أعرب المجلس القومي للسكان، عن أسفه وانزعاجه الشديد من صدور تصريحات للصحافة والإعلام على لسان الطبيب أحمد الطحاوي عضو مجلس النواب، والتي ذكر فيها "إنه بصفته طبيبًا يرى أن ترك الأنثى بلا ختان أمر غير صحيح، وإذا كان الختان جائرًا فهذا خطأ أيضًا" ويعتبر ذلك تحريضًا صريحًا للمجتمع على ممارسة جريمة ختان الإناث.
وقال المجلس في بيان مساء اليوم: يود المجلس القومي للسكان أن يذكر النائب المحترم بعدد من الحقائق أهمها أنه بهذا التصريح أنتهك الدستور والقانون المنوط بحمايتهما بتكليف من الشعب المصري.. لأن ختان الإناث هو انتهاك واضح وصريح لدستور 2014 الذي ينص في مادته (11) على " وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف"، وفي مادته (80) " وتلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف واإلاساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجارى".
وأضاف المجلس، أن ذلك انتهاك صريح لقانون العقوبات الذي ينص في المادة (242) مكرر "مع مراعاة حكم المادة (61) من قانون العقوبات ودون الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تجاوز سنتين أو بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز 5 آلاف جنيه كل من أحدث الجرح المعاقب عليه في المادتين ( 241، 242 ) من قانون العقوبات عن طريق ختان لأنثى".
وتابع المجلس القومي أن تصريحات الطبيب النائب تخالف آداب مهنة الطب والقرارات الوزارية، لأن ختان الإناث ليس ممارسة طبية، فلا يوجد ذكر لهذه الممارسة في أي مرجع طبي معترف به دوليا أو وطنيًا، ولا تدرس في أي كلية طب مصرية. وبناءًا على قرار وزارة الصحة والسكان (271) لسنة 2007، وبيان نقابة الأطباء في يونيو 2007، فقد تم حظر ممارسة ختان الإناث على الأطباء أو غيرهم سواء في المستشفيات الحكومية أو الخاصة أو في أي مكان آخر، وإلا تعرض المخالفين للعقوبات الإدارية والمساءلة المهنية والقانونية.
وواصل المجلس: كما غض الطبيب النائب الطرف عن الآراء الفقهية المعتبرة والمستقرة والصادرة عن الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، حيث يؤكد مجمع البحوث الإسلامية في بيانه الصادر يونيو 2007 بإجماع أعضاءه على " أن التحقيق العلمي يكشف في جلاء عن أنه ليس هناك أصل من أصول التشريع الإسلامي أو أحكامه الجزئية يجعل من هذه العادة أمرًا مطلوبًا من أوجه الطلب، إنما هي عادة ضارة انتشرت واستقرت في عدد قليل من المجتمعات الإسلامية.. وقد ثبت ضررها وخطرها على صحة الفتيات".
كما تؤكد دار الإفتاء المصرية في بيانها الصادر حول جريمة ختان الإناث "فدل كل ذلك على أن قضية ختان الإناث ليست قضية دينية تعبدية في أصلها، ولكنها قضية ترجع إلى الموروث الطبي والعادات، وأحال الكثير من الناس إلى الأطباء، وجزم الأطباء بضررها، فأصبح من اللازم القول بتحريمها".
والرأي الفقهي المستقر في أمر ختان الإناث يؤكد على أنه لا يوجد أمر أو إشارة في القرآن الكريم لختان الإناث، ولا يوجد دليل من السنة النبوية الصحيحة على وجوبه أو سنيته، وليس هناك إجماع بين الفقهاء على حكم محدد بالنسبة لخفاض الأنثى.
ومن القواعد الفقهيه المستقرة: أن من الأمور الجائزة والمباحة ما يجوز منعها، إذا ثبت من ورائها مفسدة أو ضرر، فإذا ثبت بالتطبيق أن في استعمال المباح ضررا على الناس أو أكثرهم وجب منعه بناء على قاعدة (لا ضرر ولاضرار)".
وقال مجلس السكان أن تصريحات هذا النائب هي محاولة للتراجع عن الإصلاحات الاجتماعية والقانونية الداعمة لحقوق الأطفال والنساء في مصر وهي ردة كبيرة لم نتوقعها وخاصة من عضو في مجلس نواب منتخب جاء بإرادة شعبية بعد ثورتي 25 يناير و30 يونية، وبعد دستور 2014 الذي قرر حقوق المصريين جميعا في الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.
وإذا كان جزء من الشعب المصري مازال يمارس هذه العادة نتيجة لغياب المعلومات العلمية والدينية والقانونية الصحيحة، ولسطوتها واستمرارها لسنوات طويلة، فإن واجب هذا النائب ومجلس النواب كله هو تشريع القوانين ومراقبة سياسات الحكومة التي من شأنها توعية الجمهور وإدانة المخالفين، وذلك من أجل حماية فئة ضعيفة في المجتمع ألا وهي الفتيات الصغيرات، وللقضاء على هذه الجريمة والوصول إلى مجتمع خال من ختان الإناث.