبا في شبه الجزيرة الأيبيرية، يحد برها الرئيسي من الجنوب والشرق البحر الأبيض المتوسط باستثناء الحدود البرية الصغيرة مع إقليم ما وراء البحار البريطاني جبل طارق، يحدها من الشمال فرنسا وأندورا وخليج بسكاي، وإلى الشمال الغربي والغرب المحيط الأطلسي والبرتغال.

بوابة الإسلام في أوروبا

إسبانيا هي بوابة الإسلام في أوروبا، لأنها من أكبر البلاد التي تضم مهاجرين مسلمين، حيث يعيش في العاصمة مدريد فقط 150 ألف مسلم، علاوة على ذلك أن قرطبة عاصمة المسلمين في أوروبا، فضلاً عن تزايد أعداد المسلمين في إسبانيا في الآونة الأخيرة، وذلك بعد زيادة أعداد المهاجرين إليها من المغرب والجزائر؛ حيث وصل عدد المسلمين بها حوالي 2 مليون مسلم منهم 43% يحملون الجنسية الإسبانية، لذلك ليس من الغريب أن تعطي الحكومة الإسبانية بعض الامتيازات للعاملين منهم.

اتفاقية تعاون

في عام 1992، تم التوصل إلى اتفاقية تعاون بين الدولة الإسبانية والمفوضية الإسلامية الإسبانية، وتم التصديق عليها باعتبارها قانوناً في نفس العام، وبموجب هذه الاتفاقية يحق لأعضاء المجتمعات الإسلامية التابعة للمفوضية الإسلامية الإسبانية أخذ استراحة عمل من الساعة 1 ظهراً وحتى 4.20 عصراً، أيام الجمعة لأداء فريضة صلاة الجمعة، فضلاً عن إمكانية مغادرتهم العمل قبل ساعة من غروب الشمس خلال شهر رمضان.

يبلغ عدد المساجد في إسبانيا حوالي 300 مسجدًا ومصلى منها 3 في العاصمة مدريد، وهي من أكبر المساجد حجماً ونشاطاً دينياً وثقافياً واجتماعياً.

استحضار أمجاد الأجداد 

ويحرص مسلمو إسبانيا في شهر رمضان على التواجد في المركز الثقافي الإسلامي في مدريد والمساجد المنتشرة عبر المناطق الإسلامية لأداء الصلوات خصوصاً التراويح والمشاركة في الأنشطة الدينية، حيث يعتبر رمضان عاملاً مهماً لإعادة وحدة المجتمع الإسباني، ويجتمعون بعد صلاة العشاء لتلاوة القرآن الكريم، ليذكّر الشهر الكريم المسلمين الإسبان بأمجاد وذكريات الأجداد في الأندلس.

الأندلس المفقود

حيث تهفو قلوب المسلمين كلما ذكرت إسبانيا ليستعيدوا الماضي الغائب للأندلس المفقود؛ الذي كان منارة للإسلام منذ عدة قرون إلى أن سقطت غرناطة آخر معقل للمسلمين هناك بعد عدة حملات عسكرية خلال عهدِ الملوكِ الكاثوليكيين إيزابيلا الأولى ملكة قشتالة وفرديناند الثاني ملك أراجون، في عام 1492.

500 وجبة إفطار يوميًا

على جانب آخر، يقوم المركز الثقافي الإسلامي، وبصفة دائمة، بإعداد 500 وجبة إفطار يومياً، كما ينظم دروساً في اللغة العربية ومناقشات لآيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة وعلوم الشريعة وتصحيح التلاوة، خلال الشهر الكريم. 

محاضرات عن الفن الإسلامي

وتشجع العديد من المؤسسات والمراكز الإسبانية على الاحتفال بشهر رمضان وعلى رأسها "المركز الإسباني المغربي"، ومن مظاهر هذه الاحتفالات وجود محاضرات عن الفن الإسلامي والعادات والتقاليد الإسلامية والصيام.

"الدار العربية" والليالي الرمضانية

على الرغم من أن المسلمين يحتفلون برمضان في توقيت واحد تقريبًا بأداء نفس الفروض، إلا أن مظاهر الاحتفال نفسها تختلف من بلد إلى آخر، حيث تنظم "الدار العربية" في إسبانيا منذ عام 2011 الليالي الرمضانية، التي تحتفل بها العديد من المدن الإسبانية، مثل مدريد ولاس بالماس، والتي يعرض فيها جميع مظاهر الاحتفال بشهر رمضان المبارك.

مبادرة لإعداد الإفطار

وفي نشاط خيري، يقوم بعض الموظفين والتجار من المسلمين بمدينة تيراسا بالتنسيق مع اتحاد الجاليات الإسلامية بكتالونيا بمبادرة لإعداد الإفطار خلال شهر رمضان، ويتم عقد اجتماعات المنظمين للمبادرة وعرض الأفكار والبحث عن الموارد وغيرها من الأمور التنظيمية.

ويحظى الاحتفال في رمضان بأهمية خاصة في جميع المدن الإسبانية مثل مدريد وبرشلونة وكتالونيا، حيث تقطن العديد من المجتمعات الإسلامية، ويجتمع المسلمون هناك لتناول الإفطار، ويقومون بتنظيم لقاءات اجتماعية في المساجد.

إفطار جماعي مُعد في البيوت

ووفقاً لأحدث الإحصاءات يجتمع ما يزيد عن 9 آلاف مسلم في مساجد مدريد في أول أيام رمضان لتناول الإفطار التي قامت السيدات بتحضيره في منازلهن، وبعد الانتهاء من تناول الإفطار، يصبح المسجد مكاناً للاحتفال، حيث يحرص المسلمون في إسبانيا على تناول "الهريسة" والتمر كأطباق حلوى بعد الإفطار. 

إشعال الشموع 

ومن العادات الرائعة المرتبطة برمضان في إشبيلية، حرص المسلمين على استقبال ليلة القدر بإشعال الشموع.

استعادة ذكرى "الأندلس"

ويمارس المسلمون في إسبانيا عاداتهم وطقوسهم خلال شهر رمضان المبارك مستعيدين ذكرى "الأندلس"؛ حيث يحافظون على عباداتهم ويحبونها في أكثر من 300 مسجد ومصلى منها 3 فى العاصمة مدريد، وهي من أكبر المساجد من حيث الحجم وممارسة الأنشطة المختلفة.

إفطار مع ذكرى غرناطة

يلجأ مسلمو غرناطة إلى "الجامع الكبير" المقابل لـ "قصر الحمراء"، الذي يستقبلهم بعبارة "لا غالب إلا الله" وهي الشعار الرسمي لمملكة غرناطة؛ ليصحب زائريه في رحلة عبر التاريخ تهتز لها القلوب حنينًا.

حساء "الحريرة"

ومن جانبه، أوضح الأمين العام لـ"الجامع الكبير" في غرناطة، زاجارياس لوبيز راجون، حسبما نقل عنه موقع "المجلة التركية"، أنهم يفتتحون فطورهم بالتمر والحليب، ثم يتبعونها بالحساء المغربي المعروف باسم "الحريرة"، كما يؤدون صلاة التراويح جماعة، والتي يختمون القرآن الكريم بها مرتين خلال شهر رمضان المبارك.

وفي كتالونيا، يبذل المجتمع الإسلامي قصارى جهده لتوفير أماكن أكثر للصلاة خلال شهر رمضان، نظراً لقلة عدد المساجد التي تكتظ بالمسلمين في هذا الشهر على نحو خاص، حرصاً على صلاة الجماعة والالتقاء بالمسلمين الآخرين.

مهاجرون حديثون

ويتسم معظم مسلمي إسبانيا بأنهم مهاجرون حديثون جاءوا من دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا، وجاء ذلك نتيجة لطرد أو قتل جميع المسلمين في فترة سقوط الدولة الإسلامية في الأندلس؛ مما أوجد فترات في تاريخ إسبانيا لم يكن فيها وجود للمسلمين تقريبًا.

جنسيات مختلفة

وتتشكل الجنسيات لهؤلاء المسلمين من المغاربة والسوريين واللبنانيين والعراقيين بالإضافة لأعداد قليلة من البنغاليين والهنود والباكستانيين، وبعض من هؤلاء المسلمين أيضًا هم إسبان تحولوا إلى الديانة الإسلامية، ويبلغ عدد هؤلاء حوالي 20 – 50 ألف شخص.

أسئلة استفزازية

وتجدر الإشارة إلى أن تواجد أبناء المسلمين في المؤسسات التربوية الغربية بصفة عامّة، وعلاقات الصداقة بين الأولياء التي تتأسّس عبر الأطفال أو حتى الجيرة، ساهمت بدور كبير في التعريف بخصائص حياة المسلمين واحترام مقدّساتهم حتّى لمن لم يسعفه تكوينه أو اهتمامه الثقافي للتعرّف على الآخر، إلّا أنّ السؤال الحاضر دائما من أوربي لمسلم يدور دائما حول سرّ تحمّل ساعات الصّوم الطّويلة، واعتبارها غالبا عقابا مسلّطا من اللّه على عباده "الضعفاء".

ثقة الصّائم في مضمون ثقافته الدينية

وفي الحقيقة فإنّ هذه المقاصد الخبيثة من وراء هذا النوع من الاستفزازات التي كثيرا ما يتعرّض لها المسلمون هناك، لا يمكن أن يبدّدها سوى ثقة المسلم الصّائم من مضمون ثقافته الدينية، وحسن استخدامها دفاعا عن قناعاته، فلا عزاء للمظهر في هذا الامتحان اليومي الذي نعيشه _بل ربما كانت المسؤولية مضاعفة إذا كان الّشّخص، مقصد السّؤال، محجّبة أو ملتحيا_ فإمّا أن يخرج سائلهم محترِما لعقيدتهم، و إمّا أيضا أن يمضي بقناعته الأولى الشائعة على أساس أن فريضة الصّوم، ضرب من العقاب الرّباني لذوي العقول البسيطة، ليس لتطرّفه أحيانا، ولكن لهشاشة تكوين البعض و عجزهم حتى عن تقديم أبجديات دينهم والإجابة بأسلوب مُقنع.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
«رقم يخض».. الحكومة تكشف عدد كراسات «سكن لكل المصريين 5» التي تم بيعها في أول نص ساعة