أجواء هادئة تخيم على الإسكندرية هذا العام من حيث الصراع بين الدعوة السلفية ومديرية الأوقاف بالثغر، والذي عادة ما يشتعل بينهما في مثل هذا التوقيت من كل عام للسيطرة على المساجد خاصة مع بدء العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك وإحياء سنة الاعتكاف، ويأتي ذلك بعد أن اتخذت الأخيرة العديد من التدابير لمواجهة سيطرة الدعوة السلفية والتيار الإسلامي بشكل عام على المساجد بالمحافظة.
ودائمًا ما تحتل محافظة الإسكندرية المرتبة الأولى بين المحافظات من حيث عدد مساجد الدعوة، نظرًا لأنها وُلدت فيها وانطلقت منها، وتتمركز بها رموزها، وتعتبر أحياء الجمرك وحي غرب والعامرية والمنتزه مراكز تقليدية للسلفية، وغيرها من المناطق التي سكانها من الفلاحين والعاملين وغير المتعلمين، والتي تحولت بعضها إلي مستعمرة سلفية يسيطر عليها أصحاب الفكر المتشدد.
اقرأ أيضا.. هذا هو موعد دخول وموعد خروج من نوى الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
وتأتي دائرة المنتزه الأبرز من حيث تمركز السلفيين ودائمًا ما يحتد الصراع فيها بين عناصر الدعوة السلفية ومديرية الأوقاف للسيطرة على المساجد، حيث يتواجد فيها عدد من رموز الدعوة، أبرزهم الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، ومن المساجد التي تشهد ظهورًا لرموز التيار السلفي بالدائرة مسجد الخلفاء الراشدين بأبو سليمان والذي يشهد ظهور برهامي كعادته، والإيمان، وخورشيد، والمراغي، وعباد الرحمن، والرحيق المختوم في العصافرة، وأبو بكر الصديق في المعمورة، فضلًا عن العديد من الزوايا وجميعها تقع في دائرة المنتزه.
مساجد السلفيين في الإسكندرية
وفي دائرة مينا البصل، فالظهور السلفي محصور في عدد من المساجد وهي المأوى، والمتراس، والبخارى، والكوثر، وفي دائرة محرم بك يظهرون في مسجد أبو هريرة، وفى دائرة العجمى يظهرون في مسجد خير الله في الهانوفيل، ورياض الصالحين في شارع الجمعية، وكذلك مسجد التوحيد في العامرية والذي يظهر فيه أنصار شريف الهواري، عضو مجلس إدارة جمعية الدعاة والقيادي السلفي المعروف.
اقرأ أيضا.. الأوقاف تعلن الخريطة النهائية لمساجد الاعتكاف في العشر الأواخر
أما سموحة فيوجد مسجد الفتح الإسلامى، وهو من أشهر المساجد التى تعتبر معقلًا للسلفيين ولدعواتهم، كما يوجد مسجد أبو حنيفة، والذي كان يشتهر في الماضي بخطب السلفيين النارية المعارضة، وفي الدخيلة فالظهور السلفي في مسجد النعمة والمعروف بتواجد أنصار سعيد الروبى، ومسجد ناجي على طريق الدخيلة، أما فى كرموز فيظهر أنصار الدعوة السلفية في مسجد التوحيد على طريق قنال المحمودية، ومسجد المصري بشارع إيزيس.
وكشف مصدر مطلع، أن مديرية أوقاف الإسكندرية تعاني من وجود قلة في عدد الأئمة بها مقارنة بالعدد الكبير للمساجد بالمحافظة، الأمر الذي قد يفتح الباب علي مصراعيه أمام السلفيين للسيطرة علي بقية المساجد والزوايا، مرجعًا ذلك إلي الرواتب المتدنية التي يتقاضاها أئمة المساجد مما يضطرهم للبحث عن عملٍ آخر إلى جانب العمل الدعوي مما يجعله غير متفرغ للعمل الدعوي.
مساجد السلفيين في الإسكندرية
من جانبه أكد الشيخ حسن عبد البصير، مدير عام الدعوة بمديرية الأوقاف بالإسكندرية، أن "جميع المساجد تحت سيطرة مديرية أوقاف الإسكندرية، وأننا في دولة مؤسسات ولن نسمح أبدًا بوجود أكثر من مسؤول عن المساجد وأن المسؤولية كاملة علي وزارة الأوقاف وعلى المديرية، وأي خروج عن ذلك سيتم مواجهته بالقانون"، مؤكدًا أن هناك تغيير كبير وحراكٍ ملحوظ في العمل الدعوي خلال الفترة الماضية بالمحافظة وسيطرة كاملة على المساجد، مضيفًا: "دورنا هو المحافظة علي الدولة ومؤسساتها وأي تيار مخالف للفطرة المصرية والتكوين المصري نحن جميعًا ضده".
وأضاف مدير عام الدعوة، في تصريحاتٍ خاصة لـ"أهل مصر"، أن جميع المساجد التي بها اعتكاف تم تحديدها بدقة علي مستوي المحافظة وعددهم 187 مسجدًا وذلك تحت سيطرة الأوقاف مع وجود عالم من علماء الأوقاف وإمام من أفضل أئمة الأوقاف، كما سيتم مد الاعتكاف بأئمة لمساعدة الإمام في إلقاء الدروس وصلاة القيام والتهجد.
مساجد السلفيين في الإسكندرية
اقرأ أيضا.. أمين الفتوى يوضح حكم اعتكاف المرأة ببيتها في العشر الأواخر من رمضان
وتابع قائلًا: "لا يوجد وراءنا شئ سوي المساجد فأي دولة تقوم على مؤسسات وكل مؤسسة تقوم بالإشراف على اختصاصاتها، ونحن اختصاصنا المساجد ولن نسمح لأحد أن يأخذ اختصاصنا وهذا ما يقره القانون والعقل والشرع وأي خروج عن ذلك يواجه بالقانون، فالقانون رقم 51 لسنة 2014 ينص على أنه لا يجوز لغير المعينين المتخصصين بوزارة الأوقاف والوعاظ بالأزهر الشريف المصرح لهم، ممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد، ونحن مُصرّين علي تطبيق القانون وبالفعل يتم تطبيقه منذ عامين ومازلنا نطبقه فعلي الرغم من وجود بعض المعوقات والصعوبات لدينا إلا أننا تمكنا من السيطرة على المساجد".
واستنكر عبد البصير، ما تردد مؤخرًا حول سيطرة السلفيين حاليًا على 40 مسجدًا بالإسكندرية، مؤكدًا أنها ادعاءات باطلة لا أساس لها من الصحة، وأن ذلك كان منذ عامين قبل توليه مديرًا عامًا للدعوة، ومنذ ذلك الوقت وأن جميعها تخضع للسيطرة الكاملة للأوقاف، وقد أرسلت وزارة الأوقاف لجنة تفتيشية علي هذه المساجد وتأكدت اللجنة من خضوعهم بالفعل للأوقاف.
ياسر برهامي ممنوع من صعود المنبر
ياسر برهامي ممنوع من صعود المنبر
وفيما يخص المساجد التي تشهد تمركزًا للسلفيين، قال إن جميع تلك المساجد بها إمام تابع للأوقاف، مشيرًا إلي أن الدكتور ياسر برهامي يقوم بتجديد تصريح الخطابة في مسجد الخلفاء الراشدين كل شهر وعلى الرغم من حصوله على تصريح إلا أنه لا يصعد المنبر والمسجد به إمام تابع للأوقاف منذ عامين وهو من يقوم بالخطابة، وأن برهامي ملتزم بذلك مع الأوقاف ولا يوجد ثمة مشكلة في ذلك، مضيفًا: "نحن لا نسعى لحدوث حالة انقسام داخل المجتمع ولكن طبقَا للقانون فإنه غير مسموح لأحد أن يصعد المنبر إلا إمام أو خطيب معتمد من الأوقاف".
وحول وجود عجز في عدد الأئمة بمديرية الأوقاف مقارنة بعدد المساجد بالمحافظة، أوضح أنه تم مواجهة وتدارك هذه المشكلة حيث تم عمل بروتوكول مع الأزهر الشريف بأن يتم الاستعانة بالأئمة للعمل في الخطابة حيث يوجد ما يزيد عن 1000 خطيب بالمكافأة وهم خريجي جامعة الأزهر الشريف وتم اخطارهم وقد حصلوا على موافقات من الجهات المعنية ومن الأوقاف ويعملون بمقابل مادي، مضيفًا أنه "بالفعل يوجد عجز في عدد الأئمة ولكن تم تدارك ذلك من خلال التنسيق مع الأزهر الشريف بالاستعانة بالأزهرين والوعاظ وخطباء المكافأة".
وعن كيفية مواجهة ظاهرة البناء العشوائي للزوايا وانتشارها بالمحافظة، قال مدير عام الدعوة إنه يتم غلق الزوايا غير المطابقة والتي مساحتها أقل من 80 مترًا، وإذا تعددت الزوايا في شارع واحد يتم فتح زاوية واحدة وإغلاق الباقي والتي تكون أفضلهم من حيث المساحة والموقع وذلك في خطبة الجمعة فقط، كما أنه يتم غلق كل زاوية ملاصقة لمسجٍد أو متقاربة منه في صلاة الجمعة أيًا كانت مساحتها كبيرة أو صغيرة، مشيرًا إلي أنه غير مُصرّح ببناء زوايا جديدة إلا من خلال الحصول على تصريح بذلك من المحافظة ووزارة الأوقاف وذلك للقضاء على ظاهرة البناء العشوائي للزوايا.
الشيخ حسن عبد البصير مدير عام الدعوة بمديرية الأوقاف بالإسكندرية
وكشف أنه تم إغلاق خلال الفترة الأخيرة 300 زاوية بالمحافظة، وذلك خلال خطبة الجمعة فقط لكنها متاحة في بقية الصلوات الأخرى، وهذا الإجراء هو شرعي من الناحية الفقهية لأن صلاة الجمعة لا تُقام إلا في المسجد الجامع وكذلك الاعتكاف، وأن الزوايا لا تُفتح إلا للضرورة القصوى.
اقرأ أيضا.. الاعتكاف في رمضان هذا هو أقصر وقت له في المسجد
وأكد أن محافظة الإسكندرية ستشهد خلال الفترة القادمة إنشاء عدد كبير من المساجد علي أعلي مستوي وستكون مساجد جامعة وذلك ضمن مشروع "محور المحمودية" ومشروعات القضاء علي العشوائيات، وأن الدولة تولي ذلك اهتمامًا كبيرًا، وأنه تم بالفعل الشروع في أعمال الإنشاء، وأيضًا سيتم إنشاء عدد كبير من المساجد الكبرى بمختلف المناطق بالمحافظة، وسيعمل ذلك على اقتصار صلاة الجمعة على المساجد الجامعة وتقليص عدد الزوايا.
وأفاد بأنه غير مسموح لأي شخص صعود المنبر إلا إمام أو خطيب معتمد من وزارة الأوقاف وأن الاعتكاف متاح لجميع المسلمين تحت سيطرة وزارة الأوقاف وإمام من الوزارة، مضيفًا أن "المعتكف يكون في مسجد داخل منطقته وقريب من محل سكنه وذلك بهدف معرفة أهالي المنطقة الواحدة لبعضهم البعض وذلك لمزيد من الأمان للاعتكاف"، مؤكدًا أن كل مسجد به اعتكاف لابد أن يكون على رأسه إمام والإمام مسؤول مسؤولية كاملة عن الاعتكاف خلال الـ 10 أيام متضامنًا معه مفتش المنطقة ومدير الإدارة ويتابع ذلك تفتيش المتابعة وقيادات المديرية كما يتم تكثيف المرور على هذا الاعتكاف.