شهد الجنيه المصري خلال المرحلة الماضية حالة من التعافي الشديد، نظرا للعديد من الأسباب، والتي يعتبرها العديد من الخبراء والمحللين مؤقته، وعدم استمرارها، أو حدوث أي أزمة تؤثر على سعر الجنيه داخل الأسواق.
الخبراء أكدوا أن هذه الحالة سببها ارتفاع سعر الفائدة فى مصر ما دفع المستثمرين الأجانب لشراء أذونات خزانة بالدولار للاستفادة بسعر الفائدة المرتفع فى مصر عن بلادهم.
وهذه الحالة مشابهة تماما للحالة التركية، التي كانت أحد أهم أسباب انهيار الاقتصاد التركى وسقوط الليرة التركية، بعد إقدام الحكومة التركية على رفع أسعار الفائدة، لجذب الاستثمارات، الأمر الذي رفع الدين الداخلي التركي.
وبات وضع الجنيه المصري تحاصره بعض المخاوف نتيجة لبعض الإجراءات التي تتخذها الحكومة المصرية، وارتفاع معدلات الديون وفقا لما أعلن عنه البنك المركزي المصري، والذي كشف عن ارتفاع إجمالى الدين العام لمصر لـ4.1 تريليون جنيه، ما يمثل 78.2% من الناتج المحلى الإجمالى لمصر بنهاية ديسمبر 2018، موزعة بين نسبة 85.3% من الدين العام مستحق على الحكومة، و8.3% على الھیئات العامة الاقتصادیة، و6.4%على بنك الاستثمار القومى، حيث بلغ صافى رصید الدین المحلى المستحق على الحكومة نحو 3504 ملیار جنيه فى نھایة دیسمبر 2018، بزیادة قدرھا نحو 383 ملیار جنيه خلال الفترة یولیو - دیسمبر من السنة المالية 2018- 2019.
اقرأ أيضا.."البركة في القديم".. ركود كبير في أسواق الملابس قبيل عيد الفطر 2019
وعلى نفس نهج السياسة التركية في التعامل مع الديون تسير مصر، وهو ما يعد مؤشر خطير يداهم الاقتصاد المصري، خاصة وأنها المعوق الرئيسي الذي وقف أمام تركيا وتسبب في انهيار الليرة التركية كانت الديون لدى تركيا، ما تسبب في فقدان الليرة التركية لأكثر من 40% من قيمتها أمام الدولار، خلال هذا العام.
وجاء تراجع العملة المحلية التركية، بعدما تصاعد الخلاف بين أنقرة وواشنطن، ما تسبب في مضاعفة التعريفة الجمركية على واردات الحديد والألومنيوم التركية، حيث سجلت رسوم الصلب 50%، ورسوم الألومنيوم 20%، فالبرغم من بيانات تركيا بشأن تحقيق الاقتصاد نموًا نسبته 7.22% في الربع الثاني من العام الجاري، لكن الغرق في الديون كان له رأي آخر.
وتشير بيانات لوكالة رويترز إلى أن إجمالي الدين الخارجي لتركيا يبلغ نحو 460 مليار دولار، كما يبلغ الدين الخارجي قصير الأجل والسندات نحو 180 مليار دولار، ووفقًا لبيانات بنك سوستيه جنرال، فإن الشركات التركية سيكون عليها سداد 1.8 مليار دولار قيمة سندات مقومة بالدولار بنهاية العام، و1.25 مليار دولار سندات حكومية، بالإضافة إلى 2.3 مليار دولار فؤائد مستحقة الدفع، ويقول البنك إن شهر أكتوبر سيكون الأعنف في عملية السداد، حيث سيكون عليها سداد 3 مليارات دولار و762 مليون دولار فوائد مستحقة الدفع، ويقدر معهد التمويل الدولي نسبة الديون الخارجية التركية للناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 50%.
من جانبه قال طارق متولي، الخبير المصرفي، إنه لابد من الانتباه جيدا لما يحاصر مصر من مخاطر، فارتفاع الجنيه أمام الدولار، أمر جيد، ولكنه لن يستمر سوي باستمرار الأسباب القائم عليها الارتفاع، والتي من بينها، عودة السياحة وارتفاع الاحتياطي الأجنبي، وارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، وزيادة إيرادات قناة السويس، وعودة استثمارات الأجانب لأذون الخزانة، مشيرا إلي أن السبب الأخير قد يكون الأكثر خطورة، حيث أنه قبل عام كان هناك خروج لاستثمارات الأجانب لدي مصر بسبب الأسواق الناشئة، والتي حاولت الحكومة والبنك المركزي بالخروج من تلك الأزمة بإصدار عدد من القرارات من آلية خروج الاستثمارات في أدوات الدين المحلي.
من جهة أخرى قال الخبير الاقتصادي، شريف الدمرادش، إن الحكومة عازمة على الخروج من أزمة ارتفاع الديون، بطرح عدد من الشركات الحكومية، والتوجه نحو بيع عدد من الأصول والأراضي التي تمتلكها الدولة، وأول الخطوات العملية بدأت مع طرح الشرقية للدخان، موضحا أن الجهود الحكومية مازلت متواصلة لبيع شركات الكهرباء أيضا، من أجل سداد الديون المصرية، والتي ترتفع بصورة هستيرية، وتحتاج لتدخل عاجل وصارم، مؤكده أنه بالرغم من خطة الحكومة لتقليل معدلات الديون، إلا أن الوضع مازال يزداد سوءا.