رمضان في اليونان.. المساجد تحولت إلى متاحف.. وأداء الشعائر الرمضانية في سرية وقلق

اليونان دولة تقع في جنوب شرق أوروبا، تحتل موقعاً استراتيجياً على مفترق الطرق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، وتقع على الطرف الجنوبي من شبه جزيرة البلقان، وتشترك في الحدود البرية مع ألبانيا إلى الشمال الغربي، وجمهورية مقدونيا وبلغاريا إلى الشمال وتركيا إلى الشمال الشرقي، ووفقا لتعداد عام 2017، فإن سكان اليونان حوالي 10 مليون و770 ألف نسمة، أثينا هي عاصمة البلاد وأكبر مدينة، تليها سالونيك.

تزيين المحال التجارية

رمضان بالنسبة للمسلمين في اليونان يكون له طابع خاص وذلك لأن المسلمون هناك يمثلون الأقلية، حيث يبلغ عددهم 350 ألف نسمة فقط من إجمالي سكان اليونان، فيقوموا باستقبال رمضان قبل بداية الشهر بما يقرب أسبوع، فيقوم أصحاب المحال التجارية بتزين محالهم بزينة مستقدمة من بلادهم، ويقومون بتوزيع مواقيت الإمساك التي تكون في الغالب بمثابة إعلان لمحالهم، وينتهز التجار فرصة قدوم شهر رمضان لاستيراد التمر من مختلف البلدان، وصانعة الحلوى التي تلقى رواج كبير خلال هذا الشهر.

اقرأ أيضاً: رمضان في فرنسا.. جمعية "الشوربة للجميع" في خدمة الصائمين.. وازدحام المساجد بالمصلين وتقاسم الفرحة مع غير المسلمين

رمضان في اليونان

تكدس المتاجر

ومن أكثر المشاهد التي تشير للوهلة الأولى إلى قدوم شهر البركات، تكدس المتاجر وازدحامها بأغلبية المسلمين في أماكن المتاجر والمحال، من أجل شراء مستلزمات هذا الشهر الكريم، الذي تكون له أكلاته الخاصة وحلوياته التي يحبها الكبار والصغار

المصليات

ومع بداية شهر الصوم يقوم المسلمين بإقامة المصليات التي تستخدم في الإفطار الجماعي التي يساهم أهل الخير في تغطية تكاليفها، ويستفيد منها عدد كبير من العمال والطلبة، وفي صلاة التراويح.

رمضان في اليونان

مسابقات رمضانية

وتقوم المساجد بتنظيم المسابقات الرمضانية، التي تتضمن مسابقات للقرآن والسنة، بالإضافة إلى الأنشطة الرمضانية والثقافية التي يقبل عليها الكبار قبل الصغار، وتقوم المساجد بدعوة بعض الشيوخ والدعاة طوال الشهر الكريم، والذين يساهمون بدور كبير في توضيح صورة المسلمين في الدول الغربية.

اقرأ أيضاً: رمضان في إيطاليا.. استقدام العلماء تعطشا لمعرفة أمور الدين.. وأداء الشعائر يحتاج إلى تضحيات

رمضان في اليونان

التراويح بمصليات "أثينا" فقط

وبعد تناول الفطور يقوم مسلمو اليونان بأداء صلاة التراويح التي يتجمع فيها أغلبية المسلمين لتأديتها، تقام صلاة التراويح في 15 مصلى بأثينا فقط والتي تكون هذه المصليات في الغالب من المساجد المتواضعة، والتي تكون في الغالب موجودة في المدن الصغيرة مثل سالونيك، وباترا، وتقوم هذه المصليات بجمع التبرعات والزكاة وتوزيعها على الفقراء.

نشاطات خيرية

هذا بالإضافة إلى نشاطات الإحسان والرحمة التي تزداد خلال هذا الشهر حيث يسعى أغلب المسلمين للتبرع بالمال إلى صناديق الخيرية الأخرى التي تتقصى أحوال المسلمين المحتاجين سواء في اليونان أو خارجها.

إفطار عائلي في منزل الجد

ويتميز مسلمو اليونان بالكرم وحب والضيافة بصفة عامة، وبصفة خاصة في شهر رمضان ويفضلون الإفطار العائلي في منزل الجد، كما تقيم بعض السفارات والروابط والجمعيات المختلفة موائد إفطار في الفنادق والمطاعم المختلفة، يشارك فيها عدد كبير من كبار الشخصيات اليونانية و المسئولين.

الاعتكاف

ومع دخول العشر الأواخر من رمضان يقوم مسلمو اليونان بآداء سنة نبيهم بالاعتكاف والسهر في تلاوة القرآن وإقامة صلاة التراويح، ويقوم مسلمو اليونان بأخذ تصريح لأداء الصلاة أثناء أوقات العمل الرسمية حتى يأتي يوم العيد فيخرج جميع مسلمو اليونان لتأدية صلاة العيد ثم ينصرفوا لتبادل التهاني فيما بينهم.

تداعيات الأزمة المالية

ولكن الأزمة المالية التي عصفت باليونان العام 2010 أثرت بطريقة مباشرة على الاحتفال بشهر رمضان الكريم وإحيائه كالعادة، نظرا لتراجع أعداد المسلمين و العرب الذين كانوا يقيمون في اليونان.

افتقار إلى المساجد الرسمية

ويلاحظ المهاجر المسلم الذي يعيش في اليونان، خاصة العاصمة أثينا، أن الاحتفال بشهر رمضان في اليونان يختلف عن سائر الدول الأخرى وخصوصا الأوروبية، حيث تفتقر اليونان، وخاصة العاصمة أثينا إلى مساجد رسمية، ولذا كل شيء يدور في سرية أو في قلق وخفية وعدم إزعاج سكان المناطق التي توجد فيها الزوايا والمصليات، التي هي أقرب إلى الجراجات أو أماكن تحت الأرض غير الآهلة لإقامة شعائر الدين بحرية تامة.

خطر اليمين المتطرف

وكان قد تزايد هذا الخوف والقلق مع صعود اليمين المتطرف، وتمثيله في البرلمان اليوناني والذي أطلق تهديدات تجاه المسلمين، والتظاهر أمام المصليات في بعض المناطق، وأنصار هذا الحزب يتوعدون ويهددون المصلين والمسلمين عموما، بعد أن كانوا يعتدون و يهاجمون الأجانب.

رمضان في اليونان

متنفس في إقامة الشعائر

ولكن على الصعيد الرسمي، بات الأمر أفضل بعض الشيء، حيث يجد المسلمون المقيمون في اليونان خلال السنوات الأخيرة، متنفسا في إقامة شعائر واحتفالات الشهر الكريم على مرأى ومسمع من المسئولين اليونانيين دون مضايقات من الشرطة، ولكن لا يستطيع المؤذن مثلا الجهر بالصوت، أو يقوم الخطيب برفع صوته ويسمعه المارة خارج المصلى.

رؤية هلال رمضان

ويختلف شهر رمضان في السنوات الأخيرة في اليونان عن قبله من الأعوام، فيتم السماح حاليا لعدد من المسلمين الصعود إلى جبل بيندلي، والتمكن من دخول مركز الأرصاد هناك لرؤية هلال رمضان، وذلك خلافا لما كان معتادا قبل ذلك وفى شمال اليونان.

مراعاة الآخر

ويحرص المسلمون في اليونان على دخول المصلى بهدوء والتفرق بسرعة فور الخروج منه حتى لا يتسببون في إزعاج السكان الذين يستغيثون بالشرطة على الفور، حيث أن معظم اليونانيين مسيحيين ولا يعرفون شيئًا عن الإسلام ويزعجهم التجمعات وسبق أن أغلقت الشرطة إحدى المصليات للجالية الباكستانية بعد شكوى السكان.

مفتي لكل مدينة

يذكر أن المسلمين يتركزون في مناطق الشمال الشرقي "كسانثي، كوموتيني، ألكساندروبولي" ولهم مفتٍ في كل مدينة كان ينتخب مباشرة من المسلمين في المنطقة إلى أن صار يُعيَّن من قبل الحكومة بخلاف ما نصت عليه المعاهدات التي أبرمتها اليونان وتركيا بشأن الأقليات المتواجدة في البلدين

انكسار بعد انتصار

وتجدر الإشارة إلى أن تاريخ الإسلام في اليونان يعد نموذجاً لتراجع الحضارة الإسلامية، وانكماشها لصالح الحضارة الغربية، فالناظر إلى تعداد الجالية المسلمة في اليونان، والتي تشكل ما يعادل 3.1% من تعداد سكان اليونان، يدرك مدى ما حاق بالمسلمين من انتكاسات وانكسارات في ذلك البلد الذي كان المسلمون يشكلون غالبية أو ما يقرب من 68 % من سكانه، في فترة المد العثماني في اليونان قبل الحرب العالمية الأولى.

مساجد تحولت إلى متاحف

وخلال الفترة العثمانية من تاريخ اليونان ترك المسلمون خلفهم آلاف المساجد، التي تحول معظمها، وعلى الأخص في العاصمة أثينا بعد خروجهم وزوال حكمهم، إلى متاحف.

وبالنظر إلى ذلك الماضي الزاهر للإسلام في اليونان، ووجود ما يقرب من 300 مسجد فيها، فإنه لا يوجد حتى الآن مسجد رسمي للمسلمين في العاصمة اليونانية أثينا، ولا في أغلب المدن اليونانية، لكن هناك مئات الزوايا التي يؤدي فيها المسلمون صلواتهم.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً