يمر الاقتصاد المصري بحالة من الاضطراب خلال المرحلة الحالية، وهو ما ظهر على أداء الحكومة المصرية خلال الآونة الأخيرة، نظرا للالتزامات المالية التي لابد من الإلتزام بها أمام المؤسسات المالية العالمية، لإستكمال منظومة الإصلاح الحكومي والهيكلي والإداري.
وجاءت توجهات وحركات الحكومة الأخيرة لكي تفتح الباب أمام مختلف التكهنات أمام فشل الحكومة في معالجة أزمة الديون المتراكمة خلال السنوات الماضية، وهو الأمر الذي وضعها في ورطة في حال عدم الالتزام بسداد المستحقات المالية، خاصة شركات الكهرباء.
اقرأ أيضاً.. تعرف على المستندات المطلوبة لخدمة "الجمعية العامة العادية" لجذب المستثمرين
وكشفت موازنة العام المالي 2019- 2020، عن ضمان وزارة المالي لديوان بنسبة 20.4% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية 2018، وتمتلك شركات الكهرباء منها ما يعادل ربع تلك الديون بقيمة تصل لنحو 5.2% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي.
وأعلن عنه البنك المركزي المصري، والذي كشف عن ارتفاع إجمالي الدين العام لمصر لـ4.1 تريليون جنيه، ما يمثل 78.2% من الناتج المحلى الإجمالى لمصر بنهاية ديسمبر 2018، موزعة بين نسبة 85.3% من الدين العام مستحق على الحكومة، و8.3% على الھیئات العامة الاقتصادیة، و6.4%على بنك الاستثمار القومى، حيث بلغ صافي رصيد الدين المحلي المستحق على الحكومة نحو 3504 ملیار جنيه في نهاية دیسمبر 2018، بزیادة قدرها نحو 383 مليار جنيه خلال الفترة یولیو - ديسمبر من السنة المالية 2018- 2019، ومن بين الهيئات الحكومية الشركة القابضة لكهرباء مصر والتي حصلت على قرض لتمويل 85% من تكلفة محطات الطاقة من التحالف المصرفى المدعوم بضمان سيادي.
وتسعى الحكومة ووزارة المالية خلال المرحلة الحالية على تقليل الدعم، عبر موزانة العام المالي الجديد للطاقة، سواء الكهرباء والبترول، وخفضت وزارة المالية بموازنة العام المالي 2019/2020، الدعم المقدم للمواطنين من 16 مليار جنيه، لنحو 10 مليار جنيه، في إطار تنفيذ السياسة الإصلاحية التي تعمل عليها الحكومة منذ الحصول على قرض صندوق النقد الدولي في الثالث من نوفمبر 2016، بعد الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، تم الحصول على 10 مليار دولار منها، والمتبقي 2 مليار دولار، ستحصل عليها مصر في يوليو المقبل، بعد موافق اجتماع المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، وذلك عقب المراجعة الأخيرة التي تمت للبرنامج المصري من قبل الصندوق، والموافقة على صرف الشريحة الأخيرة.
وكشفت مصادر مصرفية عن توجه مصر لسداد ديون بنحو 14.7 مليار دولار ديون مستحقة السداد، من بينها 8.5 مليار دولار لدول الخليج العربي السعودية والكويت والإمارات
وكانت وزارة المالية قد أعلنت عن سداد 36.7 مليار دولار ديون خارجية خلال الـ24 شهر السابقين، وبالرغم من ذلك ارتفع الاحتياطي النقدي المصري الى 44 مليار دولار لأول مره فى تاريخها، حيث حققت مصر فائض أولى فى الموازنة يقدر ب 21 مليار جنيه فى الفترة بين (يونيو 2018 إلى ديسمبر 2019) لأول مرة منذ 20 عام، ويعد الفائض الأولي فى الميزانية، هو الفرق بين مصروفات الدولة وإيراداتها، لكن قبل زيادة الديون المستحق سدادها على الموازنة بعدها يبدأ العجز فى الميزانية
من جانبه قال محمد الشواديفي، الخبير الاقتصادي، إن فاتورة الفوائد على الدين ارتفعت بمعدل بنمو قدره 5%، بجانب ارتفاع عجز الموازنة هو الأخر ليسجل 439.6 مليار جنيه، مقابل 379 مليار جنيه، مؤشرات خطيرة تحاصر الوضع الاقتصادي المصري.
وأوضح، أن التوجه ناحية بيع محطات الطاقة، قد يكون أكبر الأخطاء التي تقع فيها الحكومة خلال المرحلة الحالية لسداد الديون، موضحا أن قد تتسبب في ارتفاع أسعار الكهرباء في مصر بصورة كبيرة، ما يؤثر بشكل سلبي على الظروف المعيشية لمصر، في ظل وضع قد يكون مغايرا تماما في حال تبديل تلك النظرة القاصرة، والتوجه ناحية توسيع استثمارات القطاع، وليس بيع محطات الكهرباء، مشيرا إلي أن سداد 814 مليار جنيه اقتراض لتغطية العجز وأقساط القروض للعام المالي المقبل، أمرًا مقلقا للموازنة، ولكن طرق التناول لابد وأن تكون لائقة ومناسبة للوضع الحالي.
وكان الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء قد أعلن، أن الحكومة تدرس عرضين من شركتين عالميتين هما "بلاكستون" الأمريكية و"إدراك باور" الماليزية لبيع محطات الكهرباء التي نفذتها سيمنس لصالح الشركة القابضة لكهرباء مصر فى بنى سويف والبرلس والعاصمة الإدارية الجديدة بقدرة 14.4 ألف ميجاوات، حيث تلقت اللجنة الوزارية المشكلة طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 605 لسنة 2019 لمتابعة المشروعات القومية الكبرى عرضين، لشراء محطات كهرباء بنى سويف والبرلس والعاصمة الإدارية الجديدة.
وتسعى الحكومة لخفض الدين العام الخارجى، والذى بلغ 96.6 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي، والداخلي أيضا، والالتزام بسداد أقساط الدين الخارجي المستحقة العام المالي الجاري 10.5 مليار دولار.
وقال مصدر بالشركة القابضة للكهرباء، أن الأعباء المالية الكبيرة على قطاع الكهرباء نتيجة القروض والفوائد على المشروعات تدفعه للموافقة على البيع، حيث تم اعتماد الفواتير وبدأت الكهرباء فى سداد الأقساط، ولكنها تعانى من عدم ارتفاع معدل الطلب على الطاقة، وبالتالى تضطر لوقف المحطات وأيضاً تسدد أقساطها، موضحا أن الشركتين المتقدمين بعرض الشراء إحداهما سيتحمل الالتزامات المالية المطالبة بها الشركة القابضة للكهرباء نظير بناء المحطات والبالغة 6.3 مليار يورو، على أن يوقع اتفاقية لبيع القدرات المنتجة مع الشركة المصرية لنقل الكهرباء.