في حواره مع الاندبندنت "قذاف الدم" يكشف كواليس "تحرير عملية طرابلس.. وكيف قُتل معمر القذافي ولماذا؟

قذاف الدم
كتب : سها صلاح

عملية "تحرير طرابلس" أعلنها المشير خليفة حفتر في 4 أبريل الماضي، ومع مرور الأيام، خفتت لغة السلاح، وصعدت تدريجياً لغة السياسة والدبلوماسية، وجرت المباحثات خلف الكواليس مع الفرقاء الليبيين،فماذا دار في الكواليس؟ وكيف تتحرك الأطراف أو تتحالف أو تغير تحالفاتها على مدار شهرين، سواء من رجال الشرق الليبي أو أعضاء حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، المسيطرة على طرابلس والمعترف بها دوليا، والتي اعتبرت عملية "طوفان الكرامة" وفق تسمية حفتر "محاولة انقلاب"، وماذا عن القبائل وأنصار نظام العقيد؟.

لا تحاورت صحيفة الاندبندنت البريطانية مع "أحمد قذاف الدم"، المقيم في مصر، وحلقة الوصل بين عدد كبير من الأطراف الليبية في الداخل والخارج إلى الآن.

ما السبب في الانقسام الليبي؟

قال قذاف الدم إن ما يحدث في طرابلس الآن، ليس معركة من أجل السيطرة أو النزاع بين فصائل ليبية، بل هي معركة بين الجيش الوطني الليبي المدعوم من رجال ليبيا الوطنيين وبين عصابات متطرفة تسيطر على العاصمة، بعدما نهبت أموالها وشردت أهلها وحولت ليبيا إلى دولة فاشلة.

وصرح "قذاف الدم" بأن المعارك الدائرة حول طرابلس الآن، هي بين القوات المسلحة الشرعية من قبل الليبيين وبين مجموعة من العصابات، ترعاها حكومة مخطوفة في طرابلس، مشيراً أنها ليست معركة سياسية، إنما معركة بين الجيش والعصابات التي تسيطر على مقدرات ليبيا بقوة السلاح لثماني سنوات.

ويقول قذاف الدم "بعض الدول الغربية وبينها إيطاليا، تتعامل مع ليبيا على أنها برميل نفط أو غاز، ونحن نرفض هذه العقلية الاستعمارية التي تتعامل بها إيطاليا، ونقول لهم، ونحن حفاة قاومنا الاستعمار وطردناهم من ليبيا، واليوم نحن نملك الرجال والخبرة والإمكانيات، إلا أننا نمد يدنا بالسلام وليس لدينا أي أحقاد، ونذكرهم بأن الاستعمار مشروع فاشل".

اقرأ أيضاً.. اللواء عباس كامل بعد لقائه حفتر في ليبيا.. مصر تتسلم هشام عشماوي

وبينما يشيد قذاف الدم، بتحول فرنسا نحو دعم قوات الجيش الليبي، وعزم ليبيا من خلال الاتصالات الدائرة والتواصل عبر الأطراف على تصحيح "ما ارتكبه الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي بحق ليبيا وغزوها 2011"، فإنه يعاتب لندن على استمرار رهانها على "التطرف الإسلامي"،

قائلاً: "يتمسكون في كل محادثاتهم معنا بضرورة إدماج الجماعات الإرهابية في الحكم، رغم أن نسبتهم لا تتجاوز 5% من الشعب الليبي، الذي بات أكثر من 70% منه الآن مع القذافي ونظام الجماهيرية الليبية، ويسعى لبناء دولة جديدة بعدما ذاق مرارة السنوات والتجربة".

وعربيا، قال قذاف الدم "إن أكثر الدول التي تضررت من الأزمة الليبية، هي مصر والجزائر، أما تونس لا تزال يمر عبر منافذها السلاح والمسلحون إلى الداخل الليبي"، مضيفا، "في مصر تسعى الحكومة لعقد جلسات حوار مكثفة بين الأطراف الليبية لتوحيد الشعب الليبي، ودعم قواته المسلحة، ومحاربة الإرهاب والتطرف، ونلتقي هنا كل خصومنا، لكن عند تدخل بعض الدول الغربية.

وتابع: "يدخل المسلحون عبر تونس بأموال ودعم قطري وبعلم من الحكومة، فيما كان المسلحون يتم تهريبهم عبر الحدود المصرية من الأراضي الليبية للتفجير والتخريب".

وبلهجة عتاب، قال قذاف الدم " في قطر لا يزال النظام هناك وبالتعاون مع تركيا يمولان الميليشيات الملسحة في ليبيا".

وأميركيا، ذكر قذاف الدم "أن التحرك الأميركي في ليبيا منذ البداية لم يكن بالانخراط المماثل لكل من الدول الأوروبية الأخرى، فالولايات المتحدة، منذ بداية الحرب في 2011، ضربت بغاراتها الدفاع الجوي والقوات البحرية، حتي الغواصات الليبية، ثم انسحبت".

أين ذهب رجال القذافي؟

انضم الآلاف من عسكريي وشرطيي نظام العقيد معمر القذافي ضمن صفوف القوات المسلحة، وقال "قذاف الدم" الجيش ليس قبيلة وليس حزبا، وجنوده من كل أنحاء ليبيا، وبالتالي أيدناه ووقفنا معه، كما نفى وجود أي صفقة بين حفتر وأنصار العقيد الراحل معمر القذافي من رجال قبائل وعسكريين.

وأكد قذاف الدم أن "الشيء الوحيد الذي يدفع أنصار القذافي وأبناء ليبيا من الوطنيين الشرفاء إلى دعم الجيش الليبي في معركته الراهنة هو محاولة إنقاذ وطنهم المختطف على أيدي عصابات إجرامية وميليشيات إرهابية ومرتزقة،داعيا إلى الإفراج ورفع القيود عن قيادات النظام السابق، ممن يعتبرهم "أنصار ثورة الفاتح من سبتمبر،وهي الثورة التي أطاح فيها معمر القذافي بنظام الملكية في ليبيا، وعزل الملك إدريس السنوسي، عام 1969.

ماهو مستقبل معارك طرابلس؟

اضاف "قذاف الدم" نلتقي ونجري مشاورات مستمرة مع كل خصومنا بدون استثناء، وحتي مع مقربين من فايز السراج ومن حكومته، وتمت لقاءات في القاهرة وغيرها بدون رعاية، لسنا محتاجين لوساطة للتحدث مع الليبيين، حتى المجموعات المسلحة التي تسيطر على طرابلس، كنا نتواصل ونلتقيهم، ولا تزال هناك لقاءات، كلنا نعرف بعضنا ونبحث جميعا عن مخرج، هما يدركون أنهم تورطوا.

وتابع قذاف الدم: "علينا السعي لحوار جاد دون تدخل الآخرين فيه، وبالمناسبة نحن نلتقي كل الأطراف الليبية، يأتون هنا إلى القاهرة ونلتقيهم، حتى خصومنا وأعداؤنا من الذين كنا نتقاتل معهم، يأتون إلينا هنا في القاهرة، ونحن نتابعهم هناك، ونتحاور ونتناقش معهم، ولكن هناك من لا يريد أن يحدث سلام في ليبيا، وأن تستمر الفوضى والعنف، لا في ليبيا في فقط ولكن المنطقة بالكامل.

اقرأ أيضاً.. قذاف الدم يكشف مفاجأة بشأن ترشح سيف الإسلام لرئاسة ليبيا

ماهي أسرار ماحدث في الثورة الليبية؟

يتذكر قذاف الدم ما دار في الكواليس في ذلك الوقت قائلاً في وقت مقتل العقيد كنت في مصر، وكنت مكلفاً بمهمة التواصل مع الغرب ومع المعارضين الليبيين، وبعد التدخل الغربي في ليبيا، قدمنا وقمنا بسلسلة من المبادرات مع الغرب وخاصة فرنسا وإنجلترا وإيطاليا وكذلك روسيا والولايات المتحدة ومجلس الأمن لوقف الحرب وإيجاد حل ومخرج".

يقول قذاف الدم للمرة الأولى إن "أهم مبادرة طرحت من طرف الغرب، هي أن يغادر القذافي إلى أي بلد يريد ومع من يريد، وبكل الضمانات، مقابل وقف الحرب، وطبعا لم يكن هذا مقبولا من بداية الأزمة لآخر يوم".

من الذي أعاق مبادرات إيقاف الحرب؟

أكد "قذاف الدم" من خلال اتصالاتي بدوائر الحكم الغربية والعربية، ظن الغرب من خلال هذه المبادرة أن القذافي سيخاف ويهرب من البلد، خصوصا بعد الغارات التي طالت منزله في العزيزية "مقر الحكم الليبي"،وقادت لمقتل نجله سيف العرب، ثم طرح القذافي مبادرة، أن يذهب حلف الأطلسي ويتوقف القصف، وأن يذهب هو إلى سرت وبعيدا عن حكم القذافي أو قرارات مجلس الأمن بالحرب، فعلى الليبيين أن يقرروا أي نظام يريدون، ورجل كمعمر القذافي لن يستسلم".

وبحسب قذاف الدم، "فإن القذافي أبلغه في أحد الاتصالات، أنه سيذهب إلى سرت فور رفع قرارات مجلس الأمن، لكن الغرب أصر على الذهاب أولا، وهو ما اعتقده القذافي أنه إذعان وبمثابة عار ليس عليه فقط، ولكن على كل الليبيين"، وأبلغه "سأقوم بواجبي، نحن نعلم أننا لن ننتصر على كل هذه القوى المتكالبة على ليبيا لكننا سنقوم بواجبنا".

ويتابع قذاف الدم، "تفاوضنا أيضا مع الروس والأفارقة، وحاولنا إيجاد حلول لهذا الكارثة، وللأسف الغرب كان مصراً على التخلص من القذافي، وبالتالي عندما قتلوا القذافي في سرت، انسحبوا وتركوا ليبيا لمصيرها".

اوصف لنا لحظة مقتل العقيد؟

وعن لحظة مقتل العقيد، يقول قذاف الدم "كنت أتابع وأراقب آخر التطورات الميدانية من القاهرة، وتواصلت مع القذافي فجر ذلك اليوم، حيث كنا نتواصل بوسائل كثيرة شديدة التأمين في تلك الفترة، وأعلمني أنهم سيخرجون في ذلك الصباح، وحين خرج القذافي من سرت كنا متوقعين في أي لحظة أنهم معرضون للاستهداف والاستشهاد"،

وتابع: "الغرب قتل معمر القذافي لمشروع أكبر وهو الاتحاد الأفريقي، لأن القذافي كان يسعى لمشروع الأمم المتحدة الأفريقية، وقطعنا شوطاً كبيراً، وكنا قاب قوسين أو أدنى من إعلان الحكومة الأفريقية الموحدة، والغرب كان يرى في القذافي أنه من يقود الأمر، وبالتالي كان مرفوضاً بالنسبة للهيمنة والاستعمار الغربي".

اقرأ أيضاً.. فى 3 معلومات.. تعرف على قوات G.I.S المصرية التي ظهرت لأول مرة في تسلّم الإرهابي عشماوي من ليبيا

10 ساعات من الاشتباكات في القاهرة

وعن دوره بعد مقتل القذافي، قال قذاف الدم "اعتقدنا أن القذافي كان الهدف، وأن معركتنا انتهت، وعندها قررنا أن نترك الأمر لليبيين، إلا أننا لم نكن نظن أن تصل الأمور إلى هذه الأوضاع، إلى أن فوجئت في أحد الأيام، في عهد حكومة علي زيدان، في الفترة ما بين 14 نوفمبر2012 و11 مارس 2014، والتي تزامنت مع حكومة الإخوان في مصر، أن القائمين الجدد على حكم ليبيا دفعوا ملياري دولار لقتلي، وفي 19 مارس 2013، داهم بيتي الساعة 12 ليلا مجموعة ادعت انتماءها للأمن، ودخلنا في مواجهة مسلحة حوالي 10 ساعات وتجمع بعض الليبيين حول المكان وجاء أخوالي من البحيرة مسلحين، وطوقوا المكان، وأصيب منهم أشخاص، وفشلت المهمة لإصابة بعض رجال الشرطة، وعلمت أنه أصيب 4 أشخاص من الليبيين حولي".

وتابع قذاف الدم: "كانت الطائرات في المطار منتظره اصطحابي إلى ليبيا بعد دفع ملياري دولار"، وبسؤال عن السبب أرجع الأمر إلى "أن القائمين الجدد على الحكم في ليبيا، اكتشفوا من التحقيقات، أن قذاف الدم، كان له دور كبير في هذه المرحلة".

وأضاف: "أنا في السجن لمدة 9 شهور، وبعد تبرئتي من قبل المحكمة، ظهرت مجموعة من الحقائق المذهلة عن صفقة تسليمي إلى ليبيا أو قتلي، حيث اكتشفت وأنا في السجن أن بلدنا تضيع، وبدأت أتابع عن كثب ماذا يجري؟، وكيف لهؤلاء السفهاء (حكام ليبيا الجدد) يدفعون مئات الملايين من الثروات الليبية لجلب أشخاص لتصفيتي؟، وتوصلت لقناعة أن المسيطرين على ليبيا عملاء للغرب".

وأشار إلى أنه "كان لزاما علينا الحفاظ على الكرامة الليبية وأن نتواصل مع كل الليبيين مجددا للتخفيف عنهم وإيجاد حل، وحاولنا أن نخرج عشرات الآلاف من السجون، وقمت بما نستطيع في هذا السياق، وأسسنا جبهة النضال الوطني المعارضة".

سيف الإسلام ومشروع الإنقاذ

وبشأن تواصله مع أفراد عائلة العقيد، وعلى رأسهم سيف الإسلام القذافي، يقول قذاف الدم "نعم أتواصل مع كل القوى السياسية، ومع سيف الإسلام باستمرار"، وبسؤاله عن نوع التواصل عائليا كان أم سياسيا؟، أجاب: "همنا قبل العائلة هو الوطن، سيف جزء من الوطن، ولديه مشروع ليبيا الغد، ولديه أنصار كثر في ليبيا، وهو جزء من السلام، يستطيع أن يسهم كثيراً في السلام والأمن في ليبيا، كما نتصل بكل القوى الأخرى، وأنصارنا ورفاقنا".

وبشأن عزم سيف الإسلام الترشح لانتخابات الرئاسة الليبية، قال قذاف الدم "هو لم يقل أنه ينوي الترشح، لكن الناس"، متابعاً "معركة اليوم ليس من يحكم، وإنما إنقاذ الوطن، ولا وقت لصراع على سلطة، السفينة تغرق وبعد إنقاذها ستشرق الشمس من جديد وستعود ليبيا بأبنائها واحة للخير والسلام".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً